ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أمام الله

| 2010-12-05 10:19:55

أنت يااخي امام الله باستمرار‏,‏ ليس فقط في وقت الصلاة او في دور العبادة‏,‏ بل انت امامه في كل مكان وفي كل حين‏,‏ في مكتبك ووقت العمل‏,‏ وفي الشارع‏,‏ وفي البيت‏,‏ وحتي في حجرتك المغلقة‏,‏ نعم انت امام الله الذي يري ويسمع ويلاحظ‏.

‏>>‏ من الملاحظ عمليا في اخطاء الناس‏,‏ ان اي شخص يخطيء قد يستحي ان يخطيء امام الناس‏,‏ اوامام احد من محبيه لئلا تتغير ثقته عنه‏,‏ او حتي امام اعدائه حتي لايعيروه بذلك الخطأ‏,‏اولذلك يفضل الخطاة ان يرتكبوا اخطاءهم في الخفاء‏,‏ أو في الظلمة حتي لايراهم احد ولذلك قيل أمام الله عنهم انهم احبوا الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم شريرة فإن كان الخطأة يخجلون ان يخطئوا امام البشر امثالهم‏,‏ افلا يخجلون من ارتكاب الخطية امام اللله الذي يراهم؟‏!‏ يقينا انهم لو شعروا ـ اثناء خطيئتهم ـ انهم يفعلون ذلك امام الله‏,‏ لخجلوا وخافوا‏,‏ الا لو كانت درجة محبتهم للخطية‏,‏ او درجة استهتارهم‏,‏ اقوي بكثير من الشعور بالوجود امام الله‏.‏ او ان الخطاة ينسون انهم امام الله‏,‏ او يحاولون ان ينسوا ذلك‏,‏ او انهم يبعدون عن ذهنهم اثناء الخطية كل فكر يختص بالله وبوصاياه لذلك فأن الشيطان وهو يقود انسانا الي الخطية‏,‏ ينسيه اسم الله بالكلية‏,‏ وينسيه وصاياه‏,‏ وكما قال احد الادباء‏:‏ ان الخطية تسبقها الشهوة او الغفلة او النسيان‏.‏
لذلك نقول للخاطيء‏:‏إن كانت خطيئتك بالعمل‏,‏ اخجل من الله الذي يراك‏.‏ وان كانت خطية لسان فاخجل من الله الذي يسمعك وان كانت الخطية بالفكر او بمشاعر القلب‏,‏ اخجل من الله فاحص القلوب وقاريء الافكار‏,‏ نعم اخجل من الله الذي يقول لك في اعماقك‏:‏ انا عارف اعمالك
عليك ان تخجل ايضا من الملائكة التي تراك وتسمعك والتي تحيط بنا باستمرار‏,‏ وفي كثير من الخطايا البشعة التي لايحتمل الملائكة رؤيتها او سماعها‏,‏ وقد يحدث انهم يتركونك‏,‏ فتلتف حولك الشياطين وتتعبك‏.‏
عليك ان تخجل ايضا من ارواح القديسين وهم يرونك‏,‏ اخجل من ارواح اقربائك‏;‏ واصحابك وزملائك الذين انتقلوا من عالمنا‏,‏ و هم يرون ماتفعله وماتقوله‏,‏ وبعضهم كان يثق بك جدا‏,‏ وماكان يتصور انك تخطيء هكذا‏!‏ وكل اولئك مندهشون جدا مما يحدث منك‏!‏
والي جوار عنصر الخجل يوجد عنصر النسيان‏:‏ ففي وقت ارتكاب الخطية تنسي انك امام الله‏,‏ وتنسي انك بالخطية تكون في حالة انفصال عن الله بالفكر والقلب‏,‏ وأنك في حالة عدم شعور بوجود الله‏,‏ وعدم شعور بقدسيته‏,‏ وبنسيان كامل وصاياه‏.‏ وتكون أيضا في حالة نسيان للأبدية ولدينونة الله العادلة‏,‏ وفي الواقع أنت أمام الله الديان العادل‏,‏ ليس في السماء فقط‏,‏ وإنما أيضا هنا علي الأرض‏.‏
‏>>‏ وفي غير موضوع الخطية‏,‏ فإن الذي يدرك أنه أمام الله‏,‏ لاشك أنه يشعر بخشوع أمامه‏,‏ فنخشع أمام قوة الله‏,‏ وأمام لاهوته‏,‏ وأمام قدسيته‏.‏ ومن هنا يكون الشخص في حالة تواضع‏.‏ فإن الذي يحيط نفسه بالعظمة‏,‏ ويمشي في الأرض مرحا‏,‏ ويتكبر في علاقته مع الآخرين‏..‏ لاشك أنه لا يشعر أبدا أنه أمام الله الذي يرفض هذا التعاظم وهذه الكبرياء‏.‏ وذلك مهما حصل الانسان علي مناصب أو درجات‏.‏ وأذكر أنني قلت مرة في بعض أبيات الشعر‏.‏
قل لمن يعتز بالألقاب إن‏......‏ صاح في فخره من أعظم مني
أنت في الأصل تراب تافه‏....‏ هل سأنسي أصله من قال إني
ولذلك يا أخي لا تجلس بكبرياء ولا تمشي بكبرياء‏,‏ ولا تكلم أحدا بكبرياء‏.‏ لأنك في كل ذلك أمام الله الذي لا يسر بتعظمك‏.‏ بل عليك أن تقول في صلاتك‏:‏ أنا أخجل أمامك يارب من أن أعامل الناس بكبرياء أو بعظمة أو بسلطان‏,‏ ناسيا أنني تراب ورماد‏,‏ وأنهم خليقتك ورعيتك‏.‏
وبنفس الوضع يكون الانسان الحكيم متواضعا أمام الله في صلاته‏.‏ فيقول له‏:‏ من أنا يارب حتي أقف أمامك‏,‏ أو أتحدث إليك؟‏!‏ أنت الذي تقف أمامك الملائكة ورؤساء الملائكة وكل الأجناد السمائية‏...‏ هذا بعكس الذين في صلواتهم قد يشعرون بالبر لأنهم أتقياء ويصلون‏!‏ بل إن الذي يشعر في الصلاة أنه أمام الله القدوس البار‏,‏ الذي لا حدود لقدسيته ولبره‏,‏ إنما يشعر بهذا المصلي بخجل شديد في أنه يقف أمام الله ناسيا خطاياه الكثيرة التي نجس القلب بها‏,‏ لذلك فإنه يعترف بأنه أخطأ أمام الله ولم يخجل‏!‏ وأنه أخطأ كثيرا ثم تجرأ أن يقف أمام الله ويكلمه ناسيا ما فعله من أخطاء‏!‏
إن الذي يشعر أنه أمام الله‏,‏ لابد أن يكون حريصا جدا في معاملاته مع الناس‏.‏ وهو يشعر أنه أمام الله الذي ستر عليه ولم يكشفه في كل ما ارتكب من خطايا‏.‏ لذلك يحرص أنه يستر علي باقي الناس‏,‏ ولا يشهر بنقائصهم أو بخطاياهم‏,‏ لأنه بادراكه أنه أمام الله‏,‏ يقول له‏:‏ كما سترت علي يارب ينبغي أن أستر علي غيري‏.‏ وكما غفرت لي‏,‏ ينبغي أن أغفر لغيري إساءتهم‏.‏ ولا أحكم علي أفعال الناس‏,‏ لأنني انسان محكوم علي منك‏,‏ الذي يعرف كل أعمالي في العلن وفي الخفاء‏.‏
وفي الضيقة أيضا ينبغي أن يدرك كل متضايق انه أمام الله الذي يهتم به‏,‏ والذي هو قادر علي أن ينقذه وينجيه‏.‏ إن مشكلتنا في الضيقات أننا لا نري إلا الضيقة‏,‏ ولا نري الله الذي يحمينا منها‏!‏ والواقع أن الله كما يري خطايانا‏,‏ يري أيضا متاعبنا‏.‏ ولذلك في الضيقة ينبغي أن تدرك أنك أمام الله الحافظ والراعي والمعين والمنقذ‏.‏ وبهذا تطمئن ويملك السلام علي قلبك مهما حدث‏.‏
إن شعورنا أننا باستمرار أمام الله الذي يضبط حياتنا كضابط للكل‏,‏ ويراقبها‏,‏ هذا يجعلنا أكثر احتراصا في حياتنا‏,‏ لا نتسيب في شيء ولانخطيء‏.‏ مؤمنين أن الله يري كل ما نفعل‏,‏ ويسمع كل ما نقول‏,‏ ويطلع علي أفكارنا ومشاعرنا‏,‏ وكل تفاصيل حياتنا مكشوفة أمامه‏...‏ وفي نفس الوقت هو ليس فقط يراقبنا‏,‏ وإنما أيضا يعيننا‏.‏
بهذا الإيمان نحيا‏,‏ واضعين أمامنا في كل حين وفي كل مكان أننا أمام الله‏.‏
نقلاً عن الاهرام

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com