ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

تمثيلية أم كوسا!!

بقلم : أسامة كمال | 2016-07-17 17:08:56
 تقترب الساعة الآن من الثالثة من صباح السبت، حيث تم الإعلان عن فشل محاولة الانقلاب العسكرى فى تركيا وإلقاء القبض على المخطط له.. حسب وكالة الأناضول هو المستشار القانونى لرئيس الأركان التركية، العقيد محرم كوسا، وهبطت طائرة الرئيس التركى فى مطار إسطنبول، وتم احتواء الموقف تماماً.. قبل أقل من خمس ساعات كانت أخبار محاولة الانقلاب تتواتر مع بداية برنامجى «القاهرة 360» فبدأ زملائى فى فريق الإعداد التواصل مع مصادر متعددة فى تركيا للوقوف على حقيقة الأمور..
 
معظم المصادر التركية رفضت التعليق حتى بعيداً عن الشاشة، ولكن بدأنا نرى صورة مختلفة عن كل ما كان يتم الحديث عنه: إننا أمام تمثيلية يديرها «إردوغان» باحترافية شديدة لرسم صورة انقلاب عسكرى فى بلاده ينجح فيها الرئيس فى التعامل معه بمساعدة قوى الشعب، فيستعيد الكثير من شعبيته التى فقدها مؤخراً.. ولكن هذه النظرية عارضها ضيوفى فى الاستوديو والمصادر الأخرى، حيث كانت الأمور تسير فى اتجاه مواجهات دموية دعا لها «إردوغان»، وبدأنا نسمع عن قتلى هنا وهناك مما أضعف النظرية..
 
ولكن فيديو لدبابة تسحق السيارات فى الشوارع أثار انتباهى، حيث إنه لا يمكن أن تتعامل قوى تسعى للحصول على دعم شعبى بهذه الصورة التى تدفع الناس لكراهيتها وهى تحاول استمالتهم.. الدبابة تسير فوق سيارات خاصة وتدفع بسيارات أخرى أمامها.. ثم مواجهات بين المدنيين ورجال الجيش ومواجهات بين الشرطة والجيش.. كل هذا أعادنى إلى فكرة تمثيلية «إردوغانية» على غرار «حريم السلطان» وأشباهها من المسلسلات التى استهوت المشاهد العربى..
 
بعد انتهاء الحلقة بدقائق كانت محاولة الانقلاب قد ذهبت أدراج الرياح وتم قمعها فى ساعات قليلة وعاد «إردو» منتصراً مظفراً، وبالتأكيد فى اليوم التالى لكتابة هذا المقال وقبل نشره بيوم سيكون الرئيس التركى قد زاد من شعبيته محلياً وعالمياً بشكل مذهل، بعد أن ظهر بمظهر السلطان العادل الذى وقف شعبه معه فى مواجهة الجيش الظالم.. ستنتفخ أوداج السلطان وسيردد العبارات الرنانة عن قدرته على الوقوف أمام جبروت الجيش، وبالتالى سينفتح الطريق أمامه لتعديل الدستور الذى يقف عقبة فى طريق تحقيق أحلامه «السلطانية»..
 
فى الدستور الجديد لن يكون الجيش حامى علمانية الدولة وسيقبض الرئيس التركى على كل مقاليد الأمور فى البلاد دون مشاركة من رئيس الوزراء الذى أتى به «إردوغان» خصيصاً لتحقيق مآربه.. الآن وقد أعلن «أوباما» بعد تردد دام ثلاث ساعات دعمه للرئيس المنتخب، وكذلك فعل «بوتين» وفعلت الحكومات الغربية.. فهنيئاً لـ«إردوغان» انفراده بالشعب التركى بعد توقيع المصالحات السريعة والتطبيع مع إسرائيل وروسيا وسوريا فى الطريق، وما زالت مصر عصية عليه لأسباب نعرفها جميعاً ولكن المحاولات مستمرة..
 
عندئذ تذكرت فيلماً أمريكياً بعنوان «wag the dog» قام ببطولته داستن هوفمان وروبرت دينيرو عام 1997 تدور قصته باختصار عن رئيس أمريكى يواجه فضيحة جنسية، فقام مساعدوه بتغطيتها بأن أوهموا العالم بأن حرباً أهلية اندلعت فى ألبانيا مما دعا لتدخل القوات الأمريكية لمساندة الشعب الألبانى المقهور.. ولكن جندياً أمريكياً بقى خلف خطوط العدو حتى تم إنقاذه بعد انتظار طويل لعودته.. الفيلم يصور لكيفية الكذب على الشعوب وخلق أحداث مزيفة من أساسها لصرف النظر عن أمر آخر..
 
فهل شاهد معاونو «إردوغان» فيلم «wag the dog» وساروا على خطاه وأنتجوا محاولة انقلاب فاشلة؟ أم كانت بالفعل محاولة انقلاب قام بها العقيد محرم كوسا وفشلت خلال 12 ساعة فقط؟ بالتأكيد لن نعرف الإجابة وسيظل السؤال يدور فى ذهنى «تمثيلية أم كوسا؟»..
نقلا عن الوطن
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com