تولى محمد سعيد باشاابن محمد علي حكم مصر خلفًا لابن أخيه عباس الأول، وهو الرابع من أسرة محمد علي الذين تولوا الحكم، وتميز عهده بعدد من الإجراءات الإصلاحية التي وقفت إلى جانب الفلاح المصري، وأبرز أعماله حفر قناة السويس ..
سعيد باشا (و. 1822- ت. 1863)، هو والي مصر من 1854 إلى 1863 تحت حكم الدولة العثمانية. كان الابن الرابع لمحمد علي وكان ذو نزعة غربية حيث تلقى تعليمه في باريس..
وهو ابن محمد علي باشا، ولد سنة 1822م واختار له والده السلك البحري فدربه على فنون البحرية وجعل شأنه شأن تلاميذها، ولما أتم دراسته انتظم في خدمة الأسطول، واعتاد النظام الذي هو أساس الحياة العسكرية، وارتقي سعيد في المراتب البحرية حتى وصل في أواخر عهد أبيه إلى منصب "سر عسكر الدوننمه" أي القائد العام للأسطول. وقد امتاز سعيد بالعديد من الأخلاق الحميدة منها شجاعته وميله إلى الخير وتسامحه وحبه للعدل..
تولى سعيد باشا الحكم بقرار صادر من الباب العالى في الأسيتانة وقد حكم في الفترة ما بين 1854م حتى 1863م وقد ولد محمد سعيد باشا في الإسكندرية في عام 1822 م وأعتنى محمد على الكبير بتربيته ونشأته , وكان محمد سعيد يحب المصريين ويكره التراك والشراكسة , وكان يميل للأوربيين وخاصة الفرنسيين منهم وكان كوال فترة حكم والده محمد على باشا يعيش في الأسكندرية وكان يعيش في الأسكندرية في ذلك الوقت بيت القنصل الفرنسى في الأسكندرية وكان أبن نائب القنصل الفرنسى هو فردينان دي ليسبس , وكان سعيد اثناء طفولته يذهب للعب في بيت هذا القنصل مع ابن النائب فتوطدت الصداقة بين أبن نائب القنصل فردينان دي ليسبس وسعيد , وحدث أن نائب القنصل الفرنسى نقل إلى فرنسا وبالطبع معه إبنه إلى باريس.
ففي المجال الاقتصادي نجده قد خفض الضرائب على الأرض الزراعية ، وأسقط المتأخرات التي وصلت إلى 800.0000 جنيه فاستراح الفلاحون من أعباء الضرائب والمتأخرات التي كان عمال الجباية يرهقونهم للحصول عليها ، ومنح الفلاحين حق تملك الأرض طبقاً لقانونه الشهير "اللائحة السعيدية" الصادرة في 5 أغسطس سنة 1858 ؛ فشعر الفلاحون بالراحة والطمأنينة، علاوة على ذلك ألغى ضريبة الدخولية التي كانت تجبى على الحاصلات والمتاجر فكانت مصدر إرهاق للأهالي وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار واشتداد الغلاء فكان إلغاؤه لها تخفيفا عن الأهالي وتحريرا للتجارة الداخلية. كما قام بتطهير ترعة المحمودية وإتمام الخط الحديدي بين القاهرة والإسكندرية الذي كان قد بدأه عباس باشا. كما مد الخط الحديدي بين القاهرة والسويس وفتح للمواصلات سنة 1858 فعاد على ميناء السويس وعمرانها بالفوائد الجمة. كما اهتم بالملاحة التجارية الداخلية والخارجية فأنشأ شركتين للملاحة أحداهما نيلية (1854) والأخرى بحرية (1857).
وفي المجال الاجتماعي والثقافي أصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين وأصلح مجلس الأحكام بعد أن قام بعدة تغييرات في هيكله، كما أصلح القضاء الشرعي. كما منع نقل الآثار المصرية إلى الخارج التي كانت نهباً لتجار الآثار والمغامرين ، وجمعها في مخازن أعدت لها في بولاق. وأصلح جامع السيد البدوي في طنطا، وأصلح نظام الإدارة وأنهى الاختلاط الذي كان متبعاً في التقويم حيث كان هناك التقويم الهجري والميلادي والقبطي فحدد لكلٍ وظيفته.
أما عن إصلاحاته الحربية قام سعيد بتقصير مدة الخدمة العسكرية ثم عممها على جميع الشبان على اختلاف طبقاتهم، فجعل متوسط الخدمة سنة واحدة وبذلك أدخل في نفوس الناس الطمأنينة على مصير أبنائهم المجندين، وعلاوة على ما تقدم فإن سعيد باشا عنى بترفيه حالة الجنود والترفيه عليهم من جهة الغذاء والمسكن والملبس وحسن المعاملة وكان سعيد ميالا إلى ترقية الضباط المصريين.
كما أمر سعيد باشا بدخول أولاد مشايخ البلاد وأقاربهم في العسكرية، وكان نتيجة ذلك دخول أحمد عرابي وأمثاله في سلك الجندية، وهو الأمر الذي أدى إلى صدام بين المصريين والشركس في عام 1881، وقرار الخديوي توفيق بالاستغناء عن الضباط المصريين، وهو ما أدى إلى الثورة العرابية ثم الاحتلال الإنگليزي لمصر.
ولقد خاضت مصر في عهد سعيد باشا حربين الأولى حرب القرم التي استمرت بعد وفاه عباس باشا وأرسل سعيد باشا نجده إلى الجيش المصري واستطاعت تركيا وحلفائها بفضل بسالة الجيش المصري التفوق على الروس وإبرام الصلح بينهما سنة 1856م في مؤتمر باريس.
أما الحرب الثانية هي حرب المكسيك وقد تأخذك الدهشة في اشتراك مصر في حرب المكسيك بأمريكا إذ لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولكن كذلك شاءت ميول سعيد نحو نابليون الثالث إمبراطور فرسنا في ذلك العهد وصداقته له أن يلبي دعوته حينما طلب إليه أن يمده بقوة حربية مصرية تعاون الجيش الفرنسي بها..
من أقواله «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة» وقال ذلك بعد إغلاق المدارس العليا (الكليات) التي أنشأها والده. أسس البنك المصري في 1854 م.
فى مذكرات نوبار باشا عن دموع حاكم من حكام مصر سالت غزيرة منهمرة، لكنها سالت قبل أن يترك الحكم، وهو ما أعطى لها معنى شديد الخصوصية، كانت تلك دموع والى مصر سعيد باشا الذي أغرق البلاد في أزمات اقتصادية جسيمة بسبب ثقته بالمغامر الفرنسى ديليسبس، وقد رآه نوبار يبكى في ليلة تسبق سفره إلى باريس والباب العالى لمحاولة حل أزمات البلاد، اندهش نوبار، فقد كان يرى الوالى دائما مرحا غير مكترث بشىء، وعندما سأله عن سبب بكائه فوجئ به يقول «لقد خربت مصر، خربتها تماما، ماذا سيقولون عنى؟»، حاول نوبار أن يخفف عنه ويذكّره بإنجازات حقيقية فعلها لمصلحة الشعب الذى كان يمتلك أحلاما عظيمة من أجله، فهدأ سعيد قليلا وقال له «بلى، لقد فعلت كل شىء من أجل رفعة الشعب المصرى»، بدا نوبار في مذكراته خجلا لأنه لم يصارح سعيد بالحقيقة الكاملة، لكنه التمس العذر لنفسه لأنه كان يهدف إلى مواساته لا إلى إثارة شجونه، لكن طمأنة نوبار لم تُزِل مخاوف سعيد تماما، فقد ظل في أواخر أيامه مشغولا بما سيقوله التاريخ عنه، لدرجة أنه سأل خادمه عنترى وهو يصب عليه الماء خلال حمامه اليومى «عنترى، ألم تفكر أبدا ماذا سيقول التاريخ عنك؟ ألا تخجل أم أنك لا ترغب في أن يقول التاريخ بأنه كان هناك عنترى إلى جوار أمير كبير، وكان يستطيع أن يتكلم معه لكنه لم يفعل شيئا من أجل قريته ولا أهله؟أهذا ما تريد أن يقول التاريخ عنك؟»، يروى نوبار أن سعيد وسط انشغاله المحموم بما سيقوله التاريخ عنه، سأل مرة حلاّقه العجوز الحاج على عما سيقوله التاريخ عن عرفان رئيس خدم قصر الوالى، فأجابه الحاج إجابة عبقرية «سيدى، سيقول التاريخ إن عرفان كان يأكل ويشرب ويدخن وينام»، ودفع الحاج ثمن تلك الإجابة خمس عشرة ضربة بالعصا لأن عرفان كان يسترق السمع من وراء الباب.
عندما جلس محمد سعيد باشا على عرش مصر في عام 1854م أرسل رسالة إلى فرنسا ليستضيف فردينان دي ليسبس صديق طفولتة ابن نائب قنصل فرنسا الذى نقل إلى باريس في القاهرة وعندما حضر أصطحبة في رحلة إلى الأسكندرية ليستعيداً سوياً ذكريات طفولتهما , وفى هذه الأثناء عرض فردينان دي ليسبس فكرة أنشاء مشروع قناة السويس ووافق سعيد على هذه الفكرة على الفور. في عام 1856 م منح سعيد باشا حق امتياز شركة قناة السويس.
ذكرت المؤرخة إيريس حبيب المصري منح سعيد باشا حق امتياز حفر قناة السويس قد تم خلال رحلة صحراوية من غير تمحيص ولا تفكير، وقد علق ديلسيبس نفسه بشئ من السخرية على هذا الواقع فقال : " جمع سعيد باشا قواد جنده وشاورهم في الأمر , ولما كانوا على إستعداد لتقدير من يجيد ركوب الخيل ويقفز بجواده على الحواجز والخنادق أكثر من تقديرهم الرجل العالم المثقف فإنحازوا إلى جانبى , ولما عرض عليهم الباشا تقريرى عن المشروع بادروا إلى القول بأنه لا يصح أن يرفض طلب صديقه " وكانت النتيجة أن منحنى الباشا ذلك الإمتياز العظيم " كما أوردها عبد الرحمن الرافعى في كتابه فقال : " ولقد أسرف سعيد باشا في التساهل مع صديقة الفرنسى حتى لقد خول الشركة التى ألفها مزايا تجعلها تشارك الحكومة المصرية في حقوق ملكيتها وسيادتها " .
وقد رأى الأجانب أنفسهم فأـن مصر دفعت ثمناً باهظاً في حفر قناة السويس فيقول مسيو كوشيرى (Cocheris) الفرنسى : " إن بدء الإرتباكات المالة والتدخل الأوربى المشئوم في شئون مصر يرجع في الحقيقة إلى سنة 1854 وهي السنة التى منح فيها أمتياز قناة السويس إلى مسيو ديلسيبس".
وعندما بدأ البعض من حول سعيد باشا يلومه ويؤاخذه على إعطاء ديليسبس حق حفر قناة السويس بهذه الشروط كان يقول : " إنما أعطيت الإمتياز بلا ترو لصديق وهو فرنساوى , فخاطبوه أو خاطبوا حكومته، أما أنا فلا أستطيع سحب إمتياز أعطيته". ..!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com