ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

قراءة هادئة في ملف شائك (٥)

عماد جاد | 2016-07-12 14:58:58

سليمان شفيق
يعد الخلاف حول بناء الكنائس، اصلاحها وترميمها العامل الاول في احداث العنف الطائفي في البلاد. وعلى مدارالعقود الثلاثة الماضية جرى الحديث عن قانون موحد لتنظيم بناء دور العبادة وهو ما اعترض عليه شيخ الازهر مؤكدا عدم حاجته لقانون خاص بالمساجد لانه لاتوجد مشكلة اصلا في بناء المساجد واصلاحها، فجرى الاعلان عن اعداد قانون للكنائس بالتفاهم بين الدولة والكنيسة وقد تم اعداد القانون والدفع به الى مجلس النواب كي يناقش في الفترة القادمة فهو من القوانين التي نص الدستور على صدورها في دور الانعقاد الاول. وقد حصلت على نسخة من مشروع القانون الذي قدمت الحكومة لمجلس النواب، والسؤال هنا، هل تم إعداد القانون بالتفاهم بين الكنيسة والدولة ؟ هل تم أخذ ملاحظات الكنيسة بعين الاعتبار؟ هل يحقق القانون على النحو الذي قدم به الىمجلس النواب الهدف منه بتنظيم عملية بناء واصلاح وترميم الكنائس على نحو الذي يغلق هذا الملف وينهي صراعا مزمنا حوله ؟

قراءة متأنية لمواد مشروع القانون تقول بأنه لو صدر على النحو الذي قدمته الحكومة فسوفيثير مشاكل جديدة بأكثر مما يحل القائم منها، مشروع القانون متخم بالألغام، فقد غيرت يد الحكومة بعض المواد وبدلت في الصياغة ولم تأخذ باقتراحات ال الكنائس حول بعض المواد.

تبدأ الألغام مع المادة الثانية من مشروع القانون التي تقول " ....وفي جميع الأحوال يجب ألاتقل مساحة الكنيسة عن ٢٠٠ متر مربع وأن تكون المنطقة في حاجة لها" . تنطوي هذه المادة على لغمين الأول هو تحديد المساحة بمئتي متر كحد أدنى وهو امر يصعب من تلبية هذا الضرط لاسيما في القرى الصغيرة وبعض المناطق التي لا تتطلب او لا تتوافر فيها مثل هذه المساحة. أما اللغم الثاني فهو النص على ان تكون المنطقة في حاجة للكنيسة وهو تعبير فضفاض زئبقي يصعب ضبطه وتحديده ويعطي للقائمين على الأمر مساحة كبيرة من تدخل بالرأي الشخصي فيما اذا كانت المنطقة في حاجة الى كنيسة أم لا. وفي تقديري اننا بحاجة الى حذف لنص على المساحة واستبداله بعبارة مراعاة تناسب المساحة مع العدد وهو امر قابل للقياس.

نأتي الى المادة الرابعة من مشروع القانون الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب والتي تقول "......على المحافظ المختص البت في الطلب المشار اليه بعد التنسيق مع الجهات المختصة". وهوتعبير غامض فما هي هذه الجهات المعنية ولماذ لم يتم تحديدها بدقة حتى تعلم الكنيسة مع اي جهات تتعامل ؟ في تقديري ان غموض النص يكشف عن نوايا غير طيبة بالمرة حيث يمثل مدخلا لاستمرار امساك جهاز الأمن الوطني بالملف، وإذا كان أمن الدولة سببا رئيسيا في غالبية المشاكل الطائفية في العقود الماضية في عهدي السادات ومبارك، فأن تغيير مسماه الى الأمن الوطني لا اعتقد انه سوف يغير من رؤية وسياسات هذاالجهاز تجاه ملف الأقباط ككل، وسوف يستمر الجهاز أحد أهم مصادر التوتر الديني والطائفي في البلاد، ومن ثم لابد من حذف هذا النص الخاص بالجهات المختصة أو المعنية.

نأتي بعد ذلك الى المادة التاسعة والتي تنص على " تعتبر مرخصة ككنيسة المباني القائمة في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون متى ثبتت إقامة الصلاة والشعائر الدينية فيهابانتظام خلال الخمس سنوات السابقة على العمل بأحكامه". وهو نص يمثل خطورة شديدة على الكنائس القائمة منذ أكثر من خمس سنوات، فالمعروف ان الغالبية الساحقة من كنائس مصر تمت الصلاة بها دون الحصول على التراخيص نهائية نتيجة تلاعب جهاز أمن الدولة بهذه القضية فكان بعد ان يحصل على كافة الأوراق الرسمية الخاصة بالكنيسة، يطلب من المسؤول عن بناء الكنيسة مواصلة العمل دون ان يمنحه الترخيص، بل يحتفظ بأوراق الكنيسة لديه عامدا متعمدا حتى لا تمتلك الكنيسة الاوراق الرسمية والتراخيص اللازمة ومن ثم يمكن الضغط عليها في اي وقت. السؤال هنا اذا كانت الحكومة تعلم هذه الحقائق، فلماذاالنص على الاعتراف بالكنائس التي افتتحت خلال السنوات الخمس السابقة فقط، الا تعلم ان ذلك سوف يفجر مشاكل هائلة مع مئات الكنائس التي افتتحت قبل السنوات الخمس الماضية ؟

في تقديري ان مشروع القانون الجديد متخم بالالغام وسوف يفجؤ مشاكل باكثر مما يحل، وبالتالي لابد من مراجعة الحكومة لموقفها وان تدخل من التعديلات ما يجعل القانون الجديد يضع حدا للخلافات والمشاكل الناجمة عن عملية بناء واصلاح الكنائس حتى نغلق هذا الملف ونضع لبنة في صرح دولة القانون والمواطنة، والا نستمر في دوامة لا نهاية لها ندفع جميعا الثمن ومن قبلنا بلدنا.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com