* د. "عاصم الدسوقي":
- الطبقة الوسطى فى أوروبا نتجت عن الثورة الفرنسية.
- مجانية التعليم أنشأت الطبقة الوسطى فى حكم "محمد على".
- أول ضربة وُجِّهت إلى الطبقة الوسطى كانت مع بداية الاحتلال البريطاني.
- الطبقة الوسطى تعانى من العديد من الأمراض الاجتماعية.
كتبت: ميرفت عياد
أقامت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ندوة تحت عنوان "نشأة الطبقة الوسطى فى مصر وانهيارها"، قام بتقديمها المؤرِّخ د. "عاصم الدسوقي"- أستاذ التاريخ الحديث كلية الآداب جامعة حلوان- الذى أكِّد فى البداية أن أى مجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات هم: الطبقة العليا، والوسطى، والدنيا. وأن الطبقة بوجه عام يتم تحديدها بناءًا على مفهومان: أولهما- المفهوم الإقتصادي الذى حدَّده "كارل ماركس"، والذى يعتمد على مدى الملكية لوسائل الإنتاج والثروة. وثانيهما- المفهوم الإجتماعي، الذى يقسِّم الطبقات بناء على نوعية العمل، مثل طبقة الأطباء أو المعلمين، أو المهندسين، بغض النظر عن الغنى أو الفقر.
الثورة الفرنسية ونشأة الطبقة الوسطى
وأشار د. "عاصم الدسوقي" إلى زيادة الطبقة البرجوازية فى أوربا بعد الثورة الصناعية، ثراءً وقوةً، لأنها أصبحت تمتلك رأس المال التجاري والصناعي. موضحًا أن هذه الطبقة كانت تملك ولا تحكم، لأن الحكم كان لطبقة الإقطاع، ولذا جاءت الثورة الفرنسية التى رفعت شعار "الحرية.. المساوة.. والإخاء"- المقصود بالإخاء هنا، التساوى بين جميع المواطنين، بحيث لا يوجد أى تمييز فى الحقوق والواجبات على أساس ديني- وبهذا ساوت ما بين طبقة الإقطاع وطبقة البرجوازية فى حق كل منهما فى الحكم. وصنَّفت البرجوازية بأنها الطبقة الوسطى فى المجتمع الأوروبي الذى كان يقسِّم المجتمع إلى طبقتين فقط "عليا ودنيا".
الطبقة الوسطى صناعة حكومية
أما عن نشأة الطبقة الوسطى في "مصر"، فقال "الدسوقي": إن المجتمع المصري قبل حكم "محمد على" كان ينقسم إلى طبقتين هما طبقة العلماء ورؤساء الطوائف والأعيان، وطبقة أهل المدن والحرفيين والفلاحين. وعندما قام "محمد على" بمشروعه النهضوي، وأقرَّ مجانية التعليم، نشأت الطبقة الوسطى التى قوامها أبناء الطبقة العليا والدنيا معًا، حيث أخذ "محمد على" أولاد الفلاحين الأذكياء ليتلقوا تعليمهم بالمجان، وبعد انتهاء دراستهم، تم تعيينهم في الوظائف المختلفة، وبعضهم انضم إلى البعثات الخارجية، ومن هنا نشأ ولاء هذه الطبقة الوسطى للدولة مصدر خيرها ونعيمها، لأنه منحتها مجانية التعليم.
الاحتلال وانكماش الطبقة الوسطى
وأكَّد "الدسوقي" أن أول ضربة وُجِّهت إلى الطبقة الوسطى، كانت مع بداية الاحتلال البريطاني عام 1882 على "مصر"، حيث رفض الاستعمار فكرة مجانية التعليم، وفرضت السلطات البريطانية رسومًا عالية على التعليم، وبالتالي اقتصر التعليم على أثرياء القوم والقادرين ماليًا على مواجهة مصاريفه المبالغ فيها. مشيرًا إلى أنه نتيجة لذلك، عمل أولاد الفقراء وغير القادرين بالحرف المختلفة، وأخذت الطبقة الوسطى التي صنعها "محمد علي" تنكمش بالتدريج، إلا أنه مع قيام ثورة يوليو 1952، بدأت الطبقة الوسطى تستعيد انتعاشها مع تقرير مجانية تعليم، الأمر الذى أعاد للطبقة الوسطى جميع روافدها، وانتعشت، وأصبح لها دور فى السلم الوظيفى، مما أشعرها بالأمان كونها تحت مظلة الحكومة. ونشأ القطاع العام، وسياسة توظيف الخريجين.
الطبقة الوسطى تتجمد
وأوضح "الدسوقي" فى نهاية حديثه، أن متاعب أبناء الطبقة الوسطى بدأت تظهر مرة أخرى على السطح مع سياسة الانفتاح الإقتصادي التى أطلقها الرئيس الراحل "محمد أنور السادات"، ومع ترك أبناء الطبقة الوسطى يعانون من عدم مجانية التعليم، ومن اقتصاديات السوق وقانون العرض والطلب، الأمر الذى أدَّى إلى تشرد الكثيرين، ومعاناة الشباب من شبح البطالة، والرغبة فى الهجرة. وأضاف: "لعل ما زاد أمر الطبقة الوسطى سوءًا، إنها تعاني من العديد من الأمراض الإجتماعية، منها إنها طبقة غير ثورية ولا تبحث عن حقوقها بالقدر اللائق، كما إنها طبقة تطلعية وصولية، تنظر بحقد لمن يعلوها في المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي، وتنظر بدونية إلى الأقل منها في المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com