بقلم: عماد توماس
هناك قول شهير للمتنبي عندما زار مصر قال " وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء" فبعض التصريحات الصحفية قد تثيرك بالضحك حتى الغثيان، مثل تصريح المصدر الامنى في جريدة "الأهرام المسائي" يوم الخميس 25 نوفمبر 2010 أن الطالب القتيل لقي مصرعه متأثرا بإصابته بحجر من أحد زملائه!! وأن أقباط العمرانية لم يتعرضوا لاى اعتداء من جانب قوات الأمن أو اى شخص من المسلمين، وان إصابات الأقباط من الحجارة التي كان يلقيها بعض العمال والمحتجين من الأقباط من فوق الكنيسة ولم يتم إطلاق سوى قنبلة واحدة مسيلة للدموع!!
ثم جاءت الشقيقة الكبرى "الأهرام" ونشرت يوم الجمعة 26 نوفمبر 2010 فى صفحة "الفكر الديني" تحقيقا صحفيا ترد فيه على تقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية التي تصدر تقريرا سنويًا عن الحالة الدينية وحقوق الأقليات في دول العالم ومنها مصر، استطلعت فيه رأى عدد من علماء الأزهر منهم الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف الذي اعتبر "إن ما جاء في التقرير كلمة حق يراد بها باطل مشيرا إلي أن أمريكا تفرض قيودا علي المسلمين في سفرهم وتتعامل بعنصرية بالغة مع الأقليات الإسلامية في الولايات المتحدة, أما الكنائس في مصر فهي مشرعة الأبواب وتحظي بالحماية ويعيش الأقباط في امن وأمان ولا توجد فتنة طائفية...وان مصر تسير علي طريق الديمقراطية والحرية الدينية" !!
واعتبر وكيل أول وزارة الأوقاف وجود 10 من الأقباط مرشحين على قوائم الحزب الوطني ابلغ رد علي كل تلك المزاعم الزائفة حول وجود تمييز ديني في مصر, وأن الأقباط ممثلون في مجلس الشعب ولهم الحرية الكاملة في كنائسهم ومعتقداتهم وأوقافهم التي ردت إليهم منذ سنوات طويلة, ويمارسون حياتهم في شتي المجالات.
ناهيك عن كلام فضيلة الشيخ بان أمريكا تفرض قيودا علي المسلمين في سفرهم وتتعامل بعنصرية بالغة مع الأقليات الإسلامية في الولايات المتحدة، فلست في حل أن أدافع عن أمريكا، لكنى اكتفى بالتعليق على ماذكره فضيلة الشيخ من عدم وجود تمييز ديني في مصر ضد الأقباط، ولست اعلم هل وكيل وزارة الأوقاف يعيش داخل مصر أم في مكان آخر، فلم يعد السؤال هل يوجد تمييز أم لا ؟ فقد تخطينا مرحلة إثبات وجود التمييز الديني، والاختلاف حول هل ما يحدث للأقباط تمييزا دينيا أم اضطهادا منظما؟
وهل نسبة الأقباط المرشحين في الانتخابات التشريعية الحالية الأقل من عن 1,5% ( واحد ونصف في المائة) فإذا نجع أربعة منهم ستكون النسبة نصف في المائة هل هذا تمثيل مشرف للحزب المدعو بالوطني !! وهل هذا " ابلغ رد علي كل تلك المزاعم الزائفة حول وجود تمييز ديني في مصر" !!
وأين هي الحرية الكاملة في كنائس الأقباط ومازلنا حتى الآن نحتكم إلى شروط العزبى باشا العشرة المجحفة منذ عام 1936 في بناء اى كنيسةـ تغيرت قوانين وألغيت وأضيفت قوانين أخرى ومازالت شروط العزبى قابعة على رؤوسنا
هل يصدق احد انه لكي تبنى كنيسة عليك الحصول على موافقة وزارة الري والسكة الحديد إذا كانت الكنيسة قريبة منهما وإذا كانت الكنيسة المراد بناءها بين مساكن المسلمين فيجب اخذ الموافقة منهم
ولابد أيضا من معرفة هل هناك كنيسة قريبة لنفس الطائفة وكم عدد أفراد الطائفة المذكورة الموجودين بهذه البلدة وغيرها من الأمور التي يستحيل أن تتوافر لبناء كنيسة واحدة في مصر
لم اسمع ولم اقرأ ولم أشاهد أن حي العمرانية القريب من شارع الهرم قام بهجمة عنترية مستخدما عشرات العربات المحصنة بالآلاف الجنود من الأمن المركزي لمنع بناء ملهى ليلى "كبارية" من ملاهي شارع الهرم ، ولا اعتقد أن الجماهير ستثور في حال توسعة ملهى ليلى أو بناء أخر جديد!!
وبحسب الموقع الرسمي لمحافظة الجيزة فان عدد المساجد التابعة فقط لحى العمرانية 371 مسجدا (338 مسجدا حكوميًا و 33 زاوية غير المساجد الأهلية) مقابل 9 كنائس للطوائف المسيحية الثلاثة اى بنسبة 2,4% رغم أن العمرانية بها نسبة كبيرة من المسيحيين.
لم نسمع أن إدارة حي العمرانية أو المحافظة قد اعترضت على بناء اى مسجد من الــ 371 مسجدًا ولم نرى أن قوات الأمن ذهبت للاعتراض على بناء مسجد مخالف للمواصفات الهندسية !!
فأين هي "الحرية الكاملة في كنائسهم ومعتقداتهم وأوقافهم " التي يتحدث عنها فضيلة وكيل وزارة الأوقاف!!
ويعوزني الوقت للحديث عن التمييز الديني للأقباط المسيحيين في عدم وجود عميد واحد لجامعة مصرية أو عدم وجود أقباط في مناصب في الوزارات السيادية، بجانب التمييز الديني في التعليم والإعلام والقانون.
تقرير لجنة الحريات الأمريكية
لم يكن هناك اى جديد في رفض وزارة الخارجية المصرية التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول وضع الحريات الدينية في العالم ومنها مصر، والذي أدان التقرير مصر في ممارستها للتمييز الديني ضد الأقليات الأقليات (الأقباط-البهائيين-الشيعة-القرآنيين..الخ) وخصوصا الأقباط في الوظائف الحكومية وعدم القدرة على بناء وترميم دور العبادة ومضايقة المتحولون من الإسلام إلى المسيحية وعدم مقاضاة مرتكبي العنف ضد المسيحيين الأقباط في عدد من الحالات ، بما في ذلك بهجورة وفرشوط ، ومرسى مطروح. وهى كلها أمور لا تحتاج لتقرير امريكى فقد رصدتها بأكثر دقة مراكز حقوق الإنسان بمصر ومنها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
أليس كل هذه الحوادث التي رصدها التقرير بالإضافة إلى نجع حمادي وحرق بيوت المسيحيين في أبو تشت والأنباء الواردة عن إزالة الكنيسة الإنجيلية بالأقصر بدون تعويض مناسب، وأخيرا أحداث العمرانية ترد على زعمه بان" لا توجد فتنة طائفية...وان مصر تسير علي طريق الديمقراطية والحرية الدينية" !!
فيبدو أن فضيلة الشيخ نسى أو تناسى أن الديمقراطية وحقوق الإنسان أصبحت شأنا عالميًا وان المنح والإعانات التي تهديها الدولة المتقدمة للدول المتخلفة-والتي نطلق عليها تأدبا النامية- تشترط نمو مبادئ حقوق الإنسان منها الحريات الدينية ، وان هناك مراجعة دورية للأمم المتحدة للدول تقدم فيها تقريرا عن ما تم انجازه في مجال الحريات ومنها حرية الدين والمعتقد، وتقدم منظمات حقوق الإنسان تقريرا عن الانتهاكات التي حدثت.
وإذا لم تنصف هذه الدول الأقليات والمظلومين فهناك الاله الديان الذي يقضى بالعدل ويجازى كل فرد بحسب أعماله.
آخر الكلام
مثلما بدأنا هذا المقال بقول المتنبي، نختم بقول الشريف قتادة " بلادي وإن هانت على عزيزة
ولو أنني أُعَـرى بها وأجوع"
رابط التحقيق بصحيفة "الأهرام
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com