بقلم: حمدي الحناوي
حين تفاجئنا الأحداث يجب ألا نتجاهلها. وقد فاجأتنا أحداث الهرم، ولهذا أقطع تسلسل رؤيتى لأتناولها.
لم يكن ما جرى غير متوقع تماما، فالاحتكاكات حول بناء دور العبادة تكررت كثيرا، وتكاد تكون قاسما مشتركا بين جميع وقائع ما يسمى الفتنة الطائفية فى السنوات الأخيرة. وفى كل مرة يتفجر الموقف ويتكرر نفس السيناريو. يتضمن المشهد فى النهاية ما يسمى أحداث شغب، ويتضمن تدخل سلطات التحقيق وتوجيه اتهامات بإتلاف الممتلكات، والتسبب فى إصابات وغير ذلك. وكل هذا لأن مواطنين مصريين يحاولون إقامة بناء يؤدون فيه شعائرهم الدينية.
لا أفهم لماذا تتلكأ الدولة فى إصدار قانون تنظيم بناء دور العبادة خاصة وانه كما يقال تمت صياغته وينتظر إجراءات إصداره. ومهما يكن، فإن تأخر صدور القانون، ينبغى ألا يكون مبررا للتمييز بين المصريين بشأن ممارسة حق العبادة. والملاحظ أن أى مسلم يستطيع أن ينشئ أسفل عقاره زاوية يسميها مسجدا، وقد يكون ذلك بدون ترخيص. وأقصى ما يحدث هو اعتبار البناء مخالفا للترخيص، ويحرر محضر بسيط يعالج بطريقة ما، وقد يتم التجاوز عنه. وفى جميع الأحوال لا أعرف أن زاوية تمت إزالتها علاجا للمخالفة.
ما جرى فى واقعة الهرم كانت بدايته مخالفة بناء، ومهما كان حجمها كان يمكن معالجتها فى تلك الحدود، وفى هذه الحالة يسمح القانون بتعديل الترخيص، والمسألة تتوقف على مرونة الجهة المسئولة. ويقال أن هناك خشية من الاحتكاكات بعد ذلك مع الأهالى، وهذه مسألة تعالج إن حدثت، أما الآن فلا يصح التذرع بالاحتمالات. هنا تمييز فى المعاملة لا يمكن تبريره، والمسئول هو الدولة، لا بتراخيها فقط فى إصدار القانون، بل لأنها عودتنا أن تعالج كل مشكلة صغيرة بتدخل كبار المسئولين، وهى دعوة مباشرة لتكرار نفس السيناريو.
مهما يكن، فالرد المناسب لم يكن مجاراة الدولة وتكرار السيناريو الذى عودتنا عليه، فالدخول فى اشتباكات يؤدى دون قصد إلى تخريب الممتلكات، ويجعل الباب مفتوحا لتوجيه اتهامات تسئ إلى صورة الأقباط. والأحرى أن يتم ترتيب وقفة لمواجهة المشكلة من جذورها، بدلا من مواجهة كل حالة على حدة. أما الوقفة الذى يمكن ترتيبها، فتحتاج إلى مناقشة.
أرى أن يوجه نداء إلى المصريين بشأن عدم التمييز فى مجال حق العبادة، ومناشدة المستنيرين منهم أن يتضامنوا مع الأقباط للاحتجاج على تأخر صدور القانون الموحد لدور العبادة والمطالبة بسرعة إصداره. وفى الوقت ذاته يمكن توقيع بيان موجه إلى الدولة، يطالبها بسرعة إصدار القانون. وتصحب ذلك مناقشات وندوات يتفق عليها مع مؤسسات مدنية كثيرة أعتقد أنها لن ترفض المشاركة. وتتم متابعة الموقف بعد ذلك فلا ينتهى الأمر إلا بإصدار القانون.
فى حالة عدم الاستجابة يمكن تنظم احتجاجات سلمية، يشارك فيها المسلمون والأقباط، وهذا متروك لحينه. المهم أن يكون التركيز الآن على مخاطبة الدولة والمسلمين المستنيرين والحريصين على حرية هذا الوطن وتقدمه، وأن يكون التحرك إسلاميا قبطيا، ولا يكون قبطيا فقط. وأنا واثق من استجابة كثير من المسلمين لهذا النداء.
أرى أن تنظم صياغة النداء وإصداره ونشره فى الصحف الكبرى وفى الفضائيات، لا فى هذا الإصدار الصحفى للأقباط المتحدين وحده. والآن أدعو إلى التطوع لتكوين لجنة تنظم هذا الأمر، ويشرفنى أن أتطوع لأكون عضوا فيها، وأترك كل التفاصيل لمناقشتها فى حينها.
ليس من مصلحة الدولة ولا من مصلحة أى مصرى أن يتأخر صدور هذا القانون، وعلينا أن نكون عمليين، وأن نتخذ موقفا حاسما وطنيا وديمقراطيا بدون أى عنف للتعجيل بإصداره.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com