اهتم الأدباء بكتابة حكايات بطلها الشيطان مجسدا بعيدا عن الرمزية في عدد كبير من الروايات والقصص القصيرة، ومن بين الذين أفردوا مساحات كبيرة للكتابة عن الشيطان، الأديب توفيق الحكيم، فمجموعته القصصية "أرني الله" ضمت 3 قصص بطلها الشيطان، هي "الشهيد" وفيها يتحدث عن ماذا لو أراد الشيطان التوبة، حيث يذهب الشيطان إلى بابا الفاتيكان، وحاخام اليهود ولشيخ الأزهر، رغبة منه في الابتعاد عن الشر، مرددا "إني أتوق إلى طعم الخير.. لا تحرموني مذاق الخير لحظة"، لكن تُقابل محاولاته بالدهشة ثم الرفض، حتى أنه يصعد للسماء ويقابل "جبريل" الذ يؤكد له أن وجوده ضروري ليصبح للخير معنى، فيمتثل لأمره معتبرا نفسه "شهيد".
أما القصة الثانية فترك فيها الحكيم العنان لخياله في "وكانت الدنيا"، في بدايتها يؤكد أن قصة نشأة الدنيا معروفة إذ جاءت في الكتب السماوية ولا سبيل إلى الشك فيها، موضحا أن "خيال الروائي يجنح أحيانا لاختلاق صور أخرى للحادث الواحد"، ويحكي القصة من وجهة نظر خياله، وبطلها الأساسي "عزازيل" أو "إبليس".
بينما حملت الحكاية الثالثة اسم "امرأة غلبت الشيطان"، وهي الحكاية التي تم تحويلها لفيلم تحت عنوان "المرأة التي غلبت الشيطان"، وتحكي عن امرأة دميمة تعيش خريف العمر يعقد معها الشيطان صفقة أن تسلمه روحها ليذهب بها إلى جهنم، مقابل أن يمنحها الشباب والجمال ومتع الحياة خلال 10 سنوات، ويحررا صك بدمها، لكنها وقبل انتهاء المدة تزهد الدنيا ومتعها، وتطلب منه أن يذيقها متعة الروح في الوقت المتبقي من الـ10 سنوات، فتغرق في العبادة والتأمل وعندما يأتي أجلها يذهب الشيطان ليأخذ روحها معه، فتمنعه الملائكة وتأخذ روحها إلى الجنة.
واستعان صناع السينما والدراما التليفزيونية باسم الشيطان في عدد كبير من عناوين الأفلام والمسلسلات، والتي في معظمها تشير إلى الأفعال السلبية، الشقاوة، أو كيف يتحول بعض البشر لـ"أبالسة" يطبقون مبادئ الشيطان ويفعلون أفاعيله، مثل "الشياطين في اجازة"، "الشيطانة التي أحبتني"، "الشيطان امرأة"، "أصدقاء الشيطان"، "الشيطان يعظ"، "وثالثهم الشيطان"، "ابن الشيطان"، "حدائق الشيطان"، و"أفراح إبليس"، لكن لم تشهد السينما المصرية أعمال بنفس القدر تجسد الشيطان:
- سفير جهنم:
تم إنتاج الفيلم عام 1945، وأدى دور الشيطان الفنان يوسف وهبي، وفيه يحاول استقطاب أفراد "عائلة رمضان" ويقوم بدوره فؤاد شفيق، ليثبت سيطرته على البشر، فيحاول أن يغوي الأب والأم والابن والابنة بالمال والشباب، حتى يستفيق كل منهم، ويكتشفوا أنه "كابوس" وليس حقيقة.
- موعد مع إبليس:
في فيلم "موعد مع إبليس" عام 1955، جسد دور الشيطان الفنان محمود المليجي، يظهر في صورة إنسان يُدعى نبيل، الذي يعقد صفقة مع طبيب فقير يؤدي دوره الفنان زكي رستم، ويساعده ليصبح طبيب مشهور ثري، مقابل أن ينفذ له ما يريد، لكنه يتراجع بعدما معرفة حقيقته.
- المرأة التي غلبت الشيطان:
في عام 1973، قدمت السينما فيلم مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب توفيق الحكيم، عن امرأة تعقد صفقة مع الشيطان ولكن في النهاية تنتصر عليه بعدما تعود لرشدها وتبتعد عن طريق الرذيلة وتعرف الطريق إلى الإيمان، وتنقي روحها من شوائب الدنيا، ويلعب الفنان عادل أدهم في الفيلم دور الشيطان.
أما الدراما فغاب عن صناعها هذا الموضوع، لكن الجمهور على موعد في 2016، مع تجسيد الفنان يحيي الفخراني دور الشيطان في مسلسله الرمضاني "ونوس"، وهو اسم الشخصية التي يظهر بها في الأحداث، ليسهل عليه غواية عائلة "ياقوت" ويقوم بدوره الفنان نبيل الحلفاوي، فهل ينجح فيما فشل فيه الشيطان في "سفير جهنم" و"موعد مع إبليس".
الشيطان نصاب
وعن تجسيد الفخراني للشيطان، تقول الناقدة ماجدة خير الله لـ"مصراوي": "أكيد سيكون شيء مبهر لأنه ممثل متلون ومحترف يختار أدواره بعناية"، مشيرة إلى أن قديما عندما تم تجسيد الشيطان كان يؤدى بشكل قميء، مضيفة "يفترض العكس، فالشيطان عند تجسيده لابد أن يكون شخص ظريف وناعم لو شكله مخيف من البداية سينفر الناس منه وستفشل خطته، بينما يريد هو الاقتراب منهم ليأخذهم لعالمه، مثل النصابين والأشرار".
وأضافت ماجدة "المنطق الذي اتبعوه في السينما الكلاسيكية القديمة فرض عليهم أن يكون الشيطان سيء المنظر، لكن اعتقد أن الفخراني سيقدمه بطريقة ظريفة".
وتابعت "شخصية الشيطان قُدمت من قبل اعتقد في مسلسل ديني اسمه محمد رسول الله، ولعب الدور الفنان السيد راضي"، نافية أن يكون "الدين" سببا في عدم اقتراب الدراما التليفزيونية من شخصية الشيطان، مستدلة على ذلك بأن الشخصية قُدمت في السينما أكثر من مرة وهي الأفلام التي يعرضها التليفزيون.
وثيقة الشيطان
أما الناقد محمود قاسم فأكد أن الشيطان تم تجسيده أكثر من مرة في السينما المصرية والعالمية، مضيفا في تصريح خاص لـ"مصراوي": "فكرة المسلسل ليست بجديدة، حيث رأينا الكثير من الأعمال التي يوقع فيها إنسان وثيقة مع الشيطان ليوفر له المال والشباب".
وعن آداء الفنان يحيي الفخراني لهذا الدور، قال "الفخراني عمل دور الشيطان الشرير اياغو في عطيل، عندما تم تقديم القصة في فيلم الغيرة القاتلة إخراج عاطف الطيب، وقالوا إن عينه طيبة لا يمكن أن تعكس الشر بداخل الشخصية، لكن الشكل لا يؤثر فحسب مهارات الممثل يستطيع أن يقنع الناس أنه الشيطان".
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com