مقال رئيس تحرير الأهرام أمس، الجمعة، عن الضغوط الإقليمية والدولية لإعادة تقديم الجماعة، هو مقال بالغ الأهمية نظراً لمنصب كاتبه ومكانة الجريدة التى تُعتبر اللسان الرسمى للدولة، وأيضاً لخطورة الهواجس التى يطرحها والتى من المؤكد أن لها ظلاً فى الواقع، ولا بد له من طرح مجتمعى ومناقشة شاملة لا تضم النخب فقط، ولكن يجب أن تضم أيضاً الشعب بكل طوائفه، الفاشية الدينية عموماً والإخوان خصوصاً يريدون العودة، ومن الممكن أن ينجحوا من خلال ذاكرتنا المثقوبة السمكية سريعة النسيان، والتى يساهم فيها إلحاح آلتهم الإعلامية الجهنمية عبر لجانهم الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعى، ويساهم فيها على الجانب الآخر كسلنا الإعلامى فى تذكير الناس بجرائمهم البشعة، خاصة بعد 30 يونيو، فحتى الخمس دقائق التى كانت تقدمها بعض الفضائيات تحت مسمى «حتى لا ننسى» صارت من الذكريات وتم حفظها فى الأدراج، يجب ألا تنطلى علينا تلك الألاعيب الإخوانية، ويجب ألا نرضخ مهما كانت الضغوط لإعادة مجرمى تلك العصابة الفاشية وزرعها ثانية فى جسد الوطن، وهنا يجب توضيح بعض النقاط للبعض الذين انطلى عليهم معسول كلام الإخوان ودموع تماسيحهم:
1- تصريحات «الغنوشى» حول فصل الدعوى عن السياسى... إلخ هى تقية إخوانية معروفة، والأيام بيننا، فلا توجد حمائم وصقور فى الفاشية الإخوانية، كلهم ضباع، ولنا فى الإخوان الذين كان يسوقهم الليبراليون من عاصرى الليمون لنا على أنهم ملائكة الوسطية مثل البلتاجى عبرة، ماذا حدث عندما دخلنا فى الجد وهبطنا على أرض الواقع؟ ظهر الوجه الدراكولى وخلع قناع الابتسامة الصفراء المرسومة على المقاس فكان التهديد والوعيد بتوقف الإرهاب الإخوانى فى سيناء فى نفس اللحظة التى يفرج فيها عن مرسى الذى كانوا يسوّقونه أيضاً كرمز ديمقراطى، إنها المساومة الإخوانية التى بدأت مع عبدالناصر على تقسيم كعكة الثورة فاغتصبوا وزارة دوناً عن جميع الأحزاب وجلس سيد قطب مدللاً على حجر النظام وقتها، وهو الذى روّج للعصف والتنكيل وحرّض الضباط على إعدام خميس والبقرى... إلخ، وبالطبع وبسياسة «تدى له صباعك ياكل دراعك» المعروفة عن الإخوان لم يقنعوا بهذا الجزء وتلك الحصيلة من الغنيمة فحاولوا اغتيال عبدالناصر نفسه فى المنشية، أى إن مصالحة الإخوان ليست الأولى الآن لكى يطلبوا منا التجريب هذه المرة، فمحاولات الصلح والاحتواء قديمة وكلها للأسف فشلت، بعد عبدالناصر أفرج عنهم السادات واستخدمهم فى ضرب اليسار وبالطبع ارتضوا هذا الدور وقدموا أنفسهم مخلب قط للسادات وهراوة لأمن الدولة يضرب بها الناصريين والشيوعيين، نجح السادات فى تلك المهمة، ولكن بعد أن جعل خده مداساً ووطنه منصة انطلاق إخوانية ودعم الأفغان وطرد الروس، تحول مخلب القط إلى مخلب نمر وناب ضبع فافترس السادات نفسه، جاء دور مبارك ليعقد الصفقة ويترك لهم الشارع وعقل الأمة ويغازلهم بأكثر من ثمانين كرسياً برلمانياً، ولكن عندما كوّش على ترابيزة قمار الانتخابات الأخيرة كلها وجعل الروليت كله فى عبه، تآمروا عليه بعد أن وصفه المرشد بالأب وأعلن أنه يناصر ويدعم جمال مبارك رئيساً وريثاً.
2- برغم اقتناعى بأن ما يفعله الغنوشى توزيع أدوار ومسرحية تقية فإننى أذكركم دائماً بأن الفكر الفاشى التونسى المخلوط بسماد فرنسى مختلف بعض الشىء فى التكتيك والأسلوب وليس الهوية والأيديولوجيا عن الفكر الفاشى المصرى المختلط بسماد وهابى وهو الأصل والجذر والمنبع والمركز منذ أن زرعه ورعاه حسن البنا، الغنوشى الذى يتحدث الفرنسية بطلاقة كشعراء باريس مختلف عن مرسى الذى برغم سفره لأمريكا ما زال يعيش مناخ دونت ميكس جاز آند آلكهول!!، الغنوشى الذى تنزه فى الشانزليزيه مختلف عن مرسى الذى أغلق عليه حجرته ليشاهد قناة «اقرأ» حصرياً وهو فى أمريكا!! التربة مختلفة لذلك وجدنا اللؤم من إخوان تونس والتكتيك الهادئ والمرونة المخططة الكامنة انتظاراً للحظة الانقضاض التى وصلت إلى درجة عدم النص على أن شريعة الدولة التونسية ودينها هو الإسلام فى الدستور.
3- لندن وواشنطن، ومعهم البعض فى السعودية وبالطبع قطر، يضغطون فى اتجاه عودة الإخوان، ما زالت لندن وواشنطن ومعهم بعض دول أوروبا مقتنعين يتلبسهم وسواس قهرى وهلاوس وضلالات أن الإخوان هم الفصيل الوحيد الذى يستطيع حكم مصر!!، برغم ما حدث فى 11 سبتمبر فى أمريكا من أحفاد فكر الإخوان وحاملى لواء الفاشية الدينية، برغم الدماء والأشلاء والصدمة والهزة الاقتصادية إلا أن أمريكا خرجت بفلسفة غريبة وعجيبة، بدلاً من قص جذور الإخوان التى ترعرعت قاعدة وداعشاً وجهاداً وبوكو حراماً... إلخ، اتجهت إلى الحل السهل وهو تصدير الصداع إلى هذه المنطقة، عالجت السرطان بمسكّن، وأزاحت الجثة إلى القرية المجاورة كما كان يحكى توفيق الحكيم وكنست تراب الإرهاب تحت طرف السجادة فتراكم قنبلة نووية، لذلك يجب تكثيف جهودنا وحشد طاقاتنا الإعلامية فى مخاطبة الخارج بلغة مختلفة عما نحدّث به أنفسنا فى جلسات نميمة التوك شو.
4- تدجين الإخوان من خلال أجهزة الأمن شىء مستحيل، واستنساخ شكل مودرن من عصابة الإخوانجية أشبه بمحاولة استنساخ كيم كارديشيان من وجدى غنيم!! يجب أن نفكر جدياً فى كيف نحول بلدنا إلى دولة مدنية حقيقية وليست دولة دينية ببوتوكس مدنى ومساحيق تجميل علمانية.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com