ضربة عنيفة تعرض لها أصحاب المؤهلات المتوسطة فور إعلان المجلس الأعلى للجامعات قرار إلغاء التعليم المفتوح بنظامه الحالى، وإقرار نظام جديد يمنح دبلومات مهنية بنظام الدراسة لمدة عام أو عامين، ليُحرم أصحاب المؤهلات المتوسطة من فرصة تعليم كانوا يجدون فيها مستقبلاً جيداً ينتظرهم، ليقضى على آمالهم وأحلامهم التى لم تقُدهم الظروف لتحقيقها، لم يغضب هؤلاء فقط من القرار، بل إن كتلة كبيرة من أساتذة الجامعات رفضوا قرار وزير التعليم العالى الدكتور أشرف الشيحى معتبرين إياه خطوة غير جيدة تهدم نظاماً تعليمياً موجوداً بدلاً من تطويره ليواكب التطورات الموجودة فى الجامعات الدولية، واصفين القرار بأنه غياب للرؤية فى تطوير التعليم العالى فى مصر، فيما أحدث القرار حالة من القلق بين الطلاب المقيدين فى النظام القديم خوفاً من أن يؤثر عليهم فيما بعد فى سوق العمل بعد تصويره على أنه تعليم مهنى وليس أكاديمياً، ومنذ تأسيس نظام التعليم المفتوح فى مطلع التسعينات، أسهم فى انضمام الآلاف من الدارسين إلى الجامعات المصرية، بعدما فقدوا تلك الفرصة عقب الحصول على مؤهل متوسط، فكان الهدف من وجود التعليم المفتوح هو إتاحة فرصة التعليم العالى للكبار أو من فاتهم قطار التعليم، لكن نظام التعليم المفتوح قد تعرض فى السنوات الأخيرة لحالة من الانهيار دفعت القائمين على التعليم فى مصر للتفكير فى تلك الإجراءات التى لم يقبلها الجميع.
« نرصد توابع قرار «الأعلى للجامعات»: دولة تبحث عن «كفاءة».. وطلاب يبحثون عن «شهاد
فجر إلغاء «التعليم المفتوح» بنظامه القديم، حالة من الجدل داخل الوسط الأكاديمى، حيث رفض بعض الأساتذة قرار تحويله إلى نظام «مهنى تدريبى» يمنح دبلومات مهنية، بدلاً من برامج البكالوريوس والليسانس التى كان يمنحها للطلاب. ووصف البعض القرار بأنه سياسى وليس تعليمياً، بينما أيّد آخرون القرار، مبررين ذلك بأن النظام انحرف عن مساره الأساسى، وأصبح مصدر دخل فقط للجامعات الحكومية، فيما أكد رئيس لجنة تطوير التعليم المفتوح أنه استمع إلى آراء كل الجامعات، وما تم اتخاذه كان قراراً مدروساً، بموافقة المجلس الأعلى للجامعات.
وقال الدكتور عبدالحميد أبوناعم، مدير مركز التعليم المفتوح السابق، إن قرار تغيير نظام التعليم المفتوح وتحويله إلى شهادات مهنية غير سليم، موضحاً أنه لن يكون هناك إقبال على هذه البرامج المهنية التى يُقدّمها النظام الجديد، مؤكداً أنه قرار متسرّع، ولم يُدرس من الناحية العلمية جيداً.
تحويل النظام إلى «شهادة مهنية» يفجر الجدل بين أساتذة الجامعة
وأضاف «أبوناعم»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنه كان من الممكن تطوير نظام التعليم المفتوح، ويكون أفضل من ذلك، دون تحويل مساره بهذا الشكل، لافتاً إلى أن عملية التطوير التى تمّت عبارة عن برنامج تدريبى مهنى فقط، ولن يكون بالجدية نفسها التى كان عليها، مؤكداً أن هذا القرار سياسى من الدرجة الأولى وليس تعليمياً، قائلاً: «مفيش بلد فى العالم لديها نظام تعليم عن بُعد وتقوم بإغلاقه».
وأشار مدير مركز التعليم المفتوح السابق إلى أن التطوير كان يجب أن يكون من خلال تخفيض الأعداد وعمل مجموعات أصغر ومزيد من الجدية، وهناك الكثير من الطلاب حاصلون على دبلومات، والظروف لم تساعدهم على الالتحاق بنظام الثانوية العامة، ومن حقهم تطوير أنفسهم، والحصول على مؤهل عالٍ من خلال التعليم المفتوح.
وأوضح أن التعليم المفتوح فى مصر لا يُمثل نسبة أكثر من 4% من إجمالى التعليم الجامعى، لافتاً إلى أن الجامعات دورها التطوير وليس الإلغاء، وهناك برامج غير موجودة فى الكليات النظامية، مثل برنامج استصلاح الأراضى فى كلية الزراعة، وكان يلتحق به طلاب حاصلون على مؤهلات عليا لصقل خبراتهم، ومنهم من عمل فى مجال استصلاح الأراضى، ونجح فى ذلك، وأصبح له دور مهم، وبينهم خريجون أصبحوا رجال أعمال الآن.
وقال الدكتور أمين لطفى، رئيس جامعة بنى سويف، رئيس لجنة تطوير التعليم المفتوح بالمجلس الأعلى للجامعات، إن أى اقتراح جدير بالمناقشة يُقدّم من أى جامعة أو من أعضاء هيئة التدريس سيتم أخذه فى الاعتبار.
وأضاف «لطفى»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن اللجنة عرضت خطة التطوير على كل جامعات مصر والجميع أدلى بدلوه، ومن لديه شىء أفضل يُقدّمه لنا، مشيراً إلى أن ما توصلت إليه اللجنة عُرض على المجلس الأعلى للجامعات ووافق عليه.
«أبوناعم»: قرار الإلغاء «سياسى» وليس تعليمياً.. ورئيس لجنة التطوير بالمجلس الأعلى للجامعات: لا يوجد نقاط خلافية.. و«علم الدين»: الوقت مناسب لأنه انحرف عن مساره.. و«لطفى»: من لديه شىء أفضل يقدمه.. والقرار بداية لتطوير المنظومة فى مصر بشكل عام.. وممثلو الجامعات ناقشوه
وأوضح رئيس جامعة بنى سويف، أن اللجنة عملت داخل كل الجامعات وكان هناك ممثلون من كل جامعة حضروا جميعهم فى الورشة الأخيرة التى عُقدت بوزارة التعليم العالى، ولم يكن هناك أى نقاط خلافية حول ما توصلنا إليه فى النهاية، مشيراً إلى أن هذا القرار يعد بداية لتطوير التعليم العالى فى مصر بشكل عام ولن يتم إضافة جديد فى التطوير.
وقال، الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن نظام التعليم المفتوح أُنشئ لتحقيق غرض تعليمى واجتماعى مهم جداً وهو تدعيم فكرة التعليم المستمر فى الكثير من التخصصات، وإتاحة فرص التعليم لمن حصل على الثانوية العامة فى سنوات سابقة، لكن المشكلة أن فكرة المكسب المادى سيطرت على إدارة التعليم المفتوح، كما أنه حدث غياب لعمليات إنشاء برامج مميّزة مختلفة عن برامج البكالوريوس.
وأضاف «علم الدين» فى تصريحات لـ«الوطن»، أنه لم يكن هناك تدقيق وتشديد فى معايير قبول الطلاب، وبالتالى بعد فترة أصبح المنتج شديد السلبية بعد أن تحول إلى مصدر دخل للجامعات الحكومية، وبعض الجامعات كانت تملك الإمكانيات التكنولوجية والبشرية، وبعض الجامعات التى لم تكن تملك ذلك سعت إلى الربح المادى، وطبّقت برامج التعليم المفتوح.
وأكد أستاذ الصحافة، أن قرار إلغاء التعليم المفتوح اتُّخذ فى الوقت المناسب، لأنه انحرف عن مساره وأهدافه، وأصبح فى حاجة إلى وقفة للتقويم والمراجعة، ولا بد من الاستفادة من الإمكانيات التكنولوجية فى التعليم عن بُعد، المتاحة فى بعض الجامعات، مثل جامعة القاهرة فى تنفيذ برامج مهنية وتدريبية يمكن أن تغطى تخصُّصات كثيرة جداً تحتاج إليها سوق العمل.
وأوضح أن مصطلح التعليم المفتوح بدأ ينقرض ولا يُستخدم فى دول العالم، وهناك استخدام لمصطلح «التعليم عن بُعد» الذى يوظّف الإمكانيات التكنولوجية، وأعتقد أننا فى بلد لديه بنية أساسية معلوماتية جيدة، ولدينا استخدام متسع لشبكة الإنترنت قارب الـ50 مليوناً، ولدينا استخدام متسع لشبكة الهواتف المحمولة تجاوز الـ90 مليوناً، مشيراً إلى أنه يجب علينا أن نُفكّر فى توظيف هذه الإمكانات فى إنشاء برامج تعليم عن بُعد جديدة، والأهم دعم التعليم النظامى ومواجهة المشكلات التى تحيط به.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com