نعيش فى وطن تحاصره خناجر التشويه، تتربص به جماعة قبيحة تقول زوراً إنها تحمل لواء الدفاع عن الدين، وتتجمل بلقب «الإخوان المسلمون»، ولا هم إخوان للشعب الذى يصفونه بعبيد البيادة، ولا هم أهل دين لأنه لا يوجد دين يحرّض أتباعه على القتل أو الشماتة فى موت أبرياء، وبجوارهم يجلس متربصون، منظمات وصحف دولية تجعل من الخبر الصغير والأزمة البسيطة كارثة بهدف رئيسى هو تشويه مصر والتشكيك الدائم فى استقرارها، وما بين تربص هؤلاء وأولئك نعيش لاصطياد أى فعل إيجابى نعيد به تصدير صورة مصر للعالم، نأخذ من نجاح محمد صلاح ومحمد الننى وعلماء مصر فى الخارج جسراً لإعادة تصدير صورة جيدة لمصر. نبحث عن نجاح «فريدة» بطلة السباحة وأبطال الاسكواش لكى نعيد تدوير اسم مصر فى الخارج مرتبطاً بالنجاح والإنجاز لنمحو بعضاً من آثار الصورة السلبية التى يروج لها من يكرهون مصر، نعيد صياغة الإنجازات التى تحدث على أرض الواقع، نفتش فى دفاتر المشروعات المصرية ونصدّرها للعالم كشاهد عيان على أن هذا الوطن مستقر وقادر على البناء والعمل ولديه من الطموح ما يجعل فتح الأبواب للاستثمار والسياحة بداخله واجباً عالمياً لدعمه.
كنت أتصور أن محمد دياب وصنّاع فيلم «اشتباك» يمثلون واحدة من هذه الفرص التى تروج لصورة مصر المبدعة والقادرة على الإنتاج السينمائى لأن الدولة التى تنتج أفلاماً وتشارك فى مهرجانات سينمائية دولية مثل «كان» بكل تأكيد هى دولة مستقرة وقائمة أركانها على عكس ما يروج الإخوان فى صحف العالم بأن مصر أرض للفوضى والخوف، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث!
لم نستغل محمد دياب ولا نجاح فيلم «اشتباك» فى مهرجان كان السينمائى ثانى أكبر مهرجانات العالم.
طغت الخصومة السياسية على كل شىء، فانطلق كل من لديه خلاف سياسى مع «دياب» فى اتجاه واحد هو تشويه الفيلم و«دياب» نفسه حتى لو تم الأمر على حساب مصر، وقد حدث بالفعل لأنهم فوّتوا على مصر فرصة التسويق لنفسها وشاشتها السينمائية فى مهرجان كان.
وصل الأمر ذروته على شاشة التليفزيون المصرى التى بدلاً من أن تكون داعمة وناشرة للإيجابيات أو على الأقل تخبر الناس أن فيلماً مصرياً حاز على قدر كبير من الإشادات فى كبرى وسائل الإعلام العالمية وجعل اسم مصر يتردد مرفقاً بصورة إيجابية، وجدنا شاشة التليفزيون الرسمى تتحول إلى خنجر مسموم فى يد المذيعة أمانى الخياط التى يبدو أن حجم معرفتها بالسينما كفنٍّ له تأثير وحجم معرفتها بأهمية مهرجان كان ومدى تأثير تردد اسم مصر بداخله لا يتعدى حجم معرفتها بقواعد الإعلام المهنى التى لم تكن من أهله قط وهى تذيع على الناس تقريراً متخماً بالتحامل والأكاذيب يصف محمد دياب وصنّاع الفيلم بأنهم أعداء مصر.
دعك من لغة التقرير الركيكة، ومنطق التقرير المختل، ودعك من تعقيبات الغل التى صدرت عن أمانى الخياط، ودعك من كمية الاتهامات التى ملأت التقرير دون أى دليل، وركز أكثر مع هذه الفكرة القاتلة، الفُجر فى الخصومة، الرغبة فى عقاب «دياب» لأنه يحمل وجهة نظر سياسية.
دعك من الجهل المصفّى حتى آخر قطرة والظاهر فى الحديث عن فيلم «اشتباك» الذى لم تره أمانى الخياط ولا صنّاع هذا التقرير حتى هذه اللحظة ومع ذلك قالوا إنه يشوه مصر ويروج لأفكار الفوضى.
دعك من أن أمانى الخياط وفريق عملها لم يختلفوا كثيراً عن نشطاء الفيس بوك الذين يسخرون منهم دوماً ولكنهم فعلوا مثلهم، فلقد سبق للنشطاء أن هاجموا «دياب» بعد فيلم «الجزيرة ٢» وقالوا إنه ينافق السلطة ويشوه الثورة، اليوم تقول أمانى الخياط إن «دياب» بفيلم «اشتباك» ينافق الإخوان والنشطاء ويشوه مصر. وكلاهما، أمانى والنشطاء، لا يفهمون للفن معنى ولا يعرفون للمنطق عنواناً.
الأزمة تتجلى حينما يتم إجمالها فى النقاط التالية:
١- برنامج فى التليفزيون المصرى يهاجم بالسب والتشويه مخرجاً مصرياً له فيلم مشارك فى ثانى أهم مهرجانات العالم بعد أن حقق نجاحاً رائعاً باسم مصر دون أن يشاهدوا الفيلم أو يقدموا دليلاً واحداً على اتهاماتهم وكأن النجاح أزعجهم
٢- صناع تقرير الهجوم على فيلم «اشتباك» يشبهون الإخوان تماماً، الإخوان يعانون من فُجر حاد فى الخصومة السياسية يدفعهم للانتقام من بلد بكامله من أجل إفساد فرحة شخص واحد، فهم أضاعوا على مصر فرصة تسويق نفسها بنجاح هذا الفيلم.
٣- الاختلاف مع فيلم اشتباك بعد عرضه ومشاهدته وانتقاد الفيلم حق لكل مواطن، ولكن العجب كله هو تقييم الفيلم واتهامه قبل عرضه.
٤- التقرير وصف الفيلم بأنه يشوه مصر دون أن يشاهد صنّاع التقرير الفيلم، ودون أن يلتفت صنّاع التقرير إلى أن سيناريو الفيلم وافقت عليه الرقابة وحصل على تراخيص تصويره الأمنية من جهات رسمية مصرية وكان يتم تصويره فى شوارع مصر.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com