حدثت كارثة طائرة الركاب المصرية إيرباص 320 فوق المتوسط فجأة وبشكل غامض، إلا أن مأساة طائرة "البوينغ – 767" التي سقطت عام 1999 فوق الأطلسي، تظل الأكثر غموضا وغرابة.
تحولت طائرة البوينغ المصرية التي تحطمت قرب السواحل الأمريكية في 31 أكتوبر عام 1999، بسرعة إلى قصة غامضة بروايات متعددة، وبعدد كبير من الأسئلة المحيرة التي لم تجد إجابات حتى الآن.
انتهت رحلة طائرة البوينغ رقم 990 المتجهة من لوس أنجلس إلى القاهرة عبر نيويورك مبكرا في المحيط الأطلسي إلى الجنوب من جزيرة نانتوكيت الأمريكية بمسافة 100 كيلو متر.
في تلك الأنحاء وقعت المأساة التي أودت بحياة 217 شخصا من بينهم 202 مسافرا من عدة جنسيات وطاقم مكون من 15 شخصا فجأة ومن دون سابق إنذار.
تهاوت الطائرة بعد نحو نصف ساعة من إقلاعها من مطار جون كيندي، وسقطت بسرعة رهيبة من ارتفاع 9900 مترا في الساعة الثانية ليلا بتوقيت السواحل الشرقية الأمريكية، من دون أن يصدر عنها أي إشارة استغاثة. استغرق ذلك نحو دقيقتين، بحسب الخبراء، ولم تكن أمام الضحايا أي فرصة للنجاة.
وبدأ غموض هذه الكارثة الجوية يتزايد يوما بعد آخر، إذ أشارت التحقيقات بثقة إلى أن الطائرة لم تكن قديمة، وأن أجهزتها كانت تعمل بصورة سليمة حتى لحظة ارتطامها بمياه المحيط، وأن هيكلها أيضا ظل متماسكا حتى تلك اللحظة المأساوية، فماذا حدث لتلك الطائرة المنكوبة؟
لا يزال هذا السؤال يحير الجميع ليس فقط الأناس العاديين بل والخبراء، بخاصة أن لجنة التحقيق الأمريكية التابعة للمجلس الوطني لسلامة وسائل النقل التي تولت مهمة الكشف عن ملابسات الكارثة، دفعت برواية استثنائية وموغلة في الغرابة، استنادا إلى المعلومات التي سجلها صندوق الطائرة الأسود.
الخبراء الأمريكيون رجحوا أن يكون سقوط البوينغ المصرية فوق الأطلسي بفعل فاعل، ووجهوا أصابع الاتهام إلى الطيار الثاني الاحتياطي الذي تولى قيادة الطائرة بعد أن توجه الربان إلى دورة المياه.
وأكدت اللجنة الأمريكية المختصة أن أجهزة الطائرة لم تصب بأي عطل، وأن الطيار الاحتياطي الثاني أوقف عمل الطيار الآلي وأطفأ المحركات وأسقط الطائرة في عملية انتحارية أودت بحياة الجميع.
وأشار الخبراء الأمريكيون إلى أن مساعد الطيار المشتبه به ظل يردد، بحسب المحادثات المسجلة التي جرت في تلك اللحظات الرهيبة في قمرة القيادة عبارة "توكلت على الله"، وأنه نطق بعبارة "الله أكبر" 13 مرة، وأن ربان الطائرة عاد فزعا مستفسرا عما يحدث، طالبا من الطيار الاحتياطي أن يساعده في السيطرة على الطائرة، وأنه قال له متسائلا: "أنت قفلت المحركات؟".
وتقول هذه الرواية إن ربان الطائرة تمكن قبل نحو 2 كيلو متر من سطح المحيط من السيطرة على الطائرة، وأنها عادت لاتزانها، وبدأت في الارتفاع من جديد، إلا أن أجهزتها لم تكن قادرة على تنفيذ هذه المهمة الصعبة، فهوت الطائرة في الأطلسي.
وظل الاتهام الموجه للطيار الاحتياطي على مر السنين ظنيا، ولم تظهر أي أدلة أو شواهد تعززه، وبقي ذلك الحوار المبهم في تلك الثواني القليلة لغزا محيرا لا تفسير له.
بالمقابل رفضت السلطات المصرية هذه الرواية جملة وتفصيلا، وأكد تقرير أصدره خبراؤها أن خلل فني تسبب في هذه الكارثة الجوية.
ولم تتوقف الروايات والإشاعات وسط تلك الظروف الضبابية، ودفعت صحف مصرية برواية تتهم الولايات المتحدة بإسقاط الطائرة بهدف اغتيال ضباط رفيعين في الجيش المصري من بين 33 عسكريا كانوا على متنها في طريق عودتهم، بعد أن أنهوا دورات تدريبية في الولايات المتحدة.
ودفع أصحاب هذا الاتهام بفرضية ترجح أن الطيار الاحتياطي عمل على إنزال الطائرة من ارتفاعها لتفادي صاروخ أمريكي.
ودخلت قناة فوكس نيوز الأمريكية في فبراير من العام الجاري على الخط، وأعلنت إن زعيم تنظيم القاعدة إسامة بن لادن استلهم فكرة اعتداءات 11 سبتمبر من حادثة طائرة البوينغ المصرية، مشيرة إلى أن هذا "السر" كشفت عنه مطبوعة للتنظيم، نشرت بهذا الشأن شهادة منسوبة لناصر الوحيشي الذي كان مساعدا لبن لادن وزعيما لفرع تنظيم القاعدة في اليمن، والذي قتل عام 2015 بواسطة طيارة من دون طيار.
في نهاية المطاف، لا توجد حتى الآن أي رواية يمكن ترجيحها، وذلك لأن أطرافا عديدة أضافت إلى هذه الكارثة الجوية المأساوية ما يناسبها، فيما ظلت الحقيقة ضائعة بعد أن امتلأ صندوق أسرارها بكم كبير من الإشاعات والظنون والروايات المتناقضة التي جمح الخيال ببعضها بعيدا عن المعقول.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com