ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

زلابيـــــــــــا ....... يا مصـــــــــر !!

نبيل المقدس | 2016-05-04 09:24:13

نبيل المقدس
     البطالة تعنى زيادة مَنْ لا عمل لهم.. وهى مشكلة إقتصادية كبرى تواجهها مصر منذ أربعون سنة وأكثر .. وتُعد البطالة من أخطر المشاكل التي تهدد إستقرار وتماسك المجتمع المصري .. وأسباب البطالة تختلف من مجتمع إلى مجتمع حتى إنها تختلف داخل المجتمع الواحد من منطقة إلى أخرى .. فهناك أسباب إقتصادية وأخرى إجتماعية " مثل زيادة عدد السكان" , وأخرى سياسية , وأخري للأسف "مزاجية ".

   أما مظاهر البطالة فمنها البطالة المقنعة " حيث نجد فيها أن عدد العمالة في مؤسسة ما أكثر بكثير من درجات التسكين الوظيفي " .. وهناك البطالة المقصودة أو المبررة , "حيث يرفضها الشخص لأسباب تخصهُ ( طبقا لمزاجه )" .. أكيد مصر تعاني من البطالتين المقنعة والمقصودة .. فهناك الكثير من المؤسسات والشركات والهيئات الحكومية مملوءة بالعمالة الزائدة " المقنعة" .. وانا شاهد علي هذه الظاهرة  فعندما كنت مهندسا في أحد المصانع القومية , كنا نعاني الكثير من زيادة أعداد العمال , حتي أن كل عامل قديم أو أسطي يستغل العامل الجديد كساع خاص له .. يحضر له الشاي والسجائر والقهوة ..إلخ . أي أن لو كل مؤسسة إستغنت عن نصف من عدد عمالها سوف لا يتاثر العمل , لكن ربما بالعكس سوف يكون أكثر إنتاجا .

   الآن وبالأخص السنة الأخيرة إزداد حجم العمل بنسبة معقولة وخصوصا في مجال المِعْمَار الذي يحوي الكثير من المهن تناسب الشباب خريجي الدبلومات , كذلك للذين توقفوا عن الدراسة بعد شهادتي الإبتدائية والإعدادية نتيجة تكاسلهم وعدم طموحهم الدراسي , وهم أغلبية . فأغلب الشباب البالغين أصبحوا عالة علي أولياء أمورهم كمصدر لمصروفاتهم الشخصية .. وإتخذوا القهاوي والنواصي كأماكن لقضاء الوقت في كلام فارغ .. ومعاكسة البنات .. وتعاطي المخدرات .. و الحديث أغلب وقتهم في الموبايلات .. مما يسبب إرهاق مادي لذويهم . أغلب الشباب يرفضون العمل بحجة بُعد المسافة عن مكان بيته .. فالكثير لا يقبلون العمل خارج حييهم أو قريتهم أو حتي محافظتهم  .. والقليل منهم يذهبون للغربة للعمل المضني .. رأيتُ بل لمست بنفسي بصفتي معرفتي برجال أصحاب مصانع في مدينة بدر يطلبون عمالا , ولم يتقدم  إلاّ القليل  .. والسبب كما ذكرتُ " البعد عن بيوتهم وأصدقاء المنطقة والجلوس علي القهاوي" .

    أحسن طريقة للعمل وجدها أغلب الشباب من هذه النوعية , وفي نفس الوقت لم يبتعدوا عن منطقتهم هي العمل علي التوكتوك .. لدرجة ان الصبيان الذين تصل أعمارُهم العشر سنوات , يتركون مدارسِهم , ويصبحون سائقي توك توك .. مما يسبب لهم إنحرافا في أخلاقياتهم , و أصبحوا جزءاً مِنْ المشكلة الأساسية في الشوارع الرئيسية والفرعية , وصاروا يمتلكون الطرق في قيام الفوضي طبقا لأوامر قوي الشر المتربصة لإسقاط مصر.

    أما الحرفة الجديدة التي يتخذها بعض الشباب الآن , ونقلوها من المهاجرين السوريين ,هي عمل الزلابيا وصوابع زينب .. الأن نجد هؤلاء الشباب ناصبين علي كل ناصية عربة مُجهزة لعمل مثل هذه الحلويات .. والغريب وبالرغم من وجود حوالي 3 نواصب أو أربعة في الشارع الواحد نجد أن حشود الناس من جميع الأعمار حولهم لا يتوقف .. فلو دخلت شارع وتجد في إحدي النواصي زحمة من الجمع تأكد أنك واقف أمام نصبة مكتوب عليها " شرشر للزلابيا " أو "صوابع فيفي للزلابيا " أو " زلابيكو للحلويات " ... !

   هذه النصبات الخاصة بالزلابيا تعمل بسخانات كهربائية عالية الإستهلاك , والبركة في أعمدة الإنارة الخاصة للشوارع .. فهم يسرقون مصدر الكهرباء منها تحت أعين ومباركة أغلب موظفي ومراقبي مؤسسة الكهرباء  .. كما أنهم يشترون زجاجات الزيت من بعض العائلات التي لها نصيب في "البطاقات الذكية للتموين" بسعر يصل إلي نصف الثمن الأصلي .. ويذهب الدعم لغير مستحقيه فيصبح ثِقل علي الميزانية العامة.

    أما المهنة الثالثة التي لا تحتاج إلي الغُربة هي مهنة " الروبابيكيا " .. قيمة رأس مالها لا يقل عن 300 جنيه ,وعجلة بصندوق , ويظل يلف الشاب حول المنطقة وفي أزقتها , يجمع الأشياء القديمة مِنْ الأهالي ..  وفي أخر النهار يذهب إلي المعلم الكبير صاحب أرض خربة إمتلكها  "بوضع اليد" لكي يخزن فيها ما يُورد له من المهمات القديمة ....!!

   درستُ هذه الثلاث مهن مع بعض الذين يعملون فيها , وجدت أن متوسط دخل الشاب منهم في اليوم هو مابين 100 جنيه و 200 جنيه حسب جهده وعدد الساعات التي يعملها . سألتُ أعداد منهم هل أنتم مبسوطون من هذه الأعمال ؟؟ كان ردهم ردا واحدا .. طبعا أحسن من التقيّد بالمواعيد أو الجري وراء المواصلات .. كما إننا مافيش رقابة علينا , النهاردة نشتغل .. بكره ما نشتغلش , حسب مزاجنا ...ّّّ !!

    أنا لستُ ضد هؤلاء الشباب الذين يعملون في هذه المهن .. لكن أنا ضد هذه الفوضي الفكرية نحو العمل المنظم , والعمل المُجدي والمفيد للبلد .. لكن واضح حتي الفساد وصل إلي عقول الشباب , الذي يريد أن يعيش بلا ضوابط وحرية مطلقة , الأيام تمر والسنوات تجري وشبابنا يكبرون ويزدادون عددا .. وهم ما يزالوا يعملون سائقي توك توك , وصانعي زلابيــا وصوابــع زينب , وأخيرا عاملين في الروبابيكيـــا .. وهذا يعني أن طبقة الشباب الذي كنا نأمل فيهم إستلام المسئولية من أسلافهم سوف لا نجدهم , مما يزيد من تأخر البلاد أو علي الأقل سوف لا تتقدم خطوة إلي الحضارة ولا تدرك مَنْ سبقوها في ماريثون السعي نحو النور .

     نحن علي وشك فقد الشباب .. فيجب علي مؤسسات الدولة ورئيسها أن تلتفت نحوهم , وعليهم شهريا أن تعلن عن الوظائف الجديدة  .. وعن الأراضي الزراعية التي يتم إستصلاحها , تفصيليا . كما يجب ان تفرض علي الشركات الخاصة أن تعلن بصراحة عن إحتياجاتها من أعمال ..

    كما أناشد التعليم الصناعي عمل دورات تدريبية لجميع المهن الفنية , وإعطاء شهادة تُشير إلي إجتياز هذا الشاب تدريبات تفيد أنه وصل إلي المستوي الفني المطلوب .. علي أن تكون هذه الشهادات من ضمن مصوغات التعيين .

إلحقـــــــوا شبابنــــــا قبل فوات الوقت .. ولا نجد عمالا فنيين .. بل نجدهم زلابيــــا في توك توك روبابيكيــا ..!!

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com