أجرت الحوار : أميرة محمد
بعد عشرة أيام من استهداف كنيسة سيدة النجاة في بغداد ومقتل العشرات من المصلين، تعرض المسيحيون العراقيون لاعتداءات جديدة. فلماذا استهداف هؤلاء؟ دويتشه فيله تحدثت إلى باسكال وردة وزيرة شؤون الهجرة العراقية السابقة.
في وقت تصاعدت فيه وتيرة استهداف مسيحيي العراق، أطلقت باسكال وردة، الوزيرة السابقة لشؤون الهجرة، صرخة استغاثة، عبر دويتشه فيله، ناشدت فيها القادة السياسيين في بلادها، "المنشغلين في تشاور لا نهاية له بالكراسي والمقاعد"، الإسراع لوضع حد لتلك الأوضاع غير القانونية التي من شأنها دفع مسيحيي العراق دفعا إلى اللجوء لخيار "التهجير"، تنفيذا لـ "المخطط الجهنمي" الذي يرمي، على حد قولها، إلى "تطهير الشرق من مسيحييه".
نص الحوار:
دويتشه فيله: لم تعلن أي جهة حتى الآن تبنيها للتفجيرات التي استهدفت منازل مسيحيين في أحياء متفرقة ببغداد.. من يقف وراء تلك العمليات في تصورك؟ وهل بالضرورة لها علاقة بالهجوم على كنيسة سيدة النجاة وتهديدات القاعدة التي تلتها؟
الوزيرة السابقة باسكال وردة: أعتقد أن ما يحدث الآن وما نعيشه اليوم ليس بجديد. للأسف، تم استهداف المسيحيين أكثر من مرة في مناطقهم ومنازلهم. وما يحدث الآن ما هو إلا تواصل لهذا المشروع الجهنمي الذي يريد أصحابه من خلاله إيصال رسالة للمسيحيين بأنهم يجب أن يشردوا. وهذه كارثة، ليس فقط بحق الكنيسة بل في حق العراق نفسه، لأن المسيحيين لا يمثلون أي خطر على العراق وليسوا دخلاء عليه؛ هم من السكان الأصليين لهذا البلد وملتصقين به بشكل لا يوصف.
كيف ينظر المسيحيون إلى هذه الاعتداءات؟ وكيف تعاطت معها بقية أطياف الشعب العراقي؟
الوضع صعب جدا، الناس خائفون خصوصا وأن المسيحيين استهدفوا وسقط شهداء منهم وهم في بيوتهم. استهداف البيوت بمفخخات وعبوات ناسفة يؤكد أن العملية مخططة ومدروسة وتستهدف المسيحيين على وجه الخصوص.
ولماذا استهداف المسيحيين تحديدا، وهم ليسوا محل أي جدل في العملية السياسية الجارية؟ ما الهدف من ضرب مصالحهم؟
هذا هو السؤال المطروح دائما والذي لم نلق له إجابة حتى الساعة. الآخرون يتصارعون على السلطة وربما هناك من يدفع بهذه الأعمال لتحقيق مكاسب أكثر. أما المسيحيون فليسوا في هذه المعادلة، هم كانوا، منذ البداية، في مرمى المشروع الجهنمي للمتطرفين الهادف إلى تهجيرهم ليس من اليوم فقط، علما أنهم ليسوا دخلاء على العراق؛ لقد قدموا كل غال ونفيس من أجل وطنهم.
أنت إذن تعتقدين بأن هناك مخططا لتفريغ العراق من مسيحييه؟
أنا أعتقد أن الشرق الأوسط ككل يعاني من هذه المسألة. أعتقد أنه يحصل في مصر، ويحصل في لبنان الذي نتابع فيه المشهد عن كثب، كما في باقي البلدان. هناك مشروع جهنمي مخفية نواياه وراء كواليس لا نعرفها. لا أستطيع أن أؤكد أو أتثبت من ذلك، لكن ربما هناك مشروع مسنود من جهات معينة مجهولة لدينا حتى الآن للأسف. هذه ليست فقط مؤامرة وإنما مخطط كبير لتطهير الشرق من المسيحيين.
وما موقف مسيحيي العراق؟ هل تتصورين أنه من الممكن أن يرضخوا لهذا المخطط الجهنمي الذي تحدثت عنه؟ بمعنى آخر، هل يمكن أن تحدث بالفعل عمليات تهجير جديدة؟
هناك الكثير من الإصرار والحب للعراق من أكثرية المسيحيين. كثيرون قرروا أن يتحدوا من أجل البقاء في وطنهم. لكن تعلمين أن الأمر ليس سهلا. إلى أي مدى يمكن لهم أن يبقوا وهم يفكرون في أبنائهم في المدارس؟ إلى أي حد يمكن أن يتحملوا لحظة خروجهم من البيت؟ ليس هذا فحسب، بل أضحى الخوف الآن حتى من البقاء داخل البيوت بعدما وصلت المتفجرات للمنازل. الناس خائفون من كل شيء، وهذا وضع سيء.
لا أعلم ما الذي يمكن أن يحدث ما لم تكن هناك قوة رادعة، ما لم تتحرك الحكومة لإنهاء هذا الوضع غير القانوني. الحماية يجب أن تأتي من الدولة، عليها أن تتخذ إجراءات حقيقية لإنزال العقاب بحق مرتكبي الجرائم. حاليا العراقيون يعيشون بأعجوبة. الآن لا توجد سلطة حقيقية، والقادة منشغلون في تشاور لا نهائي على الكراسي والمقاعد وهذا يصب في مصلحة الإرهاب.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com