اسطورة الصليب والجزر
سليمان شفيق
عموما هي زيارة تاريخية تخطت عقبات كبيرة مليئة بالدروس والعبر اولها موجة للتيار السلفي الوهابي في مصر والذي دأب مشايخة علي ازدراء المسيحية والكنيسة وفق عشرات الفتاوي الموثقة والمسحلة علي مواقعهم .. كما انها تطرح السؤال الحوهري عن التسامح من قبل الملك والبطريرك كيفية الحديث عن حرية العبادة للمسيحيين في المملكة وامكانية بناء كنيسة هناك .. ولعل عدم استقبال البابا لخادم الحرمين في الكنيسة وعدم اﻻمساك بالصليب بيدة يحمل تسامحا ﻻبد ان يقابلة تسامح اخر
ﻻ ابالغ ان قلت انها اخطر ما حدث من لقاءات لخادم الحرمين في مصر ﻻنة اللقاء المحرم بين الوهابية واﻻرثوزكسية.
اقصد الزيارة التي قام بها قداسة البطريرك تواضروس الثاني بابا وبطريرك الكرازة المرقسية الي العاهل السعودي وخادم الحرمين الملك سلمان، زيارة اثارت الراي العام الارثوزكسي والوهابي ، قطاعات من الارثوزكس اعربوا عن انزعاجهم من ذهاب البابا بنفسة الي الملك في مقر اقامتة في حين ذهب الملك بنفسة الي الامام الاكبر شيخ الازهر في مشيخة الازهر ، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرات نقدية لعدم امساك صاحب القداسة للصليب في يدة ـ كما هو معتاد ـ وتمت تفسيرات كثيرة من البعض عن ان البابا لايحمل صليبة الافي مقابلات المسيحيين ، وكان السجال الوهابي اشد نقدا حول كيفية مصافحة واستقبال خادم الحرمين "لبابا النصارة الكافر" ، ووصل القلق السلفي الي حد ان المقابلة اعتراف اسلامي بالمسيجية الارثوزكسية المخالفة لرؤية الاسلام (السلفي طبعا)!!
علي الجانب الاخر انهارت مقومات قطاعات من النخب المصرية حول ترسيم الحدود بين مصر والمملكة ،ونسب جزيرتي "تيران وصنافير" الي الاراضي السعودية ، ومثلما حدث من صدمة للراي العام المسيحي كانت مفاجأة تيران وصنافر اكثر قسوة للراي العام المصري ، واستدعت الذاكرة المصرية الاهازيج والاغاني الوطنية الناصرية حول الشهداء والتراب الوطني ، بطريقة لاتقل ايمانية عن "الصليب البابوي" !!
الحقيقة انني لم افاجئ بصدمات الراي العام لانة كما يقول المثل الشعبي (الصراخ علي قد الوجع) والوجع من الرأسين (رأس الدولة ورأس الكنيسة) جاء كخيبة أمل في البابا المصلح والزعيم المحرر، ولم يراعي احد ظروف البابا ولا احوال الرئيس ، المصريون تحملوا كل شئ الا ما اعتبروة ـ بالخطأ او بالصواب ـ تفريط في التراب الوطني ولمن للسعودية ، والمسيحيون تحملوا مالم يتحملة بشر ولكنهم توقفوا تحت الصليب دون انتظار القيامة ، هكذا لعبت الرموز دورا في الصدمة في الرموز ، كان لابد ان يحمل البابا تواضروس والرئيس السيسي صليبهما ، ويمضيان الي درب الالام وصولا للجلجثة ، كلاهما البابا والرئيس يتلقيان توابع زلزال المحبة الشعبية ، وربما مع حبي للبابا والرئيس لم يفهما ابدا تكلفة الحب الشعبي ، ولم يدركا ماهية الحب المحرم للوطن والصليب .
يغادر الملك سلمان أم الدنيا وجروح احدثها ابراهيم باشا بن محمد علي ـ كنت اظنها اندملت ـ لكن الذكرة لازلت تنزف من عمق الحجاز الي تيران وصنافر ، وشهداء ذبحوا وهم يحملوا صليبهم الربع الخالي اطلوا برؤوسهم من خلف السنين ، معذرة جلالة الملك ، حاللني ياصاحب القداسة ، اغفر لي الرئيس المحبوب ، ليس ذنبكم ولا ذنبي ان الشعب المصري القبطي المتعدد الاديان والحضارات يغفر ولكنة لا ينسي .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com