نجمت تداعيات كثيرة في الساحة الليبية عن إعلان حكومة الإنقاذ الوطني تخليها عن السلطة لمصلحة حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات.
وجاء في البيان الذي صدر عن المجلس الرئاسي لحكومة الإنقاذ: "نعلمكم بتوقفنا عن أعمالنا المكلفين بها كسلطة تنفيذية؛ رئاسة ووزراء ونوابا".
وبررت حكومة الإنقاذ، التي يقودها خليفة الغويل، هذا القرار بحرصها على سلامة الوطن، وحقن دماء الليبيين وتغليب المصلحة العليا للبلاد.
خلفيات القرار
قرار انسحاب الحكومة غير المعترف بها وضع حدا لأكثر من عام ونصف من سيطرة تحالف "المؤتمر الوطني" والفصائل المسلحة على طرابلس، الذي أحكم قبضته عليها في أغسطس/آب عام 2014 بعد معارك عنيفة.
وفيما لم يتضمن بيان حكومة الإنقاذ الوطني الكثير من التفاصيل حول قرار الانسحاب من طرف واحد، يرى مراقبون أن دخول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس عجَّل بهذه الخطوة، التي لم تكن مستبعدة لأسباب سياسية واقتصادية.
فبعد دخول فايز السراج وطاقمه الحكومي العاصمة طرابلس، بدأت التصدعات تظهر في الحكومة، التي كانت تلوح باستخدام القوة العسكرية لمنع حكومة الإنقاذ من الاستقرار في العاصمة.
وبعد أقل من أسبوع على دخول السراج، انقسم التحالف الحاكم لطرابلس بين مؤيد ومعارض للسراج، وأعلنت عشر مدن في الغرب الليبي دعمها لحكومة الوفاق الوطني.
وكانت حكومة الإنقاذ قد عاشت صعوبات كثيرة على الصعيد الاقتصادي، تمثلت في نقص السيولة وتراجع إنتاج النفط وتفاقم الأزمة المعيشية لسكان المناطق الغربية، علاوة على فقدان السيطرة على المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وصندوق الاستثمار التي أعلنت ولاءها لحكومة الوفاق.
كما أن فصائل "فجر ليبيا" الداعمة لحكومة الإنقاذ بدأت تتلاشى، بعد انقسامها نتيجة عدم صرف رواتب مسلحيها من طرف الحكومة التي كانت توفر لها الغطاء السياسي.
هذا، فضلا عن الدعم الدولي الواسع الذي حظيت به حكومة الوفاق والإشادات المتتالية بقرار انتقالها إلى طرابلس؛ وهو ما زاد من حالة العزلة التي تعيشها حكومة الإنقاذ.
مؤشر إيجابي
وعلى الرغم من أن حكومة الإنقاذ لم تعلن تخليها عن السلطة بشكل صريح، فإن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر رأى في تنحي حكومة الغويل مؤشرا إيجابيا، داعيا إلى إتباع الأقوال بالأفعال.
وبالطبع، فإن تنحي حكومة الإنقاذ يعزز موقع الحكومة المدعومة من قبل الأمم المتحدة، ويمنحها فرصة لبسط نفوذها على مناطق واسعة من ليبيا.
وبادرت حكومة الإنقاذ إلى استغلال هذه الخطوة بإصدار قرار يجمد الحسابات المصرفية للمؤسسات والمصالح الحكومية، وألزمت حكومة الوفاق جميع المؤسسات باستخدام شعارها.
ويرى خبراء أن تخلي حكومة الإنقاذ عن السلطة هو بداية فعلية لتوحيد البلاد، على الرغم من ضرورة الحذر وانتظار الاصطفافات التي قد تحدث خلال الأيام المقبلة.
وقد ظهر مؤشر إيجابي آخر اليوم (07/04/2016) بإعلان اللواء خليفة حفتر استعداده للتعامل مع الحكومة التي تحظى بالشرعية البرلمانية.
وتصب جميع المؤشرات في اتجاه منح الثقة لحكومة الوفاق من قبل برلمان طبرق، خاصة أن العشرات من أعضاء هذا البرلمان قد أعلنوا دعمهم لهذه الحكومة. خطوة إن تمت ستكون نجاحا كبيرا للمجلس الرئاسي الذي يرأسه فايز السراج.
ويمكن للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الاستفادة من إعادة توزيع الأدوار السياسية والاقتصادية عبر إشراك جميع الفرقاء الليبيين من أجل إنجاح المصالحة الوطنية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com