بقلم: وجدي شحات
من المؤكَّد أن شخصية مصَّاص الدماء التى اشتهرت باسم "الكونت دراكولا" عام 1897، ما هى إلا شخصية من وحي الخيال. ولكني لم أكن أتخيل يومًا ما إنها ستتحول إلى واقع معاش هنا وهناك، يمرع ويمرح، ويمارس هوايته المفضَّلة "سفك الدماء وشربها" أينما يشاء ومتى أراد بكل سهولة، مع الفارق الوحيد إنه الآن يسفك ويمص دماء الأشخاص الذين يحملون على أيديهم تلك الإشارة التى أعلن الهالكون إنها "جهال" بينما أعلن المفديزن إنها "قوه الله" أو من هم مكتوب فى بطاقة هويتهم إنهم "مسيحيون".
فجَّروا.. دمَّروا.. قتلوا.. ذبحوا.. ذلك بات مشهدًا مألوفًا هنا وهناك.
باسم من؟ "دراكولا".. "الكونت دراكولا العظيم"، فهو ذو منظر وحشي، يده على كل واحد يعشق إراقه الدماء.
ذلك المشهد لم يعُد من عصور الماضي، بل هو مشهد متكرر كل يوم. ومع التطور الهائل للتكنولوجيا، أصبح مشهدًا مألوفًا ينتقل كما هو دون رتوش.. دون مونتاج.. دون تدخل بشري.. دون عبث.. كما هو بكل تفاصيله!!
وصرخات هؤلاء لـ"دراكولا ": "سيبنى أعيش" تكاد تُدمي قلوبنا.. "دراكولا" هذا لا يرحم طفلاً أو سيدة، عجوزًا أو صبيًا.. هو يقتل دون أن يٌصغى لصرخات هؤلاء..
كان المنظر فى كنيسة "سيدة النجاة" بـ"العراق" مُحزنًا حقًا.. بركة من الدماء، عشرات القتلى، تفجيرات وأصوات تكاد تعلن أنها حرب دائرة فى الداخل والخارج.. وكان هؤلاء يصلون لله.. معظمهم من النساء والأطفال. لم يكن يُدرك أحدٌ منهم إنه سيقابل "دراكولا" وجهًا لوجه.. أسرهم "دراكولا".. سباهم داخل الكنيسة، وكأن "سبي بابل" عاد من جديد!! قَتلوا القساوسة هناك والرجال، ولم يرحموا بكاء الأطفال والنساء.. وفجَّروا أنفسهم هناك!!
وقبل أن ينتهى الحدث، خرج بيان من القاعدة، وأعلن "دراكولا" إنه المسئول عما حدث. ويهدِّد ويندِّد مسيحيي "مصر"، ويُمهلهم 48 ساعة فقط، وإلا كان مشهد كنيسة "سيدة النجاة" بـ"العراق" سيُعاد فى كنائس "مصر"..
ولكن هيهات.. فـ"مصر" لن يُخيفها "دراكولا".
لصالح مَنْ؟ لصالح مملكة الظلمة التى تريد أن تسيطر على العالم لتكون إمبراطورية "دراكولا" هى الأعظم.
ما ذنب هؤلاء؟ أطفالًا كانوا أو كبارًا؟ نساءً كانوا أو رجالاً؟ أي ذنب اقترفوه؟ لا أحد يستطيع الإجابة؛ لأنهم أبرياء، و"دراكولا" الجديد مازال يبغي المزيد والمزيد من دمائهم.
إن من يتعمق فى دراسة العشر سنوات الأولى من هذا القرن، سيلاحظ أن العالم أصبح الآن قاب قوسين أو أدنى من حرب عالمية غير محدَّدة المعالم فى كل مكان، وفى بقاع شتَّى من الكرة الأرضية تحت مظلة "الديانة"!! وجميع الديانات برئية منها، ولكنها أداة يحركها "دراكولا" الجديد كما يشاء ومتى أراد.. وهذا ينبىء بمستقبل غير واضح المعالم.
و"دراكولا" لم يمت بعد.. وأعوانه فى العالم أجمع الآن يملكون الهواء.. الأمر أصبح مُعلنًا للعالم، و"دراكولا" لم يعد يقتل فى الليل! ولم تعد الشمس تحرقه! فهو الآن يقتل فى النهار، وأمام الجميع يكشف عن أنيابه..
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com