منذ ظهور تنظيم القاعدة للوجود خلال الحرب ضد الاحتلال السوفيتى على هامش ظاهرة المجاهدين العرب التى ولدت فى أفغانستان من رحم المقاومة ضد الاحتلال السوفيتى، لم تكن مصر على جدول أعمال هذا التنظيم الذى ضرب بعملياته الإرهابية معظم دول العالم.
وحتى حينما تشكلت فى منتصف التسعينيات جبهة عريضة تجمع القاعدة والجماعة الإسلامية المصرية وجماعة الجهاد بزعامة أسامة بن لادن، كان تركيز التنظيم الجديد فى مرحلته الأولى على العمل فى السعودية، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة وأوروبا، قبل أن يعيد تركيز عملياته بشكل كبير فى اليمن والعراق.
ورغم أن جماعة الجهاد تقريبا ذابت فى القاعدة وأصبح أعضاؤها يتولون المراكز القيادية داخل بنية التنظيم المعقدة جداً، فإن مصر لم تكن محلاً لنشاط مفترض للقاعدة إلا فى مرة واحدة، حينما خرج أسامة بن لادن من السودان، ودرس اجتماع تنظيمى لمجلس شورى الجهاد برئاسة أيمن الظواهرى عُقد فى العاصمة اليمينة صنعاء، ترتيب دخول بن لادن إلى مصر عبر الحدود السودانية المصرية والعيش فيها متخفياً بعد أن أصبح مطلوباً من كل بلدان العالم تقريبا.
وفى ضوء هذا التاريخ ينبغى التعامل بمنتهى الجدية مع التهديد الذى أطلقته القاعدة أمس، وتوعدت فيه بعمليات إرهابية ضد الأقباط ما لم يتم إطلاق سيدتين تقول القاعدة إنهما مسلمتان محتجزتان فى مبان تابعة للكنيسة.
ومعلوم أن هذا التهديد يتعلق بوفاء قسطنطين التى سبق وأشهرت إسلامها ثم عادت إلى المسيحية، وكاميليا شحاتة التى هجرت زوجها الكاهن وقيل إنها أسلمت ثم ظهرت فى شريط فيديو تنفى إسلامها واحتجازها فى الدير.
وبغض النظر عن صحة تغيير عقيدة السيدتين، واحتجازهما من عدمه، فإن البيان الذى يربط بين عملية اقتحام كنيسة "سيدة النجاة" فى العراق وتهديد الأقباط فى مصر، هو تطور غير مسبوق فى استراتيجية القاعدة، لا ينبغى التعامل معه بخفة، أو التقليل من أثاره ونتائجه، وقد لا تفلح القاعدة فى اختراق مصر وتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الأقباط أو غيرهم، لكن هذا يعنى بكل التأكيد أن أهدافاً محتملة فى مصر أصبحت على جدول العمليات الإرهابية للقاعدة.
وإذا كان الأمن قد شدد الإجراءات على الكنائس، وإذا كانت مصر الرسمية قد أدانت تهديد القاعدة لمصر ومواطنيها من الأقباط والمسلمين، فإن هذا التهديد يجعلنا نقف صفاً واحداً لحماية الوطن، والترفع فوق الفتنة، ومحاولة إغلاق كل الأبواب التى يفتحها الشيطان للوقيعة بين أبناء الوطن الواحد.
دم المصرى على المصرى حرام.. سواء كان هذا المصرى مسلماً أو مسيحياً، لأنه فى الأول والآخر مواطن له كافة الحقوق وعليه كافة الواجبات، وأول هذه الحقوق الحياة الأمنة، والحق فى الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.
نقلاً عن اليوم السابع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com