بقلم: ماجد سوس المحامي
قررت أن أتوقف عن الكتابة ولو لفترة وألزمت نفسي الصمت . شعرت بداخلي أنه لم يعد للكلام موضع في زمن رخصت فيه الكلمات و أضحى الصمت عزيزا متذكرا قول سليمان الحكيم " للسكوت وقت و للتكلم وقت " (جا 3 : 7) فكم من كلمات خرجت من أفواهنا و من أقلامنا – ولو بحسن النية – كانت نتائجها غير مقاصدنا، هكذا ما شعرته في الفترة الأخيرة عندما رأيت البعض يتكلم دون حكمة فيخطئ بوضع كلمات ليست في محلها ويلقيها لمن ليس له أذن ليسمع بها " فتفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقوله في محلها " (أمث 25 : 11 ) . و " من يوبخ مستهزئاً يكسب لنفسه هواناً ومن ينذر شريراً يكسب عيباً ، فلا توبخ مستهزئاً لئلا يبغضك (أمث 9 : 7 ، 8 ) هكذا يا أحبائي وجدت كل من يحاول أن يدافع عن الكنيسة – دون حكمة – منكرا قول رأس الكنيسة و فاديها :"كونوا حكماء كالحيات ، بسطاء كالحمام " كأنه يجلب على الكنيسة ضيقات أكثر من التي تتساقط عليها كل يوم ، لأنه :" من يحفظ فمه و لسانه يحفظ من الضيقات نفسه " (أمث 21 : 23 ) فالموت والحياة في يد اللسان ويضيف معلمن يعقوب الى كلمات الحكيم قائلاً :".. و أما اللسان فلا يستطيع أحد من الناس أن يذلله. هو شر لا يضبط مملؤ سماً مميتاً. به نبارك الله الآب و به نلعن الناس الذين قد تكونوا على شبه الله.."(يع 3 : 8 ).
والذي دفعني للكتابة اليوم هو كثرة الأحاديث الصحفية و اللقاءات الإعلامية لكثير من الأكليروس و العلمانيين في الفترة الأخيرة وكان آخرها كانت بيان أطلقه أحد العلمانيين يدعو فيه الأقباط المصرييين الى التبرع بملايين الدولارات إلى إسرائيل لدعم أمنها وسياساتها كدولة يهودية.
وأكد موقع "عنيان ميركازى" الإخبارى الإسرائيلى، إن أحد رجال الأقباط أصدر بياناً طالب فيه المسيحيين المصريين بالتبرع بمبلغ يصل إلى 3 ملايين دولار وتحويله إلى بنك "أوف أمريكا" فى مصر، حتى يتم أخذ هذه التبرعات وتقديمها لوزير خارجية إسرائيل أفيجدور ليبرمان لتساعده فى دعم إسرائيل وتحقيق حلم يهود العالم فى استمرار وتقوية دولة إسرائيل "اليهودية".
وأوضح الموقع الإسرائيلى أن الوزير ليبرمان تلقى التشجيع والدعم من مصدر غير متوقع،
بعدما أكد الرجل القبطي فى بيانه أن المسحيين فى مصر يشعرون بالتضامن والتأييد للجالية اليهودية التى لا تزال تعيش فى مصر، قائلا إن الألم المشترك الذى يجمع الأقباط واليهود جعله يشعر ببالغ التعاطف والتأييد لإسرائيل التى تضم أشقاءنا من اليهود المصريين .
عندما قرأت هذا الخبر و جدتني أمسك بقلمي مرة أخرى وأنا أصرخ ، فليصمت العاقل في هذا الزمان ووجدت أن قاريئ هو أقرب مني ليحتملني ويسمع صراخي لموريس صادق وغيره اُصمتوا منفضلكم رُبَّ سكوت أفضل من كلام اتبعوا كلمات معلم أولاد الملوك حينما قال : تكلمت كثيراً فندمت أما عن السكوت فلم أندم.
عزيزي الفاضل مُصدر هذا البيان العجيب قل لي ماذا أ ستفدت و أفدت من بيانك الحافل بالهول و المفزع بغريب القول فلا توجد جالية يهودية في مصر الآن و لا توجد آلام مشتركة تجمع الأقباط العزل المُحبين المخلصون لوطنهم ، لدولة لها جيش ومقاصد سياسية وتوسعية لا شأن للأقباط بها . بدلا من بالغ التعاطف الذي تشعره تجاه إسرائيل، اُشعر بالوطن الممزق والذي تشترك أنت الآن في حرقه و إشعاله . ومن هم يا من تعيش بعيد عن الوطن المسييحيين الذين يعيشون في مصر والذين منشغلون بشقاء اليهود. أهكذا رخص الأقباط في عينيك حتى ترميهم و توصمهم بخيانة وطنهم . أهكذا هان عليك أن تلقي بالكرة في ملعب المتعصبين من أعضاء الحكومة الذين تعودوا أن يرفضوا تعيين الأقباط في المراكز الحساسة والأمنية بحجة الخوف من صدق إنتماءهم للوطن فأعطيتهم الذريعة التي بها تزيد حياة القهر على إخوتك الأقباط . تطلب من الأقباط أن يتبرعوا بملايين الدولارات لليهود بلا من تطلب من القادر أن يسند المحتاج في هذه الأيام الصعبه .
لقد ثقل الحمل على الكنيسة وعلى قداسة البابا جدا فها هي حروب صعبه من الخارج ولكن أثقلها التي تأتي من الداخل .إنني أنتهز هذه المناسبة لأقول للذين يرفضون إعتكاف البابا وصمته أثناء الأزمات أن صمته أحكم من الكلام. أقول لقداسته يا أبي إن صمتك يا أبي أبلغ كثيرا من الكلام لأنه يأتي في وقت السكوت وهو الطريق الوحيد – كما علمتنا – ليتكلم الله فنسمعه . لقد ملئنا الدنيا كلام فهل توافقني عزيزي القارئ أن الصمت في زمن الكلام هو أبلغ لغات الكلام.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com