ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

د. "سكينة فؤاد": عدم تطبيق المواطنة بعدالة وتخلف الخطاب الديني سبب المظاهرات الدينية

حكمت حنا | 2010-10-31 00:00:00

د. "سكينة فؤاد": "المشكلة ليست في المادة الثانية لأن كل مواد الدستور تسلب المواطن حقه وتهدر كرامته"
 
د. "سكينة فؤاد" فى حوار خاص لـ"لأقباط متحدون":
- هناك مؤامرة على الشعب المصري حتى نستورد أكثر من 70% من الغذاء.
- لا أملك زراعة الأرض، لكني شاركت في صناعة الوعي بالقضية.
- نحن بصدد تقديم عريضة للنائب العام نتهم فيها الحكومة بتبديد ثروات الشعب واهدار أمنه الصحي والغذائي والقومي.
- لا يوجد ما يثبت احترام المواطن والمواطنة.
- تزوير الانتخابات وعدم الإيمان بتداول السلطة والإصرار على بقاء المادة 77 و88  جعلت المصريين يعتزلون العملية الانتخابية.
- المثقَّف عليه دور أكبر بكثير تجاه مشاكل مجتمعه، لكن يجب مشاركة باقي الفئات.
- الانهيار الثقافي والإجتماعي والتعليمي انعكس على واقع المبدعين.
 
أجرت الحوار: حكمت حنا 

تعتبر الكاتبة الصحفية د. "سكينة فؤاد" مِن أهم من تبنَّى قضية الأمن الغذائي في كتابتها التي استمرت لسنوات في عدد من الصحف المصرية، أهمها الأهرام. وساهمت هذه الكتابات، في توعية الشعب المصري بثرواته التي تُنتهك وتُغتصب منه على يد المسؤولين، كاشفةً الإهمال الذي يتعرَّض له العلماء من يمتلكون أعظم الأبحاث في مجال الإكتفاء الذاتي في القمح وتحقيق فائض أيضًا لتكشف الكتابات عن دور المسؤولين في الأزمة لتصبح ضريبة الكتابة الإقصاء عن العمل بجريدة الأهرام. وتستمر في حملتها، حتى تقديم دعوى للنائب العام ضد الحكومة تتهمها، بتجويع الشعب وانتهاك كرامته.
 
التقينا معها لمعرفة رأيها في العديد من القضايا التي تشغل المجتمع ودور المثقفيَّن في التوعية التي فقدت؛ لتصرِّح بأن الدور الذي يقوم به النظام لإظلام "مصر" من اجل تخويف المبدعين وبالتالي تراجع الإبداع، سبَّب الإنهيار الثقافي والإجتماعي والتعليمي والسياسي في "مصر"، وأن كل مواد الدستور تبطل مفعول المواطنة، وتُهدر للمواطن كرامته. هذا بالإضافة إلى قضايا أخرى تناولناها معها في هذا الحوار:
 
* ما هو سبب اهتمامك الشخصي بقضية القمح ومقالاتك المعنية بهذا الشأن؟
الزراعة من أهم أعصاب وأهم عناصر ومقومات قوة "مصر"، وفي أحد القراءات لعلماء المصريات في التاريخ، أن من أهم أسرار عبقرية المصريين كان غذائهم.. ما تمتلكه "مصر" من مقدرات تجعلها أرض خصبة تكوَّنت من مخزون فيضانات النيل، ومساحات شاسعة من الأراضي تجعل الزراعة أساسًا من أسس قوتها.. الفلاح المصري ودوره من أهم عناصر قوة هذا البلد؛ فقد لعب دورًا كبيرًا في تاريخ "مصر"، والآن سلبوا دوره. فأنا أهتم تحديدًا بقضايا الأمن الغذائي، وما يعنيه للأمن القومي والصحي.
 
* ما أهم المصادر التي أعتمدتِ عليها؟
أدركت حقائق كثيرة، ورأيت بناء فوق الأراضي الزراعية بتوحش. وكم أبحاث زراعية لنماذج مشرفة من العلماء التقيت بهم، يمتلكون ثروة من العلم ولا يستطيعون توظيفها في هذا البلد.
 
* طالما لدينا مقومات بشرية وطبيعية، لماذا نعتمد على الاستيراد؟
إنها مؤامرة على هذا الشعب، فليقدِّم لنا أحد الإجابة التي يقبلها العقل!! ما معنى امتلاك كل هذه الثروات التي توفِّر تحقيق اكتفاء واعتماد على الذات، وتوفر الأمن الغذائي والصحي والقومي، وتُهمل، ونستورد أكثر من 70% من الغذاء، ونكون أولى الدول على قوائم مستوردي القمح في العالم.
 
* ومن المسئول عن ذلك فى رأيك؟
"سوريا" عندما هدَّدتها "الولايات المتحدة الأمريكية" بمنع صفقات القمح، صدر قرار رئاسي بضرورة الاكتفاء الذاتي تحقق خلال ثلاث سنوات، واكتفت "سوريا" وأصبحت قادرة على التصدير.

يقولون: إن المشكلة في "مصر" الزيادة السكانية!! فما نسبة عدد المصريين قياسًا لنسبة عدد الهنود؟ كيف حققوا الاكتفاء وتجاوزوا التصدير؟ إنها حجج العاجزين والمستسلمين..
 
الحكومة المصرية فكَّرت أكثر من مرة في تحقيق الاكتفاء، وأعلنت تاريخ محدَّد لتحقيقه. فقد أعلن "يوسف والي" أنه في منتصف الثمنينيات سيتحقق الاكتفاء من القمح. و"أحمد الليثي" وضع خطة للاكتفاء ما بين 2007 – 2010.  وجاء "أمين أباظة" وأعلن أن الاكتفاء مستحيل، ثم تراجع وقال إنه في الإمكان تحقيقه في عام 2020، ونكتفي بنسبة 75%، وهذا تضارب ليس له معنى..
 
* قمتِ بشن حملات كتابية في شكل مقالات ضد "يوسف والي" تحديدًا، هل هناك موقف منه؟
لم يكن لي موقف مع أحد إلا في صالح الشعب، وحقه في أن يؤمَّن في غذائه، ويستثمر ما وهبه الله له من ثروات طبيعية في أرضه، وفي علم علمائه. فهل معقول أن نزرع الأرض بالطوب الأحمر والأسمنت والحديد، ونقضي على أخصب أراضينا، ويطالب الحزب الحاكم بتقنين البناء فوق الأراضي الزراعية؟! إنها فوضى في حق هذا الوطن، وفي الإرادة؛ فليس هناك إرادة وطنية تدرك حجم الغنى الذي يتمتع به هذا الوطن. 
 
* ماذا كانت نتيجة الكتابة إلا ضريبة الحرمان من الكتابة في الأهرام؟
الكلمة مهمتها أن تبصِّر الناس. فأنا لا أملك زراعة الأرض، بل أعتز بأني شاركت في صناعة الوعي بالقضية. أصبح المصريون يدركون كيف إنهم يتعرضون لاغتصاب وتجريف ثرواتهم الطبيعية، واستعدادهم لاكتتاب شعبي من أجل زراعة القمح، لكن يُخطط له بطريقة قانونية تمنع مافيا الاستيراد من تدمير المشروع. وعلى المصريين أن يدركوا إنهم إذ لم يواجهوا مشاكلهم شعبيًا، فالكارثة لن يحملها الكبار المتخمين بالثروات التي  ستضار منها هذه الملايين من الجوعى والمرضى والشباب العاطل الذي يحلم بفرصة عمل وأمل في المستقبل، والذي يهرب في مراكب صيد ليموت على شواطئ أوروبا بحثًا عن فرصة عمل، بينما إذا أُديرت ثروات بلاده علميًا، ازدهرت التنمية، وتوفَّر لكل شاب فرصة عمل حقيقية.. 
 
* لماذا اتهمتِ الحكومة بمسئوليتها عن تجويع الشعب؟
نحن بصدد تقديم عريضة للنائب العام نتهم فيها النظام بتبديد ثروات الشعب وإهدار أمنه الصحي والغذائي والقومي، وتبديد مقدرات قوته من علماء وأرض وزرع وفلاحين.
 
* هل لدينا بالفعل مفهوم حقيقي للمواطنة؟
إن ما يفعِّل المواطنة هى السياسات التي لا تفرِّق، وتطبِّق القانون بعدالة على جميع أبناء الوطن. أرى إنه لا يوجد ما يثبت احترام المواطنة والمواطن، وأن تطبيق القانون بعدالة ودون تفرقة، واحترام لآدمية الإنسان دون تمييز بسبب عقيدة أو جنس، هو الأساس للمواطنة.
 
* هناك من يرى أن المادة الثانية من الدستور تبطل مفعول المواطنة؟
تصوُّر خاطئ؛ لأن المشكلة ليست في المادة الثانية.. كل مواد الدستور تسلب المواطن حقه، وتُهدر حقوق المواطنة والعدالة والقوانين.
 
* أين المثقفين من قضايا المجتمع والتوعية بالانتخابات؟
قصر الثقافة على فئة معينة خطأ، فهي تتعدد ولا يمكن جعلها حكرًا على مجموعة معينة.. المشكلة أن الممارسات السياسية، وسيطرة حزب واحد لما يرقب من ثلاثين عامًا، وتزوير العملية الانتخابية، وعدم الايمان بتداول السلطة، والخطايا التي اُرتكبت في المادة (76)، والإصرار على بقاء المادة (77)، ورفع الإشراف القضائي وفقًا للمادة (88)؛ جعلت المصريين يعتزلون العملية الانتخابية.

إذن كل من يستطيع أن يلعب دورًا فعليه القيام به، وأن تنتقل المطالب الفئوية لمطالب وطنية؛ لأنه في ظل الديمقراطية وتداول السلطة والمجالس نيابية، هذا ما يحفظ حقوق الشعب. 
 
* لكن المثقف عليه دور أكبر من أي فئة؟

نعم، عليه دور أكبر بكثير. وبقدر ما أعطته بلده، وبقدر طاقته من مشاركات سياسية وثقافية، يساهم في حل مشكلات مجتمعه. وعليه أن يرفع صوته أكثر بالحق، وبالطرق القانونية والدستورية ليساهم في التغيير وإنقاذ البلد، وألا يكتفي بترويض عدد من المثقفين مما يُطلق عليهم حظيرة الثقافة.
 
* ما سبب تراجع المبدعين فى رأيك؟ شيوخ الحسبة، أم ضآلة الإبداع لديهم؟
الإنهيار الثقافي والسياسي والتعليمي والإقتصادي انعكس على واقع المبدعين،  وينتشر هذا الخوف الذي يستدعي إظلام "مصر". وأعتقد أن النظام يرى أن هذا هو الحل لإسكات الأصوات بقتل الإبداع.
 
* لماذا ينساق المجتمع وراء التيارات الدينية ويتأثر بها؟
ضاقت المفاهيم الدينية عن إدراك عظمة وإبداع الفكر الإلهي والديني واحترامه للعقل. أحيانا أحزن أن تضيق الرؤية عن إدراك عظمة وإبداع الرسائل السماوية وايمانها بالحريات.. فليكن الحوار بالعقل نقم عليه الأدلة، إن أخطأ فعلينا وقتها استدعاء حوار العقول.
للأسف سبب انسياق العامة وراء التيارات الدينية؛ ابتعادنا عن صناع النور والحضارة والثقافة والإبداع الذي تمتلئ به الرسائل السماوية. وهذا ينطبق على الإبداع والأمراض التي ترتبط بالعقائد في "مصر" والفتنة الطائفية. 
 
* أخيرًا، ما رأيك في المظاهرات التي تأخذ طابع ديني وتهاجم الآخر؟
لعب النظام بالمسيحيين في جانب والمسلمين في جانب آخر، وعدم تطبيق المواطنة بعدالة، وتخلف الخطاب الديني عن أن يقدِّم صحيح الدين الذي ينير العقول لإيضاح المفاهيم، هو السبب فى هذا التوتر.  

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com