"منى القازي": انتقل التليفزيون إلى الأعمال الكوميدية لإصابة الناس بالانكسار وفقدان الأمل
كتبت: ميرفت عياد
عقد المجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان "الصورة الذهنية التي أرستها أجهزة الإعلام المرئية عن كبار السن"، وذلك مساء الإثنين الماضي، بقاعة المؤتمرات بمقر المجلس، وقد قام بالإشراف على الندوة وتقديمها كل من؛ مخرج الأفلام التسجيلية "محمود سامي عطا الله"، والناقد السينمائي الدكتور "شكري الشامي"، والناقدة السينمائية "منى القازي".
هذا وقد بدأت الندوة بكلمة ألقاها المخرج "محمود سامي عطا الله"، والذي أوضح من خلالها أهمية الدور الاجتماعي والثقافي للتليفزيون المصري، والذي أعطى اهتمامـًا واضحـًا بكبار السن في البرامج، كشريحة اجتماعية مهمة تستحق الاهتمام بها.
وقد أشار "عطا الله" إلى أن العديد من البرامج التسجيلية التي تخاطب كبار السن، والتي يذكر منها على سبيل المثال؛ برنامج "ربيع العمر"، والذي كانت تعده وتقدمه السيدة "ثريا حمدان"، واستمر حتى نهاية التسعينات، كان مرآة صادقة لهذه الفئة العمرية، كما شملت بعض البرامج الأخرى فقرات تهتم بقضايا كبار السن، وتعرض صورًا مضيئة لبعض الذين يواصلون العطاء بعد تجاوزهم سن التقاعد.
وفي ذات السياق؛ أكد "عطا الله" على أن التليفزيون قد زخر بالعديد من الأفلام التسجيلية الجيدة، والتي تهتم بعرض نماذج من عطاء المسنين، ويذكر منهم على سبيل المثال فيلمين من إخراجه هما: فيلم "الناس والبحيرة"، والذي يعرض صورة الريس "أحمد"، ربان مركب الصيد الذي يعمل بكل نشاط وحيوية، رغم تجاوزه العقد السابع، والفيلم الثاني هو: "أحلام الطاووس"، والذي يدور حول الحرب العراقية الإيرانية، حيث يتم تجسيد مشهد نادر لجد عجوز يحتضن حفيده ليحميه من الاحتراق، إلا أن الإثنين يحترقان سويـًا.
شيوع الفساد والانتهازية
وعلى جانب آخر أشار الدكتور "شكري الشامي"، إلى أن كبار السن هم الفئة العمرية التي تتجاوز الـ65 عامـًا، ويبلغ تعدادهم في "مصر" حوالي 3.5 مليون في هذا العام؛ طبقـًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
مضيفـًا إلى أن بحثه عن الصورة الذهنية لكبار السن في السينما المصرية، شمل الفترة الزمنية منذ عام 1980 وحتى عام 1995م، وذلك لأنها فترة واضحة الدلالة على مجمل الأوضاع في المجتمع المصري، بكل فئاته العمرية المختلفة، والذين تبدلت أوضاعهم وانقلبت أدوارهم وتدهورت أحوالهم، وذلك نتيجة سياسة الانفتاح الاقتصادي وما صاحبها من اختلال منظومة القيم، وشيوع الفساد والانتهازية، إلى جانب تدني العلاقات الأسرية والإنسانية.
وعلى صعيد آخر، أوضح ""الشامي" أنه منذ بداية الثمانينات قد شهدت السينما الواقعية تيارًا جديدًا، ومن أعلامه البارزين المخرج "عاطف الطيب"، لأنه ذو حس سينمائي مرهف، واهتمام صادق بتصوير الإنسان المصري المكافح من أجل حياة أفضل، في ظل الانسحاق الشديد الذي أصاب غالبية المصريين الشرفاء من أبناء الطبقة الوسطى، وضياع أحلامهم وفقدان هويتهم بسبب سياسة الانفتاح، كما أنه عرض خلال أفلامه، التفاوت الرهيب في الدخل بين أفراد المجتمع، وانتشار الفساد من خلال ممارسات الانفتاحيين والأثرياء الجدد.
صراع المواطنين مع الحياة
أما الناقدة "منى القازي" فقد أوضحت أنه منذ بداية إرسال التليفزيون المصري عام 1960، وهو يعتمد على القيم السياسية والاجتماعية المحافظة، وكانت الأعمال التي تقدم عبر شاشته حريصة على دعم الأخلاقيات والقيم بشكل عام، والاحترام المتبادل بين الصغير والكبير، والانتماء للأسرة والمجتمع بشكل خاص، مضيفه إلى أن هذا يظهر في مسلسل "القاهرة والناس".
وتابعت أنه بعد ذلك جاءت النكسة، وأصيب الناس بحالة من الانكسار وفقدان الأمل، الأمر الذي جعل التليفزيون يتجه نحو الأعمال الكوميدية والترفيهية للتخفيف عن الشعب، واستمر هذا الاتجاه الترفيهي حتى بعد انتصارات أكتوبر 1973، على الرغم من وجود بعض الأعمال التي تغنت بالنصر وبالأجيال التي حققته.
وختامًا أكدت "القازي" أنه منذ تلك الفترة، قد أصبح دور التليفزيون مجرد رصد لواقع المجتمع، حيث نشاهد من خلاله الصراع السياسي بحثـًا عن الديمقراطية، والصراع الاقتصادي أمام القيم، بل وصراع المواطنين مع الحياة ككل.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com