ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

من ذاكرة التاريخ... من يحكم مصر؟

د. سليم نجيب | 2010-10-27 00:00:00

يمكننا الجزم بلا مبالغة أو تردد بأن التيار السياسي الديني قد أحرز في السنوات العشر الأخيرة نجاحاً يتجاوز كل الاحتمالات والتوقعات بحيث يمكن القول بأن هذا التيار التعصبي قد نجح في تكوين ما يمكن تسميته بالدولة الموازية أو الدولة داخل الدولة..

تشير وقائع التاريخ الحديث إلى أن العنف باسم الدين قد ظهر في مصر بعد سنوات قلائل من نشأة جماعة الاخوان المسلمين حيث كانت البيعة تتم على المصحف والمسدس فالاغتيال السياسي إذن ظهر وترعرع في حضن الاخوان المسلمين.

ولقد بلغ عدد التنظيمات الارهابية اليوم أكثر من 44 تنظيماً إراهابياً يشيعون في أنحاء البلاد جو الارهاب السياسي الديني بلا حسيب ولا رقيب فالدولة غائبة كل الغياب أما متعمدة أو متقاعسة أو مهملة أو خائفة وهي المسئولة الأولى والأخيرة عن هذا السرطان الارهابي الذي انتشر في كل مرافق الدولة.

وما يسمى بالتيار الاسلامي وإن تعددت تنظيماته الارهابية فهم جميعاً مشتقون من جماعة الاخوان المسلمون وهم جميعاً في سلة واحدة وجماعة واحدة وأهداف واحدة  هي الاستيلاء على كراسي الحكم تحت شعار الدين - والدين براء منهم.

والمتتبع لتاريخ الاخوان المسلمين وحيلهم ومكرهم السياسي يجد أنهم يقسمون العمل فيما بينهم فحسن الهضيبي المرشد العام الأسبق للاخوان يتظاهر بالاعتدال وعبد الرحمن السندي رئيس الجهاز السري للاخوان يتخصص في الاغتيالات السياسية والشيخ سيد سابق يختص باصدار الفتاوى والتنظيم السري عليه القتل وحسن البنا عليه الاستنكار لأي اغتيال سياسي أو اعتداء على الكنائس. وهو نفس ما يحدث اليوم مع اضافة بعد جديد وخطير هو المال الوافد من السعودية وهكذا تتعدد الأشكال ويختلف الرجال لكن الأفعال تظل نفس الأفعال فمنظمة الجهاد تهدد وتغتال، والاخوان يصمتون بل وأحياناً يستنكرون، وأصحاب المال - وعلى رأسهم  السعودية  ينفقون وأحيانا يشترون.

هناك من الكتاب الاسلاميين أمثال فهمي هويدي ود. سليم العوا وأحمد بهجت يحاولون تبرير هذا الارهاب السياسي الديني بأنه نتيجة مباشرة للتعذيب في سجون عبد الناصر ولكن التاريخ أثبت عكس ذلك وعدم صحة هذا التبرير والتضليل. فحوادث الارهاب السياسي الديني - في نهاية الاربعينيات - من جماعة الاخوان المسلمين هي حوادث شديدة العنف فكيف نبرر اغتيال القاضي أحمد الخازندار ومحاولة نسف محكمة الاستئناف وتفجير شركة الاعلانات الشرقية والقاء القنابل والمتفجرات على الكنائس والمتاجر المسيحية واليهوديو واغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا؟؟ هل نبرر ذلك كله بالتعذيب على يد النقراشي مثلا ثم محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية عام 1954 كان قبل تعذيبهم في المعتقلات.

إن هذا الارهاب السياسي الديني يتزايد يوماً بعد يوم بسبب تهاون الدولة في مواجهتهم وليس إلى العنف في المواجهة وتخاذلهم في التصدي لهم وليس إلى التجاوز في التصدي. لقد توقف الارهاب أيام ابراهيم عبد الهادي عام 1949 وأيام عبد الناصر عام 1954 لماذا؟ لأنهما تصدوا للاخوان المسلمين وطبقوا القانون الصارم عليهم وكانت النتيجة سنوات هادئة لم نسمع في عهدهما عن حوادث اعتداءات وارهاب وحرق كنائس وسرقة متاجر الأقباط ومن غرائب القدر أن ابراهيم عبد الهادي وجمال عبد الناصر قد ماتا على فراشيهما آمنين بينما اغتالت الرصاصات الارهابية من أخرج الاخوان المسلمين من السجون وأرضاهم بأن عدل الدستور بجعل الشريعة الاسلامية المصدر الرئيس للتشريع وتركهم يصدرون الصحف والمجلات ويسيطرون على الجامعات وأقصد بذلك "السادات". إن كل هذه الجماعات الاسلامية الارهابية تغذيها السعودية فالسعوديون هم الذين يضعون بذور التطرف الديني لأسباب سياسية ومع ذلك المسئولين يتفرجون ولا يتحركون من أجل مال البترول السعودي.

بقي دور الأزهر -سلطة الدين في مصر- فالاسلام السياسي الديني يتخفى وراء الأزهر الذي يصدر الفتاوى التي تحرم وتحلل. فها هي المنظمة المصرية لحقوق الانسان تصدر في مصر وثيقة تاريخية بالغة الأهمية بعنوان "حرية الرأي والتعبير في مصر" نقتبس من هذه الوثيقة بعض الفقرات دونما أي تعليق من جانبنا فتقول الوثيقة " في فبراير عام 1988 أصدرت إدارة البحوث والترجمة والنشر بمجمع البحوث الاسلامية قراراً بمصادرة عدة كتب من المعرض الدولي للكتاب المقام بالقاهرة آنذاك ومنع تداولها وهي:
1- مواجهة الفكر المتطرف في الاسلام
2- قضية الحكم بما أنزل الله
3 فتنة العصر الحديث
4- أبو هريرة (صادر في لبنان)
5- المسلمون العلويون في مواجهة التجني (صادر في سوريا)
6- مسافة في عقل رجل لمؤلفه علاء حامد وتم حبس المؤلف
7- رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ وكان الشيخ عمر عبد الرحمن مفتي جماعة الجهاد قد أهدر دم نجيب محفوظ
8- مقدمة في فقه اللغة العربية للدكتور لويس عوض. ومما هو جدير بالذكر أن اللجنة التي شكلتها المحكمة من عبد الرحمن الشرقاوي وأحمد حسن الباقوري وابراهيم بيومي مدكور قد اجمعت على ضرورة الافراج عن الكتاب إلا أن مجمع البحوث اعترض وأصر على مصادرة الكتاب فصودر.
وأخيرا تورد الوثيقة تصريحاً منسوبا للسيد فاروق حسني وزير الثقافة يقول فيه "الأزهر سلطة عليا وعندما يفتي الأزهر نسكت جميعاً".

والآن وبعد أن عرضنا ثلاثية الارهاب السياسي والفكري والمالي – أي ثلاثية الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية والسعودية والأزهر - نجد أن الدولة رغم ترسانة قوانين الطوارئ وقانون العقوبات تقف موقف المتفرج خصوصا حينما تكون الاعتداءات ضد الأقباط وكنائسهم ومتاجرهم وأرواحهم. أما اذا كانت الاعتداءا ضد ممثلي السلطة مثل الشيخ الذهبي أو المرحوم الدكتور رفعت المحجوب أو وزير الداخلية السابق حسن ابو باشا هنا تتحرك سلطات الأمن فتعتقل أعضاء الجماعات الارهابية وتودعهم السجن ثم تفرج النيابة او القضاء عنهم للسبب المعتاد "عدم كفاية الأدلة".

إن الموضوع جد خطير ليس على الأقباط فحسب بل على مصر كلها وعلى نظام مبارك ذاته. إن الأمر يتطلب صلابة الدولة مع الارهابيين المخربين العابثين بأمن وأمان الوطن والمواطنين - أقباطاً ومسلمين. والا سينفلت الزمام وتتكرر أحداث رفعت المحجوب ومأساة المنصة -لا قدر الله-
حمى الله أرضنا المقدسة وشعبها وتراب مصر من كل شر.

المراجع:
1- الارهاب للدكتور فرج فودة (1988)
2- النذير للدكتور فرج فودة (1989)
3- نكون أو لا نكون للدكتور فرج فودة (1990)
4- حسن البنا للدكتور رفعت السعيد (1990)
5- الاخوان المسلمون والمجتمع المصري للأستاذ محمد شوقي زكي (1954)
6- الاخوان المسلمون للدكتور ريتشارد ميتشل تقديم صلاح عيسى (1977)
7- مذكرات في الدين والسياسة لحسن أبو باش - جريدة الحياة (لندن 20/9/1990)
8- مجموعة مقالاة منشورة بجريدة الأهالي للدكتور رفعت السعيد عن جماعة الاخوان المسلمين (الأهالي 12 و 19 و 26/9/1990 و 3 و 10 و 24/10/1990)

دكتوراه في القانون والعلوم السياسية

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com