بقلم :نشأت المصري
في كل يوم وفي كل ساعة تتقدم الدول العظمى لتكون الرائدة في العلم والتكنولوجي, تتقدم أيضاً الدول النامية وبالأخص الدول الإسلامية متجهة خلفاً تجاه أزمة كبيرة للخلاق والأمانة والصدق, وهذا التقدم مع الأسف الشديد بخطى واسعة وسريعة تجاه عدم الأخلاق.
يقولون أن مهبط الأديان في منطقة الشرق الأوسط سواء المسيحية أو الإسلام أو اليهودية, اليهودية بتعاليمها ووصاياها العشر وأنبيائها وملوكها على مر التاريخ يتغنون بأقوالهم مرددين كتاباتهم منادين بالأخلاق والمحبة وحب الوطن.
كذا المسيحية بتعاليم سيدنا ومؤسس إيماننا يسوع المسيح تنادي بالمحبة وحب الوطن ومحبة الآخر مهما كان اختلافه معنا ومهما كان عدائه لنا, كما تنادي بالوداعة, والأمانة, والعطاء بلا حدود بل العطاء بدون أن نطلب مقابل له سواء معنوي أو انتظار رده.
والإسلام كما ينادى به في كل المحافل وما يحويه من سماحة ومنادي أيضاً بالأخلاق والأمانة والمواطنة, لدرجة أن الأخوان المسلمين يعتبرون في الإسلام الحل لأزمة الأخلاق المتفشية في مجتمعاتنا الشرقية وفي الدول الإسلامية, هذا بالرغم عن إدانة هذه الدول بالدين الإسلامي!!!.
أي أن جميع الأديان والمذاهب والطوائف داخل الدين الواحد تنادي بالأخلاق وتنبذ عدم الأخلاق بل يمكن ان نقول جميع الأعراف على وجه الأرض تنبذ عدم الأخلاق وتنبذ روح العداء داخل المجتمع الواحد وعليه وضعت القوانين في الدول التي ليس لها دين معين لتكون الفيصل بين الأخلاق وعدم الأخلاق, ولكن الملاحظ مع الأسف الشديد سلوك الدول مهبط الأديان منافي تماما للأخلاق وسلوك الدول التي تعتمد على القانون الوضعي لها وتحترمه تسلك في الأخلاق أكثر بكثير من دولنا والتي تطلق أسم الدين على الدولة.
ونتساءل هنا : هل القانون ينفي التدين بدين معين؟ بالطبع لا ففي كل دول العالم أديان ومتدينين ولهم علاقات حميمة بربهم أو على الأقل ما يعبدون!!, ولكنهم في أوطانهم يحترمون القانون ويسلكون تجاه أخلاقيات عامة لمجتمعاتهم من منطلق آخر غير الدين هو احترام القانون والدستور.
لهذا ليس للدين علاقة مباشرة للأخلاق داخل المجتمع, ولكن يمكن أن يكون تعاليم الأديان هي المصدر للقانون والذي يحترمه الجميع بدون استثناء,
أما دولنا الإسلامية والتي نتغنى بها أنها مهبط الأديان فشلت في المحافظة على الأخلاق في المجتمع, بل من شدة التعلق بالأديان إطلقت أسمائها مقروناً بأسماء دولنا الشرقية والإسلامية.
ولكي لا يتهمني أحد بأني أفرق بين دين ودين أو بين المسيحيين والمسلمين في مصر مثلاً ,, فالجميع سواء مسيحيين أو مسلمين منتمون إلى أديانهم بصورة عنصرية يحاربون في داخلهم الدين الآخر أو معتقدي الأديان المخالفة, تاركين أوطاننا بدون احترام لقانونها والمفترض أن يتناسب مع كل الشعب بكل معتقداتهم, وليس القانون المفصل والمؤول لحماية أصحاب دين وقهر أصحاب الأديان الأخرى.
ومن هنا ينبع الخطر فأصحاب أي دين غير دين الأغلبية في جميع الدول الإسلامية تتعامل على أنها رعايا وليسوا أصحاب وطن أو أصحاب حق في أوطانهم فتشأ الصراعات بين معتقدي الأديان, تاركين القانون أو مؤولين القانون لحساب أغراضهم العنصرية تاركين الأخلاق, ليسود في النهاية لدى الجميع عدم أخلاق.
فقد تجد عدم الأخلاق الذي تفشى في مجتمعاتنا في صور عدة منها:
· مثل الموظف الذي يترك واجبات وظيفته متحججاً بمواعيد الصلاة أو الصيام او متعبداً بقراءة الكتب الدينية أثناء فترات العمل الرسمية.
· مثل المعلم الذي لا يخدم العملية التعليمية مستغلاً إياها في تعليم العنصرية أو وضع مناهج تخدم معتقده العنصري ليعلم بها الأجيال المستقبلية, أو المعلم الذي يتاجر بمهنته فيستغل التلميذ لينهبه ويبتزه في صورة الدروس الخصوصية .
· مثل أعضاء البرلمانات الذين يسعون للكرسي لسد نزوة لدى أهله وعشيرته ومستغلاً الحصانة الموهوبة لهذا الكرسي.
· مثل البلطجي الذي يترك العمل والمثابرة في كسب قوته, فيحمل السلاح وطرق البلطجة لينهب من تطوله يده.
· مثل المتحرشين بالأطفال والنساء تاركين استعمال الجنس كما شرعه الله مولعين بشهواتهم من خلال الفحشاء.
· مثل المتاجرين بأقوات الشعب رافعين الأسعار ناهبين قوت الغلابة ومستغلين حاجة المحتاج من الشعب, وبكل قسوة يزيدون ملياراتهم على حساب قروش الغلابة.
· مثل حكومة منشغلة بتوطيد الزعيم وترسيخ حكمه على حساب الشعب والمواطن الفقير.
· مثل منادي بهتافات ضد البابا والذي أعطى لمصر أكثر بكثير مما أخذ بل أعطى بدون أن يأخذ لأنه راهب ترهب عن العالم وملذاته.
· مثل الداعية أو الواعظ الذي يدعو ويعلم دون أن يعمل هو بما يعلم.
· مثل من وجدوا في أنفسهم أنهم جبابرة فأخذوا على عاتقهم قتل أو سلب أو تهجير كل مختلف معهم في العقيدة أو الدين.
· مثل ولد لا يحترم مدرسه ولا والده ولا والدته ولا الشيخ ولا العجوز ولا الطفل الذي يصغره ولا ما هو مقدس لدى البعض ضارباً عرض الحائط بكل القيم والمبادئ في المجتمع.
هناك الكثير والكثير من صور عدم الأخلاق في المجتمعات الإسلامية أو الدول الشرقية ولا يسعفني تفكيري لسردها واحدة واحدة ولكن السمة السائدة هي عدم الأخلاق, وقد يسميها البعض فهلوة , أو شطارة , أو يبررها البعض بقولهم الغاية تبرر الوسيلة.
ومن منبري المتواضع هذا أدعو رجال الأديان بتعليم المجتمع الأخلاق وليس غير الأخلاق فهي مرادف لعلاقة الشخص بالمجتمع المحيط والآخر المتعايش معه, فإن فشل في هذه العلاقة فقد فشل في العلاقة مع الله فيقول معلمنا يوحنا الحبيب في رسالته الأولى الإصحاح الثاني :
8 ايضا وصية جديدة اكتب اليكم ما هو حق فيه و فيكم ان الظلمة قد مضت و النور الحقيقي الان يضيء9 من قال انه في النور و هو يبغض اخاه فهو الى الان في الظلمة10 من يحب اخاه يثبت في النور و ليس فيه عثرة11 و اما من يبغض اخاه فهو في الظلمة و في الظلمة يسلك و لا يعلم اين يمضي لان الظلمة اعمت عينيه
لهذا لابد من الأخلاق ولا شيء غيرها ليصلح مجتمعاتنا الشرقية, ربما تأخر المطلب, ربما باحلم بمجتمع مصري يتسم بالأخلاق ولكن لا يأس مع الحياة
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com