ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

ما هي اهتماماتك؟

| 2010-10-17 11:10:30

أسألك يا أخي بماذا تهتم؟ ما هي الأولويات في اهتماماتك؟ لا شك أنه حسب اهتمامك يكون حماسك‏,‏ ويكون عملك وتكون إرادتك والسؤال الخطير هو‏:‏ هل كل اهتماماتك بحياتك الأرضية‏,‏ أم بمصيرك الأبدي في العالم الآخر؟ إنه حسب اهتمام كل واحد‏,‏ هكذا تكون حياتك‏.‏

وأنت مثلا حينما تستيقظ كل يوم‏,‏ بماذا يكون اهتمامك؟ هل تهتم بالاستعداد للذهاب الي عملك‏,‏ فتشغل كل وقتك بذلك؟ أم اهتمامك الأول هو كيف تبدأ اليوم مع الرب‏,‏ فيكون الله أول من تتحدث اليه في صلاة أو تأمل‏..‏ أم تقول ليس لدي وقت للصلاة‏!‏ ويقينا لو وضعت الصلاة والتأمل في قمة اهتمامك‏,‏ لأمكنك أن تجد لهما وقتا‏.‏
‏**‏ حتي في الحياة الروحية‏..‏ كثيرون يجعلون قمة الاهتمام في النشاط والحركة وليس في روحانية العمل‏,‏ ففي الخدمة الاجتماعية مثلا قد نجد نفس الظاهرة‏:‏ الاهتمام الوحيد هو العناية بالفقراء ماديا‏,‏ سواء في المساعدات المالية‏,‏ أو في مشاكل المرض أو الإسكان وما إلي ذلك‏.‏ ويندر أن نعطي اهتماما حقيقيا بروحيات هؤلاء المحتاجين‏!‏
ونفس الوضع في عناية الأسرة بالطفل‏:‏ نري الاهتمام الأول للأب والأم هو تربية أطفالهما من جهة الاهتمام بصحة أولادهما‏,‏ وأكلهم وشربهم ولبسهم‏,‏ وأيضا بتعليمهم وإعدادهم لوظائف لائقة‏..‏ ثم بعد ذلك تزويجهم‏..‏ وفي كل ذلك لا تهتم الأسرة بإعطاء الأطفال الغذاء الروحي اليومي‏,‏ مثلما يهتمون بغذائهم الجسدي‏.‏ بينما كل أب مسئول عن تربية أبنائه روحيا‏,‏ وكذلك الأم مسئولة‏..‏ وعلي الرغم من عدم تربية الأولاد روحيا‏,‏ يقول كل من الأب والأم أشكرك يارب‏,‏ أني أديت رسالتي من جهة أبنائي‏.‏ الآن ضميري استراح من جهتهم‏!!.‏
‏**‏ مثال آخر يحدث في حالة الخصم والخصومة‏:‏ هل إذا كان لك خصم‏,‏ يكون اهتمامك الأول أن تحطمه أم أن تحاول أن تكسبه؟‏!‏ إنه حسب اهتمامك سيكون تصرفك معه‏.‏
‏**‏ نتطرق أيضا إلي اهتمام كل شخص بنفسه‏:‏ الاهتمام هو في شهوات جسده كيف يحققها؟‏!‏ أم اهتمامه في أموره المالية كيف ينميها يوما بعد يوم؟ أم اهتمامه في الوصول إلي السلطة بأية الطرق؟‏!‏ أم اهتمامه في أن يكون له مركز اجتماعي ينال به احترام الناس وإعجابهم؟‏!‏ وفي كل ذلك قد يختفي من اهتمامه كيف يقتني الفضائل واحدة بعد أخري‏!‏ وأيضا لا يكون من اهتمامه أن يضبط نفسه بالطريقة التي لا يخطئ بها أبدا‏..‏ عجيب أن الناس لا يهتمون بهذا الأمر أبدا‏.‏
‏**‏ البعض أيضا يهتم بمجرد الراحة النفسية‏,‏ له ولغيره‏,‏ حتي لو لم تكن علي أساس روحي‏!‏ فالأم مثلا قد تضع في اهتمامها الأول أن تكسب محبة ابنها‏,‏ وأن تريحه لكي يريحها‏,‏ ولو كان ذلك علي حساب روحياته‏!‏ فتدلله وتعطيه كل ما يطلب‏,‏ وتغطي علي أخطائه‏,‏ ولا توبخه علي خطأ خشية أن تفقد محبته‏!!‏ فينشأ الولد مدللا ويفسد‏.‏ لأن أمه لم تضع في اهتمامها أن تقوده في الطريق السليم‏,‏ حتي ولو وجد حينا‏,‏ حتي ولو وقفت ضد إرادته الخاطئة‏,‏ ثم تقنعه وتصلحه وتصالحه‏.‏ إنها إن اهتمت براحة نفسيته‏,‏ وليس بروحياته‏,‏ ستفقده أبديته‏..‏ بل حتي في حياته الاجتماعية سيفشل‏.‏ لأنه سيخرج إلي المجتمع فلا يجد نفس التدليل الذي اعتاده في البيت‏,‏ فيتعب‏,‏ وتكون التربية المنزلية قد أضرت به نفسيا‏,‏ ولو بعد حين‏.‏
‏**‏ كذلك نري الاهتمام بحالة المريض النفسية‏,‏ وليس بمصيره الأبدي‏!‏ وبألوان كثيرة من الكذب والخداع‏,‏ يخفي عنه حقيقة مرضه خوفا علي نفسيته ومعنوياته التي توضع في قمة الاهتمام‏..‏ إلي أن يفاجئه الموت‏,‏ ويموت بدون استعداد‏,‏ ويهلك‏..!‏ بينما المفروض في الأمراض الميئوس منها أن يعد المريض لأبديته وبحكمة‏,‏ لست أنصح أن تكاشفه بحقيقة مرضه إن كان لا يحتمل‏.‏ إنما أن نضع في قمة اهتمامنا أن نعده روحيا بكل حكمة تقوده إلي الحياة مع الله‏,‏ وليس بسبب الخوف من الموت‏..‏ إنما بأسلوب إيجابي مؤثر وبكل وسائط النعمة المتاحة‏.‏
‏**‏ هناك سؤال أساسي نعرضه في موضوع الاهتمام‏:‏ هل أنت تركز كل اهتمامك بنفسك‏,‏ أم تهتم بغيرك‏,‏ ولو فضلته علي نفسك؟ هل اهتمامك الأول هو ذاتك؟ أم أنت تخرج من دائرة الذات‏,‏ لتهتم بالآخرين‏..‏ اهتماما من عمق قلبك‏,‏ تصل فيه إلي العطاء والبذل‏,‏ إلي حد بذل النفس أيضا‏..‏ هل تهتم براحتك أم براحة غيرك؟ وهل في اهتمامك براحتك‏,‏ لا مانع لديك أحيانا أن تبني راحتك علي تعب الآخرين؟‏!‏ كالأسرة التي تطلب من عائلها طلبات فوق احتماله‏,‏ وترهقه وتحرجه وتربكه‏,‏ ولا تبالي‏!‏ أما الروحيون والمصلحون فقد جعلوا اهتمامهم الأول يتركز في المجتمع الذي يعيشون فيه‏.‏ كما يهتمون أيضا بالوطن كله‏,‏ وبالعالم البشري أيضا‏,‏ كالمساهمة في راحته وفي تخفيف أتعابه‏,‏ وهكذا ظهرت هيئات وجمعيات هدفها إنقاذ الآخرين أو إعانتهم من كل ناحية‏..‏ مثل الهيئات العالمية للصحة‏,‏ ولتربية الأطفال‏,‏ ولإنقاذ العالم من الجوع والكوارث والمشكلات الاجتماعية‏,‏ والهيئات التي تجاهد للمحافظة علي حقوق الانسان‏.‏
‏**‏ ونري للأسف أنه أحيانا يكون كل اهتمام الشخص أن يصل إلي طلب ما‏.‏ وربما لا يكون غرضا روحيا‏,‏ ولا غرضا اجتماعيا‏.‏ إنما هو لإثبات الذات ووجودها أو لارتفاعها بطريقة ما‏.‏ وفي سبيل الوصول لهذا الغرض‏,‏ لا يهتم بالوسيلة ماذا تكون؟ بريئة أو غير بريئة‏,‏ صالحة أو مدمرة‏,‏ ولا يبالي إن كانت وسيلة خاطئة‏!‏ إنه تركيز الاهتمام كله في الوصول إلي الغرض حتي ولو ضيع الانسان نفسه‏!‏ وكم من أشخاص باهتمامهم بأغراضهم قد وصلوا إلي الجريمة أو إلي إضاعة الغير‏.‏ وعجيب أن بعض المهتمين بالإصلاح‏,‏ قد يهتم بملء عقول سامعيه بالمعلومات‏,‏ دون أن يهتم بروحياتهم أو أبديتهم‏!!‏

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com