سكان الحي:
- كُتِبَ علينا وعلى أولادنا أن نواجه الموت كل دقيقة
- المباني قائمة لتهدد المارة بالموت المحقق
- العشوائيات والإهمال والسلبية يسيطران على "حي بولاق أبو العلا"
- شباب المناطق العشوائية يتسمون عادة بالعنف وارتكاب الجرائم
- يشعر سكان "حي بولاق" بالفقر والقهر والظلم
- سكان العشوائيات يعانون من تدني مستوى المعيشة؛ الماديـًا وثقافيـًا واجتماعيـًا
كتبت: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
"حي بولاق أبو العلا"، أحد الأحياء العريقة بمحافظة "القاهرة"، ذاع صيت هذا الحي أثناء الحملة الفرنسية على "مصر" (1798- 1801م)، حيث كان بمثابة الميناء الهام للفرنسيين أثناء الحملة للوصول إلى مناطق الوجه البحري.
إلا أن هذا الحي تقبع خلفه الآن العديد من الحكايات والأسرار، فقد كان هو الحي الذي اتخذه الصفوة والأمراء مقرًا لإقامتهم وترفيههم، كما أن "مجلة ذاكرة مصر المعاصرة" كانت قد اتخذته موضوعـًا رئيسيـًا في عددها الثالث، حيث تم اكتشاف العديد من الأمور حول التاريخ الغامض لهذا الحي، بدءًا من المعنى الغامض لهذا الاسم الذي اختلف المؤرخون في تفسيره، والذي يُرجح أن يكون مشتقـًا من كلمة فرنسية، تعني "البحيرة الجميلة"، كما أن العديد من الباحثين احتاروا في تكوين منطقة "بولاق" التي كانت تغمرها مياه الفيضان.
ولعل بعضهم أرجع هذا الاسم إلى غرق سفينة كبيرة في النيل منذ زمن بعيد، وأدت ترسيبات طمي النيل عليها إلى تكوين أرض جديدة، وهي "حي بولاق" الذي نعرفه الآن.
العصر الذهبي لـ"حي بولاق"
شهد هذا الحي عصره الذهبي في عصر "محمد علي" باشا، حيث اهتم بشق طريق يصل بين "القاهرة" وضاحية "بولاق"، وقد ساعد هذا على تعميرها، كما شهد هذا الحي إنشاء ترسانة للسفن، وإنشاء أول مطبعة في "الشرق الأوسط"، حيث تم تحويل هذه المنطقة إلى منطقة صناعية ضخمة بها المسابك والمصانع والورش والمطابع، ثم حدثت طفرة كبيرة لهذا الحي عندما تم إنشاء كوبري "بولاق أبو العلا"، والذي تم افتتاحه في عهد "الخديوي عباس" عام 1912.
ويتمتع هذا الحي بموقع جغرافي متميز، حيث أنه يمثل قلب العاصمة، وعلى بُعد خطوات من كورنيش النيل، وعلى الرغم من هذا الموقع المتميز وهذا التاريخ العريق للحي، إلا أنه قد ظهرت عليه علامات الشيخوخة، فقد أصبح متهالكـًا في مبانيه، كما أن سوء الحالة الاقتصادية والاجتماعية للقاطنين به جعلته يُعد من الأحياء الفقيرة والعشوائية، لذلك تسعى الشركات الاستثمارية لإزالة مباني هذا الحي والاستفادة من موقعه المتميز في العديد من المشروعات الاستثمارية الكبرى، غير مهتمين بسكانه.
فتُرى.. ما هي المشاكل التي يعاني منها أهالي "حي بولاق أبو العلا" الآن؟؟ هذا ما سوف نعرفه خلال بعض اللقاءات التي أجريناها مع بعض الأفراد القاطنين هناك.
الموت يلاحقنا في كل مكان!!
تقول "صفية" -ربة منزل- لقد كُتِبَ علينا وعلى أولادنا أن نواجه الموت كل دقيقة، لأن نسبة كبيرة من منازل ذلك الحي تعانى من التصدعات القوية، ولهذا صدر قرارًا بإزالتها، إلا أن السكان فقراء؛ لذلك لم يستطيعوا مغادرة تلك البيوت والانتقال إلى مكان آخر يحميهم ويحمي أولادهم من الموت.
وأوضح "عبد الخالق" -موظف- أن الموت يلاحق الجميع في كل مكان، لأن هناك العديد من الإنهيارات التي تحدث في المباني إلى الدرجة التي تجعل حتى عابر السبيل لا يأمن طريقه، لأنه مهدد بأن تنهار إحدى هذه المباني فوق رأسه أثناء سيره في الشارع، وهذا حدث بالفعل مع إحدى السيدات.
وقد أرجع "عبد الخالق" هذا إلى أن بعض المنازل التي صدرت بشأنها قرارات الإزالة وتم إخلاءها بالفعل من السكان لم يتم هدمها!! بل هي قائمة لتهدد المارة بالموت المحقق.
العنف وارتكاب الجرائم
ويتساءل "محمود" -عامل- عن دور الحكومة التي كانت ترى هذه العشوائيات والإهمال والسلبية تسيطر على هذا الحي، أين كان المسؤولون والتلوث يتسرب إلينا وينتشر في كل مكان؟ سواء كان التلوث بمياه الصرف الصحي التي تغرق الشوارع في كثير من الأحيان؟ أو تلال القمامة المنتشرة في أماكن عديدة من الحي لتهدد صحة المواطنين بالأمراض.
ويتحدث "عم فتحي" -صاحب أحد محلات البقالة- عن شباب المناطق العشوائية الذين يتسمون عادة بالعنف وارتكاب الجرائم، لأنهم لا يجدون فرصة عمل أو طريقـًا سويـًا ينفسون فيه عن طاقاتهم، أو يكسبون منه قوت يومهم، حيث لاحظ خلال السنوات الماضية أن العديد من هؤلاء الشباب يعتنقون أفكارًا متطرفة، ويُحرِّمون كل شيئ ويتهمون الجميع بالكفر.
تدني مستوى المعيشة
وأشار "محمد" -ميكانيكي- إلى أن العديد من المناطق العشوائية تجاورها مناطق راقية تحيط بها كأذرع الأخطبوط، ضاربا متخذًا من مجاورة حي "بولاق" لحي "الزمالك" مثالاً لذلك، مضيفـًا أن هذا على الرغم من أن المقارنة بينهما صعبة للغاية، لذلك فدائمـًا ما يشعر سكان المناطق العشوائية بالفقر والقهر والظلم عندما يرون سكان المناطق الراقية بمنازلهم الفخمة وسياراتهم الفارهة.
ويوافقه الرأي "أحمد" -طالب جامعي- والذي يرى أن المناطق العشوائية لا تكمن خطورتها كمشكلة سكانية فقط، بل هي في الأساس مشكلة اجتماعية، لأن سكان تلك المنطقة يعانون من تدني مستوى المعيشة؛ سواء المادي أو الثقافي أو الاجتماعي، وهذا ما يتتبعه تدني آخر في المستوى الأخلاقي، وانتشار للجريمة والسرقة بسبب تفشي البطالة، وانتشار حالات الاغتصاب والتحرش وما إلى ذلك من سلوكيات عنيفة ينتهجها شباب هذه المناطق العشوائية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com