رحل عن عالمنا الأديب المصرى الذى رضع من أرض مصر وعاش حياته يعمل من أجلها فكان مراسلاً حربياَ فى حرب 1973 وعاش الحرب بين الجنود والضباط وكتب عدداً ضخماً من المؤلفات وكانت أول معرفتى به حين قرأت «أوراق شاب عاش منذ ألف عام» وتلاها «الزينى بركات» وهى فى تقديرى أعظم أعماله الروائية والتى أثرت فى جيل بأكمله.
أسس الغيطانى جريدة أخبار الأدب ورأس تحريرها حتى أحيل إلى المعاش وهى أول جريدة أدبية تستمر ولا تتوقف فى مصر وقدمت للمصريين كثيرا من أعمال الشباب بالإضافة إلى تقديم الأدب العالمى.
تأثير الغيطانى على المصريين كان كبيراً لأنه لم يعش فى قوقعة بل عاش مع الناس وصادق البسطاء والعظماء وقدم التاريخ والآثار العربية فى مصر للناس بلغة سهلة.
حارب الغيطانى الفساد والظلم وخاض معارك كبيرة وللأسف أصيب بمشاكل فى صمامات القلب وعضلته وهو فى الخمسينيات وأجرى عدة عمليات جراحية فى القلب وبالرغم من تكالب الأمراض عليه فى السنوات الأخيرة كان مبتسماً ومتحدثاً جميلاً ذا ثقافة موسوعية. وقد أسعدنى الحظ بالتعرف على الغيطانى منذ أكثر من عشرين عاماً وكان عضواً دائماً فى نادى الكتاب الذى تنظمه ابنتى هنا فى منزلنا كل شهر.
وتعرفت على زوجته الصحفية القديرة ماجدة الجندى وهى سيدة عظيمة فى العطاء ومهنية متفوقة وابنه محمد الدبلوماسى وابنته ماجدة وأصبحت تجمعنا صداقة رائعة. تركت فراغاً هائلاً يا جمال، لروحك ألف تحية.
ومنذ أيام رحل أديب من جيل آخر هو إدوار الخراط المولود فى «غيط العنب» الحى الشعبى بجوار ترعة المحمودية بالإسكندرية والعاشق للإسكندرية وتاريخها وناسها وأهلها.
أذكر وأنا طالب فى السنة الثالثة طب سمعت أن هناك أديباً كتب مجموعة قصصية بديعه اسمها «حيطان عالية» فاشتريتها وحين بدأت قراءتها وجدت لغة شعرية جميلة ولكنها غريبة بالنسبة لى فلم أكن معتاداً على قراءة هذا النوع من الأدب الذى يخلط الأدب بالخيال والشعر فكانت القراءة صعبة وتأخذ وقتاً وفى النهاية اكتشفت أننى أمام أديب رائع ولكنه مختلف وكان يوسف إدريس بقصصه القصيرة ساحرنا الكبير وتعلمت من الخراط أن أتمتع بأدب مختلف ليست فيه أيديولوجية ولا واقعية، ثم قرأت له رواية صعبة تأخذ وقتاً اسمها «رامة والتنين» وفيها من الخيال واللغة الشعرية ما يجعلك فى أجواء ساحرة.
وتوالت رواياته عن الإسكندرية وشعبها ونسائها وكانت روايتى المفضلة فى مرحلة لاحقة هى «ترابها زعفران».
إدوار الخراط كان أيضاً مترجماً وباحثاً ودارساً ولكنه بسبب طبيعته وانعزاله عن الناس وبعده عن الكبار لم ينل حظه من الشهرة، ولكن أدبه سوف يظل علامة هامة فى تاريخ الرواية المصرية.
علاقتى مع ابنه د. أيهاب الخراط علاقة وثيقة وحميمة منذ عرفت إيهاب وأنا دائماً أذكر كيف أثر الراحل إدوار الخراط فى جيل بأكمله..
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com