ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الخداع الأمريكى.. وزمن اللامنطق!

بقلم : امال عثمان | 2015-11-18 19:07:08

 هل حقاً هناك مؤامرة أمريكية تحاك ضد الوطن كما نتصور؟! وهل الإعلام الغربى يخضع لتعليمات وتوجيهات وضغوط مثلما يحدث فى عالمنا العربى أم أنه برىء من تلك الاتهامات براءة الذئب من دم ابن يعقوب؟!

 
الكاتب الأمريكى هلبرت شيللر يشير فى كتابه «المتلاعبون بالعقول» إلى التضليل الإعلامى والوعى المعلّب، والترويج لأسطورة حرية مؤسسات الإعلام الأمريكية، والتى يرى أن عملها ينحصر فى إخفاء شواهد التضليل حتى يعتقد الجمهور المضلل بحياد تلك المؤسسات، ويقول إن الحكومة الأمريكية التى تدّعى لنفسها الليبرالية، وعدم التدخل فى الإعلام باعتبار أن حريته مقدسة ويجب صونها، هى فى الحقيقة أكبر منتج ومسوّق للمعلومات، وأكثر مروّج للدعاية وأهم أداة فى توجيه الإعلام، وأنها تعمد لإيجاد اتفاقيات بين الإدارات ووسائل الإعلام لتنظيم الرقابة على الأخبار بطرق خفية، وعلاقات غير معلومة بين السلطات الحكومية ومؤسسات الاستطلاع المؤثرة فى الرأى العام.
 
كما يرى سيمون سرفاتى صاحب كتاب «عالم جديد نأت عنه أمريكا» أن الولايات المتحدة تستخدم كل تقنيات التسويق الإعلامى لسياستها، ولا تتوانى أبداً عن استخدام التضليل والكذب، وأن وسائل الإعلام الأمريكية تخضع للضغط وتقوم بإفشاء وتسريب الأخبار، وتشويه المعلومات أو على الأقل لا تتحقق من المعلومات التى تنشرها وتحصل عليها من الإدارة الأمريكية، وأحد أهم الأدلة التاريخية على هذا التضليل، يكمن فى سلسلة الأكاذيب التى أطلقتها حكومة «جورج بوش» فى سعيها لاحتلال العراق، والمعلومات الكاذبة التى كانت تنشرها بشكل عدوانى عن ليبيا!
 
ويرى المفكر ناعومى تشومسكى أن أمريكا تجاوزت الأمم المتحدة ضمن مفهوم الحرب على الإرهاب، ورفضت الحصول على تفويض من مجلس الأمن مستغلة بطريقة فظة الخوف والعذاب لدى الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر، من أجل تنفيذ مخططات كانت تثير احتجاجات شعبية فى ظروف أخرى، مستخدمة طرقاً دعائية وترويجية، وإخفاء لحقائق وتسويق حجج بدون أية أدلة حقيقية، كامتلاك أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب وتحرير العراق من الديكتاتورية، وذلك من أجل تأجيج عنف الدولة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب!!
 
فلم يعد التسويق السياسى عبر الإعلام مرتبطاً فقط بالحملات الانتخابات والاستفتاءات وغيرها من الحملات السياسية، لكنه تعدى هذا المفهوم وصار يؤثر على السياسة الخارجية للدول وما يرتبط بها فى الأمن والحروب والاقتصاد من خلال لعبة غاية فى الخطورة والتعقيد، كما لا تقتصر مهمة التسويق السياسى الأمريكى عبر وسائل الإعلام على تجميل صورة السياسة التى تمارسها الولايات المتحدة، وإنما تمتد لتشمل الهجوم على كل ما يرونه عدواً وتشويه صورته، وتقود أمريكا عملها السياسى لإخضاع دول العالم لأطروحاتها وقراراتها عبر التسويق الإعلامى، كما تعتد فى مناوراتها وألاعيبها على التسويق السياسى بكل وسائله، بهدف توصيل رسائلها والتأثير على الرأى العام وغسل الدماغ الجماعى، وتوحيد القطيع الشارد، من خلال سيناريوهات ظاهرها القرار الحر وفى باطنها التغييب والعذاب، وخلق وحش خيالى ثم شن حملة للقضاء عليه!!
 
ولا يختلف تأثير الحكومة الأمريكية على وسائل الإعلام الخارجية بل يتعداها، من خلال حملات تسويق لكل المواقف والقرارات التى تتخذها عالمياً سواء كانت دبلوماسية أو أمنية أو عسكرية أو اقتصادية. وبهدف التأثير على دول العالم وإخضاعها للضخ الإعلامى الأمريكى، قامت أمريكا بخلخلة القوانين المنظمة للإعلام والاتصال على المستوى الوطنى، وقادت عمليات الضغط على أوروبا للتأثير على دول العالم، وإخضاعها للضخ الإعلامى الأمريكى، وخلق منطقة عالمية للتبادل الإعلامى الحر عبر الإنترنت، وفتح المجال أمام التنظيم الإعلامى الخاص والذاتى الناجم عن تلك المنطقة، وهو ما يعرف بحرية التعبير التجارى، والقائمة على مقولة بيل كلينتون «دعوا الناس يشاهدون ما يريدون، ودعوا الأحرار يقيمون ما يشاهدون، والسيادة المطلقة للمستهلكين».. ولكن هل حقاً السيادة المطلقة للمستهلكين؟!
 
الحقائق أثبتت أن السيادة المطلقة ليست كما ادعى الرئيس الأمريكى كلينتون، وإنما هى دائماً للمنتجين والمصدرين لهذا الإعلام الذى خلق خارطة جديدة من اللاعدالة فى توزيع الاتصالات الإعلامية فى العالم، وأدى لانحراف التدفق الإعلامى عن مجاله، ودخول العالم فى أزمات وتوترات بين قوى النفوذ العالمية، وصارت قرارات الولايات المتحدة موضع تطبيق من دول العالم وتحت رعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل إن السياسات الأمريكية صارت ثقافة يحتذى بها فى العديد من دول العالم!!
نقلا عن الوطن
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com