حديث اتسم بالشفافية, والحكمة ورجاحة العقل أدلي به أمس قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية, إلي الإعلامي عبداللطيف المناوي في برنامج وجهة نظر.
وأذاعته القناة الأولي المصرية الجزء الأول منهحيث تعرض البابا إلي عدد من القضايا المثارة في الآونة الأخيرة, والتي كان من شأنها إثارة بعض البلبلة بين عنصري الأمة, فيما تناوله بابا الإسكندرية بحكمة الهدوء, ومهارة السنين.
فقد أكد قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أنه يتفق مع ما صدر عن الأزهر الشريف بالأمس من أن الحوار حول المسائل العقائدية خط أحمر لا ينبغي التطرق اليه, معربا عن أسفه لما أثير أخيرا بشأن تصريحات نسبت للأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس وجرحت مشاعر المسلمين, خاصة أن المحبة بين الأقباط والمسلمين لا تسمح بالانقسام وبالأخص في النواحي الدينية.
وأكد أن مصر بلد سلام, وهي الداعية للسلام في الشرق الأوسط ومن غير المقبول ألا تنعم بالسلام في داخلها, مشددا علي أن المسيحيين والمسلمين أبناء وطن واحد ولا يوجد أحد غريب عن الآخر.
وقال البابا شنودة: إن المعروف عن مصر أنها بلد سلام, بل هي داعية للسلام في الشرق الأوسط, وإذا لم يكن يوجد سلام داخلها بيننا وبين بعضنا فإنه أمر غير مقبول, خاصة أننا نمثل السلام في المنطقة.
وأضاف' نحن نحتاج دائما إلي تهدئة لهذا التوتر الموجود, والتهدئة لن تأتي بالاثارة, والنار لا تطفئها نار ولكن يطفئها الماء وهذا التوتر لا يعالج بالتوتر وإنما يعالجه السلام والمحبة والهدوء والتفاهم'.
وشدد علي أن التصريحات التي أدلي بها الانبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس بشأن أن المسلمين ضيوف علي المسيحيين ربما كتبت بغير فهمها أو بغير قصدها, مشيرا إلي' أن الأرض ملك الله وكلنا ضيوف عليه, ولا نستطيع أن نقول أن المسلمين ضيوف للأقباط. إنني مستعد أن أقول إننا نحن المسيحيين ضيوف علي أخوتنا المسلمين, فهم الأغلبية.
وقال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إنه عندما نريد أن نتطرق إلي حوارات عقائدية يجب أن نتحدث عن إثبات وجود الله للملحدين, فإن ذلك يعتبر حاجة دينية مشتركة بيننا وبين المسلمين, ونتحدث عن صفات الله التي نحن نؤمن بها, ونتحدث عن القيم والمباديء التي كلنا يؤمن بها, فضلا عن التطرق إلي قضايانا الوطنية التي نؤمن بها, حيث أن نقاط العقائد التي بها خلاف ليست خطا أحمر فقط بل هي خط أحمر عميق.
وأضاف' ليس كل ما ينشر في الصحف نصدقه بتسليم كامل, ربما كتبت كلمة بغير فهمها أو بغير قصدها, وربما أخذت عبارة من حديث طويل وهذه العبارة أخذت وحدها, نحن في أرض يملكها الله, ونحن ضيوف علي الله في أرضه, ولا نستطيع أن نقول المسلمين ضيوف الأقباط. إنني مستعد أن أقول اننا نحن المسيحيين ضيوف علي أخوتنا المسلمين فهم الأغلبية'.
وتابع قائلا' إن العبارات التي تؤخذ بحساسية وبفهم متعب تثير الأجواء.. وهل العبارة قيلت أم لا, وفي أي مجال قيلت, وما المقصود؟.. إلي آخره.. اعتبارا في نفس الوقت أن الانبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ذكي جدا والمفروض أن يراعي رد الفعل لأي كلمة يقولها'.
وردا علي سؤال: لماذا لا يتم تطوير لغة الحوار بالحديث عن المصريين ولا يتم الحديث عن أن هناك ضيفا علي آخر, خاصة أن المصريين أقباطا ومسلمين هم أصحاب هذا البلد بشتي عقائدهم, قال البابا شنودة' إن ذلك هو الوضع السليم وكلنا أهل بلد واحد وأخوة وأبناء لهذا الوطن وجيران ولا نستطيع أن نقول إن أحدا ضيف علي الآخر, ولا أعرف كيف دخلت هذه العبارة, وأرجو أن تكون كتبت بطريقة صحفية غير مضبوطة'.
وأشار قداسة البابا شنودة إلي أن الانبا بيشوي قال في أحاديثه إنه يدافع عن الجو الاسلامي من كل ناحية سواء في مصر أو الهيئات الاعلامية مثل مجلس كنائس العالم أو غيره.
وقال' إننا كلنا أبناء لمصر ولا يوجد أحد فينا غريب عن الثاني, وكلنا أسرة واحدة داخل مصر, وأن مجرد إثارة هذا الموضوع أمر غير لائق علي الإطلاق, وتصعيده أيضا غير لائق'.
وردا علي سؤال حول من يصعد ذلك الأمر, قال البابا شنودة:' إن الصحافة أعطيت حرية, البعض يتجاوزها, وإن المفروض أن تكون رسالة الصحافة من أجل خير البلد, فأن الاصرار علي عرض تحدث توترا داخل البلد ليس من واجب الصحافة لانه المفروض علي الصحفي قبل أن يكتب المقال يفكر في ردود الفعل جراء هذا المقال, وهل من الصالح ما يكتب أم من غير الصالح؟.. حتي لو كان له حوار مع شخص والشخص تحدث بكلمة والصحفي وجد أنها غير صالحة فمن الأصول أن يحذفها'.
وحول محاضرة الانبا بيشوي في مؤتمر تثبيت العقيدة والتي ثار فيها جدل وحوار حول مسألة آيات من القرآن ومدي دقتها, قال البابا شنوده:' الذي أفهمه من جهة الانبا بيشوي أن الآية التي ذكرت كانت آية ليس من الأصول أن نتدخل في مفهومها, وأنا أقول دائما إن الحوار الديني بيننا يجب أن يكون في النقاط المشتركة بيننا وبين أخوتنا, ويكون الحوار مجرد تعاون من أجل خير البلد ونشر الفضيلة, ومن أجل قضايا وطنية, ولكن ليس من الأصول أن تدخل الخلافات الدينيه الدينية في هذا الحوار'.
وأضاف' أن كل شخص له إيمانه الذي يعتز به ولا يصح إطلاقا أن نجرح إنسانا في أموره الايمانية, وهذا الأمر لا نتعرض له إطلاقا لأن نفسية كل إنسان نتحدث له هي أمانة في اعناقنا وواجب روحي لدينا بأن لا نجرح أي انسان, ولا أعرف حصل سرد لمثل هذه الاحداث, وربما كان المقصود أن يعرضوا آيات لكي يصلوا إلي حل في الخلاف الذي فيها, لكن عموما ليس من الأصول أن تعرض هذه الآيات.
وتابع البابا شنودة قائلا:' إنهم كان لديهم الظن بأن المؤتمر المنعقد للكهنة فقط, فكأن ناس يفحصوا بعض أمور داخل البيت وليس للخارج, لكن بعض الصحفيين حضروا وأخذوا بعض التصريحات وبدأوا في النشر'.
واستطرد قداسة البابا شنودة في حديثه قائلا' أنا آسف جدا أن يحدث جرح لشعور أخواننا المسلمين, ومستعدون لترضيتهم بأي طريقة, لكن كون أن نشعر بأنهم مستاءون من شيء فهذا أمر يؤسفنا, لاننا باستمرار علاقاتنا مع المسلمين علاقة طيبة, وعلاقاتنا مع القادة المسلمين علاقة طيبة وصلت إلي الصداقة والأخوة, وعندما توفي فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق, الناس جاءوا ليقدموا لي واجب العزاء فيه, وليس أنا الذي ذهبت لأعزيهم'.
وردا علي سؤال حول عدم صدور رد فعل مباشر وحاسم حول هذه القضية بشكل بيان أو تصريح من قبلكم, قال البابا شنودة:' إننا لم نعلم أن الأمور سوف تتطور بهذا الوضع الخطير, ولم نتوقع أن يحدث مثل هذا الأمر'.
وأضاف' أن اسم' مؤتمر تثبيت العقيدة' كنت انتقد الاسم نفسه, لأن العقيدة ليست بحاجة الي تثبيت في نظري, وممكن أن يكون مؤتمرا لشرح العقيدة وليس لتثبيتها'.
وتابع قائلا:' إن كل إنسان ايمانه عزيز عليه, ولا يصح جرحه في إيمانه, ولا نقبل بذلك إطلاقا, ولو أعلم أن ذلك المؤتمر سوف يسبب جرح أي انسان في إيمانه كنت أصدرت أمرا بوقف ذلك المؤتمر فورا'.
وحول الاجواء التي أدت إلي حالة الاحتقان والتحفز المتبادل بين المسلمين والمسيحيين, أكد البابا شنودة أن الأزمة بدأت من مشكلة السيدة كاميليا التي اعتبر البعض أنها أسلمت, بينما هي لم تسلم علي الاطلاق وصدر شريط فيديو أكدت فيه أنها مسيحية ونفت إسلامها.
واستنكر البابا شنودة أن تؤدي مشكلة كهذه إلي إيجاد خلاف علي مستوي البلد كما استنكر الضجيج الذي أثير من أجل موضوع شخصي خاص بهذه السيدة وزوجها.
وحول رأيه في تحول شخص من مسيحي إلي مسلم.. أو مسلم إلي مسيحي وهل ينقص هذا من هذا الدين أو ذاك, قال قداسة البابا شنودة إن هذا الامر لا ينقص ولا يزيد إلا أن حماس أي إنسان لدينه يجعله ينصح هذا الشخص لتثبيته علي دينه غير انه قال إن مسألة السيدة كاميليا تحولت إلي هياج شديد استخدمت فيه الشتائم'.
وبالنسبة للمظاهرات التي سارت وتحدث البعض خلالها عن حادث اختطاف بينما تحدث الطرف الاخر عن إجبار شخص علي الدخول في دين آخر, قال البابا شنودة إن مظاهرات سارت في القاهرة والاسكندرية وكانت تؤذي شعور كل مسيحي.. ولم تقابل بمظاهرات من جانب المسيحيين. وأشارالبابا إلي أنه حدث تجمع في الكاتدرائية يطالب باعادة السيدة كاميليا, ولم يحدث فيه أي شتائم أو أعمال عنف.
وردا علي سؤال عما إذا كان الخطأالذي حدث بالنسبة لموضوع السيدة كاميليا يدعو إلي إتخاذ الاجراءات القانونية العادية مع أي رجل دين أخطأ سواء اكان مسلما أو مسيحيا, أشار البابا شنودة إلي أن بعض الكهنة وقعوا في أخطاء شديدة وقامت الكنيسة بمحاكمتهم كنسيا ومعاقبتهم وفقا لقوانين الكنيسة إلا أنه لا يعلن عن ذلك حتي لا يجري فضحهم.
وعما إذا كان يعتقد بضرورة تطبيق قوانين الدولة علي أي رجل دين يخطئ سواء اكان مسيحيا أو مسلما, قال البابا شنودة' إذا وقعت جريمة ضد الدولة فينبغي أن تحاكمه الدولة أما إذا كان خطأ داخل البيت فلا حاجة لأن يصل الأمر للدولة'.
وحول تعريض الوحدة الوطنية لمخاطر نتيجة معلومات خاطئة وهل يحاكم هذا الشخص داخل البيت أم تحاكمه الدولة, قال البابا شنودة:' في هذه الحالة يحاكم الكل, كل المتظاهرين وكل المحرضين وكل الذين أثاروا الجو, وفي هذه الحالة سيدخل آلاف في المحاكمة وهذه ليست مسألة سهلة'.
وردا علي سؤال بشأن قوانين منع التظاهر داخل دور العبادة وعما إذا كان يعتقد أن ما يحدث داخل بعض الكنائس يعتبر ضد هذه القوانين, وعما إذا كان يوافق علي تطبيق القانون علي كافة المصريين مسلمين ومسيحيين بالنسبة للمظاهرات, قال قداسة البابا شنودة:' ينبغي التفريق بين التظاهر والتجمع, أنه تم الاسبوع الماضي علي سبيل المثال منع تجمع قبل دخول الافراد الكاتدرائية'.
وأشار إلي وجود بعض الاتهامات الموجهة للمسيحيين مثل أنهم' دولة داخل الدولة', وأضاف' أنه في كثير من الاحيان لا وجود لنا في كثير من منظمات الدولة, ولا في البرلمان أو النقابات أو تشكيلات مجالس القري والمدن..
وقال البابا شنودة إن هناك اتهاما بأن' المسيحيين يستقوون بالخارج, وهذا الاتهام يأتي عندما تحدث حادثة مؤلمة مما يثير بعض الأولاد المسيحيين في الخارج, فيعتبر ذلك استقواء بالخارج, ومثال علي ذلك عندما قتل ستة مسيحيين في نجع حمادي, وحدث تأجيل طويل في محاكمة القاتل لقد ترك ذلك تأثيرا سلبيا لديهم'.
وحول عدم السماح للسيدة كاميليا بالالتقاء مع الإعلاميين المحايدين بشكل مباشر بدلا من التسجيل الذي أذيع لها, وثارت حوله العديد من الروايات والقصص, قال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية:' اود ان اشير الي واقعة اخري, عندما قالوا إن الفتاة مريان أعلنت إسلامها في تسجيل.. هل قلنا في ذلك الحين أننا نشكك في التسجيل؟, لم يحدث إطلاقا.. إذا بدأ مبدأ الشك يسود في أي حالة أخري سيصدر الشك أيضا لأن الناس يريدون الوصول إلي نتيجة عكس الموجود فيبقي كل ما يسجل شيئا يشككون فيه لو جاء تسجيل اخر يشككون فيه أيضا.. وبهذا فإن الشك لا ينتهي لأن وراءه أسبابا أخري تدعو إليه'.
وردا علي سؤال بشأن قصة هذا التسجيل ـ تسجيل كاميليا ـ, قال البابا شنودة:
' لا أعرف ولكني رأيته, وأطلعوني عليه, ولكن لا أعرف كيف تم'.
وهل عرض عليكم أن تظهر في الاعلام وانتم رفضتم, قال البابا شنوده:' طلب الاعلام, فكان النتيجة هذا التسجيل'- تسجيل كاميليا.
وردا علي سؤال لماذا لم يتم التسجيل بشكل أكثر إعلانا بدلا أن يكون تسجيلا مجهلا ويتم بثه عبر مواقع' الانترنت', قال البابا شنودة:' لماذا يسمي مجهلا ويتم التشكيك فيه, أنه أمر لا يهم لأن نفس الشخصية ونفس الصوت تتكلم وتقول إنها مسيحية وتقول إنهم يتعرضون لحياتي الخاصة ولزوجي ولا أحد منهم يجلس معي وهو الذي سمعته وكانت تتحدث بلهجتها الصعيدية'.
وسوف يستكمل حوارالبابا شنودة مع برنامج' وجهة نظر' مساء اليوم, حيث يذاع علي القناة الأولي بالتليفزيون المصري.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com