ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

دستور 2016.. نقد لجنة الخمسين

أحمد المسلمانى | 2015-11-10 09:41:41

رجب طيب أردوغان- خِصمُنا فى أنقرة- على حقٍّ فى رغبته فى تعديل الدستور.. وإلغاء النظام البرلمانى وتأسيس نظام رئاسى قوى.. يعطى أردوغان سلطات واسعة.

( 1 )
تخيّل أن تركيا مضتْ لعدة سنوات على نحو من الاضطراب الانتخابى وعدم الاستقرار الحكومى.. وأن أردوغان لم يتمكن من حيازة الأغلبية حين أجرى انتخابات مبكرة.. كانت تركيا ببساطة ستمضى إلى ائتلاف ثم ائتلاف.. ثم ائتلاف.

وكل أسابيع قليلة نسمع عن تهديد لأحد الأحزاب المشاركة بالانسحاب.. ثم تهديدات متوالية.. بالانسحاب، أو الاندماج، أو الانشقاق.. أو إعادة الانتخابات.

ستكون تلك المشاهد جميعُها مشاهدَ ديمقراطية رائعة.. سوف تكتب صحف الغرب عن ذلك بالكثير من المديح والإطراء. ستكون هناك انتخابات وصناديق.. لكن لن تكون هناك سلطة ولا قرار.

سوف تنتعش الصحف ويرتفع توزيعها من جرّاء كثرة الأحداث.. لكن كل مؤشرات القوة سوف تتراجع.. حيث سيكون «الشَكَل السياسى» هو عنوان البلاد.. ستكون هناك ديمقراطية بارزة.. ودولة عاجزة!

( 2 )
إن قوة الولايات المتحدة الأساسية فى قوة نظامها الرئاسى.. وفى مستوى القوة والمكانة الراسخة التى يحظى بها «البيت الأبيض».

إن الرئيس الأمريكى ليس مغلول اليد على النحو الساذج الذى تصوره الكتابات الركيكة عن النظام السياسى الأمريكى.. إذْ إنه يملك سلطات «واسعة جدًا».. وبيده أكثر مكونات القرار السياسى الأمريكى.

بالطبع.. يشارك كثيرون فى تغذية البيت الأبيض بالآراء والأفكار والمعلومات.. لكن القرار بنهاية الأمر عند أوباما.. ولو أن السياسة الأمريكية وقعت أسيرة ائتلافات سياسية هشة، وتوزيع مهلهل لمراكز السلطة فى البلاد.. لمَا أمكن للقوة العظمى أن تبقى.. ولكان من السهل إرباك خطواتها.. وتكسير طريقها.

( 3 )
لا أعرف ما الذى دفع معظم القوى السياسية المصرية، عقب ثورتى يناير ويونيو، للترويج لمزايا النظام البرلمانى.. وترويج خرافة أن النظام البرلمانى أكثر ديمقراطية من النظام الرئاسى!! ولا أعرف لماذا مارست القوى السياسية كل هذه الضغوط عقب ثورة 30 يونيو من أجل تشكيل لجنة خمسين فئوية.. تقوم على أساس توزيع الحصص وليس على أساس ثراء الفكر والمعرفة!!

( 4 )
كان مؤسفًا للغاية أن قُوى 30 يونيو، التى مارست أقصى الضغوط من أجل المحاصَصَة فى لجنة الخمسين، لم تكن على قدر المسؤولية التاريخية لتدرك أن الدستور يضَعْهُ الفلاسفة والمفكرون والخبراء.. ولا يضعه ممثلون لأوزان انتخابية أو اجتماعية أو جغرافية. لقد كرروا أخطاء لجنة المائة.. وأصبح لدينا دستور هو نتيجة توافق الأعضاء وليس رؤية المجتمع أو احتياجات الدولة.

( 5 )
كان مؤسفًا للغاية- كذلك- أن عددًا من أعضاء لجنة الخمسين قد تصوّروا أن المعركة هى بينهم وحدهم.. وعلى كل منهم أن يفرض رأيه على الآخرين.. أو أن يذهب لإقناع زميله فى منزله.. أو يُقبّل رأسهُ.. أو يدعوه إلى عشاءٍ أو غداء!

كان بعضهم يقول: «والله أنا رأيى ليس كذلك.. ولكن فلان من الصعب إقناعه».. «لقد أقنعت فلانا بإلغاء كذا مقابل أن نعطيه كذا».. «للأسف فإن فلانا (دماغه ناشف) و(صعب جدًا).. ونحن نبذل أقصى جهد معه».. «أنت تعرف فلانا يريد منصبًا، وفلان يريد.. كذا وكذا».

( 6 )
حتى لا يسأل أحد.. أين كنتَ؟ وما الذى فعلتَه كمستشار للرئيس؟.. أقول: قلتُ فى قناة أوربت مع الأستاذ عمرو أديب، وفى قناة CBC مع الأستاذ خيرى رمضان.. وفى تصريحات صحفية عديدة: إننى مع نظام رئاسى قوى وضدّ أى ملامح برلمانية ولو كانت عند الحد الأدنى.. ذلك أن بناء دولة فى لحظةٍ فارقة ليس مثل تسيير دولة فى لحظات القوة. ومصر لا تحتمل ما كان قبل ثورة 23 يوليو 1952 من صراع الأحزاب، وفوضى الائتلافات.. ووضع مصر كلها على طريق الانتظار.. انتظار الانتخابات، وانتظار الائتلاف، وانتظار فشل الائتلاف.. ثم انتظار سحب الثقة وسقوط الحكومة.. ثم الانتظار من جديد!

( 7 )
كان الرئيس عدلى منصور مؤمنًا باستقلالية لجنة الخمسين، وقال لى: يجب أن تكون الرئاسة بعيدًا عن عمل اللجنة.. وعلينا احترام المؤسسات.

كان «الرئيس القاضى» رجل قانون.. لا يقبل اختلاط الأوراق.. أو فرض نفوذ الرئاسة فيما لا ترضى.. وكان يرى أن الكل يجب أن يتحمل مسؤوليته أمام التاريخ.

( 8 )
ثمة مخلصون ورائعون فى لجنة الخمسين، لكن الناتج العام لم يكن على قدر طموحات المصريين فى نظام قوى.. وحكومة مستقرة.

لقد تسبب الدستور الحالى فى أن تكون كل الحكومات.. هى حكومات تسيير أعمال.. هى حكومات انتقالية!

كانت حكومة المهندس إبراهيم محلب، وكذلك حكومة المهندس شريف إسماعيل.. وكل الحكومات القادمة.. هى حكومات مؤقتة.. تنتظر وضع البرلمان، وخريطة الأحزاب واحتمالات سحب الثقة.. أو انتخابات جديدة.

سيقول البعض: هذه هى الديمقراطية.. أقول: النظام الرئاسى القوى أيضًا.. ديمقراطية.

هل يستطيع مجلس النواب أن يصحِّح أخطاء لجنة الخمسين، ويعيد مصر إلى دستور 1971 مع بعض التعديلات؟.. أتمنى.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
نقلا عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com