ليس من الجديد فى شىء أن نقر بأن مواطنى المناطق العشوائية أو الفقيرة فى الجيزة والقاهرة يواجهون الموت عطشاً كل يوم نظراً لانقطاع المياه عنهم، فإن تصادف ووصلت إليهم فى يوم «السعد» فإنهم -أى المواطنين- يسقطون من حساباتهم درس العلوم «لا لون ولا طعم ولا رائحة لمياه الشرب»، إذ إن المياه التى تصل إليهم دائماً ما تكون قد اكتسبت هذه الصفات، أى باختصار تكون مياهاً «مسمومة»!!
إلى جانب هذا الواقع الدرامى الذى يعيشه هؤلاء «البنى آدمين» فإننى أعتقد أن الكثيرين يتفقون معى فى أن المنطق يفرض عليك أن تسدد ثمن ما تحصل عليه من خدمات أو سلع.. أما أن تسدد ثمن سلعة أو خدمة ولا تحصل على شىء منها سوى «اضرب دماغك فى الحيط» فهذا هو النصب، أو ما يحلو للبعض تسميته «استعباط»..!!
الشىء الغريب وغير المنطقى أن هناك مسئولين يعتبرهم البعض «ناس شاطرة» ربما لأنهم يستطيعون حل الكلمات المتقاطعة بكل سهولة تسعى لإرغامك على أن تدفع ثمن ما لا تحصل عليه!!
وطبعاً هؤلاء المسئولون يتمتعون بقدرة عالية على إرغامنا على سداد ليس فقط سعر سلعة لا تحصل عليها بل سداد أضعاف أضعاف قيمتها، وهو ما ينسجم مع شعار رفعوه «لما تقدر تدفّع المواطن أكتر وتطلّع عينه.. ليه بقى بتدفّعه أقل وتحترمه أيضاً»!!
بعض الحاقدين من بيننا يرى أن مبدأ هؤلاء المسئولين هذا يعتبر ابتزازاً، وهناك آخرون وأيضاً من الحاقدين أمثالنا يسمونه بلطجة، وفريق آخر يعتبره استهبالاً، أما المسئولون أنفسهم فيعتبرونه «شطارة»!! الشركة القابضة لمياه الشرب -وهى بالمناسبة المفروض أنها قابضة على مجموعة من الشركات التابعة لها وليس على رقاب العباد أمثالنا- تصر على محاسبة مواطنى محافظة الجيزة وبعض مناطق القاهرة على سلعة لا يستهلكونها بل ولا تصل إليهم أصلاً وهى ما كانت تعرف بـ«مياه الشرب» الأمر الذى يترجم بالفعل معنى كلمات ابتزاز وبلطجة واستهبال!! إذ إن أغلب المواطنين فى مختلف أحياء المحافظة اعتادوا خلال أشهر طويلة على السهر حتى الساعات الأولى من النهار لا لشىء إلا لانتظار وصول المياه إليهم لتخزينها إذا وصلت إليهم وظلت معهم دقائق قليلة بصرف النظر عن لون أو طعم أو رائحة هذه المياه التى يمكن اعتبارها فى هذه الحالة «مياه بالسم الهارى»!!
وفقاً للمثل الذى نؤمن بصحته بأن المساواة فى الظلم أيضاً ظلم، وليس كما تقول الجملة الشائعة عدل، إذ لا يعقل أن يتحول الظلم إلى عدل بمجرد تعميمه على المواطنين، فإن الشركة القابضة لمياه الشرب آثرت مساواة مواطنى الأحياء الهامشية بالمحافظتين بغيرهم من سكان المناطق الراقية فيهما، إذ تتعمد الشركة -بجرأة تحسد عليها- أن تجبر مواطنى الأحياء الهامشية على سداد فاتورة المياه التى لا تصل إليهم أصلاً، وهو ما يثير السخرية!! سياسات الشركة تأتى بعد ما صدّعت الحكومة دماغنا بكلامها عن مراعاة محدودى الدخل وضرورة رعايتهم وحمايتهم إلا أن الواقع يقول إن الحكومة ربما تكون قد أصيبت بالصمم فى بداية عملها أو تكون «خلقة ربنا كده»، وبالتالى لم تعد تسمع شيئاً، خصوصاً صرخات المواطنين الغلابة من زيادة الأسعار فى كل شىء.. ويمكن تكون سامعة و«بتطنش»!!.. لأ أكيد فعلاً بتطنش.. و«اشرب م البحر» أو اضرب دماغك فى أقرب «حيط».
بقيت فقط نصيحة واحدة لـ«ضحايا» الشركة القابضة للمياه ألا وهى أن عليهم استغلال «الحنفيات» التى تتراشق فى حماماتهم ومطابخهم فى «نفخ» بالونات أعياد ميلاد الأبناء أو الأحفاد إذ بمجرد فتحها ستضخ هواءً وليس ماءً.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com