بقلم :زكريا رمزى زكى
العلاقة بين القط والفأر علاقة متواترة دائما , فالفأر دائما يهرب من القط فى أى مكان يكون فيه وهو الأضعف لكنه الاذكى , والقط دائما يبحث عن الفأر فهو الاقوى لكنه الاغبى وعندما يجد الفأر دائما ما يقوم بعرض درامى تسبق عملية افتراسه له اما متباهيا بقوته امام الجميع واما تعويضا عن نقص ذكائه وتتم عملية الافتراس فى عدم اكتراث من الجانى وتسليم كامل من الضحية .
انها العلاقة التى تشبه ما بين الشعب والحكومة فالحكومة تتخذ من الشعب واجه اجتماعية لكى تظهر امام العالم انها تحكم ولها شعب لكن فى الحقيقة انها لا تقوم بالدور المنوطة به الحكومات التى تعرف متطلبات شعوبها وتتخذ التدبيرات اللازمة لتحقيق هذه المتطلبات , بل والاكثر من هذا انها تمارس دور االقط فى كثير من الاحيان متخذة من هذا الشعب الفار الذى ليس له حول ولا قوة الا ذكاؤه فى مراوغة الحكومة والهروب منها عندما تبالغ فى فرض الضرائب مثلا أو عندما تعقد الامور امام الناس بكثرة الاوراق والاختام والتوقيعات لانهاء مصالحهم يتجه الناس الى التزوير ورشوة الموظفين ونرها تقوم بالافتراس عندما تتقمص الشفافية فى محاكمة كمسارى نقصت عهدته ربع جنية فتوجه اليه اتهامات الاغتلاس واهدار المال العام , او مدرسة قبضت تشحن موبايلها فى المدرسة حولت اوراقها الى الجهاز المركزى للمحاسبات او عندما نرى امين الشرطة يمرمط كرامة سائقى الميكروباص ويعظم لاصحاب العربات الفارهة وهى تسير بدون لوحات , انه التباهى بالقوة عند افتراس الضحية .
ودائما ما نرى الشعب يتميز بالذكاء الذى يفوق ذكاء الحكومة فكل قرار تتخذه الحكومة لاصطياده يحوله الشعب لقرار لصالحه فعندما تعقد وزارة التربية والتعليم العزم على القضاء على الدروس الخصوصية وتتخذ الاجراءات لذلك كالمجموعات المدرسية مثلا يحولها المدرسين الى دروس خصوصية بحماية الوزارة وتحت اشرافها وهم يسددون لها الاتاوة على حراستها لهم .
انها الخطيئة العظمى عندما صارت الحكومة تتربص بشعبها حينما صار الشعب يكره حكومتها ولا يتمنى ان يلتقى بها , لان يوم لقاؤه بها هو يوم شؤم تسود الدنيا فيه دون اشراق للشمس , وبالرغم من معرفة الحكومات المتعاقبة على هذا الشعب بهذه العلاقة لم تتقدم اى من الحكومات لاعادتها الى وضعها الصحيح . بل كل ما تعمله الحكومات هو زيادة فجوة الكراهية وخاصة عندما اصبحت تعيش فى القصور والشاليهات الهارونية وتنظر الى الناس نظرة دونية وتتهمهم بانهم كثيرى الشكوى , لا يصلحون للديمقراطية كسالى لا يعملون وينتظرون الوظيفة الميرى . ولا تبحث لماذا ينتظر الشاب الوظيفة الميرى لانها رفعت يدها عن القطاع الخاص فاصبح غير أمن يدار باسلوب السيد والعبيد او الوسية . لقد كره الناس كل ما هو متصل بالحكومة , وكرهت الحكومة الناس ولو انه لا يوجد حكومة بدون شعب لتخلصت منهم دون اى اهمية . فهل عندما يموت احد المواطنيين مريضا وكان يمكن ان يعالج لكنه عجز عن دفع ثمن العلاج هو مسئولية الحكومة ام مسئولية الفرد لانه مرض . وعندما يصطدم قطاريين ببعضهما ويموت الناس فيهما هل هى مسئولية الحكومة ام مسئولية الناس التى تبترت على نعمة ممارسة الرياضة والمشى على الاقدام . وعندما يكون الناس نائمين فى منازلهم وتقع عليهم صخرة لتدهسهم وتدفنهم وهم أحياء ما مسئولية الحكومة فى ذلك هل هى اسقطت الصخرة عليهم ام امرتهم بالنوم تحتها . فالناس دائما ما تخالف اوامر الحكومة وتسير عكسها فاذا ارادت الحكومة الناس ان يسمعوا اوامرها فلتقل لهم عكسها .
الشعب الذى يتخيل ان حكومته لا تخرج من بين جنباته بل يؤتى بها ممن لا يكدحون ولا تسقط لهم قطرة عرق , فهى ليست منهم ولا تحكمهم بل تحقق هى اهوائها وتكمل واجهتها الاجتماعية بادعائها ان لها شعب تحكمه تتباهى به قدام العالم وترفصه عندما تلتقى به على انفراد . الحكومة التى تقيم الفواصل والحواجز بينها وبين من تدعى انه شعبها لا يمكن ان تبنى جسور الود والتواصل او تتوقع انهما متواجدين لان الشعب من المفترض ان يذوب عشقا فى حكومته , لانه اخذ علينا فكرة اننا من عبدة الكراسى نسبح دائما بحمد من يحكمنا حتى ولو كان لا يراعى مصالحنا .
ان الشعب الذى يكافح من اجل لقمة العيش وهو بمعزل عن حكومته بل ويكافح ضد حكومته ايضا فهو شعب بطل . والحكومة التى تحارب شعبها فى لقمة عيشة وهى تدعى انها معه فلا تستحق ان تحكمه . فلابد للشعب والحكومة ان يكونا يد واحدة الحكومة تشد بيد شعبها والشعب يقف بجانب حكومته لا يدمر ما تقدمه من منجزات فيحرق ثروته دون ان يدرى فنصل الى ان الشخص ممكن ان يخسر الحكومة مليون جنية فى سبيل ان يرتشى بمائة جنية . هل يمكن للقط والفأر ان يأتلفى ان يجتمعا ان يضع كل منهما يدية فى يديى الاخر ويكتبا عهدا جديدا عهدا ملىء بالحب والثقة الراسل زكريا رمزى زكى القاهرة
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com