بقلم – مجدي جورج
عندما اختطف ارهابيي القاعدة الطائرات الامريكية في قلب امريكا متغلبين علي كل اجهزة الامن والمخابرات الامريكية وقاموا باستخدام هذه الطائرات لضرب برجي نيويورك والبنتاجون وحاولوا ضرب البيت الأبيض وقتلوا اكثر من ثلاثة الاف شخص في١١ سبتمبر ٢٠٠١ ، فان اغلب دول العالم تعاطفت مع الماساة الامريكية ووقفت بجانب امريكا ولم تقم اي دولة بسحب مواطنيها او سياحها من امريكا ، ولم تقم بريطانيا ولا فرنسا ولا هولندا او تركيا او مصر بإرسال الطائرات والسفن لإجلاء رعياها من امريكا خوفا علي سلامتهم ، رغم ان التهديدات الارهابية كانت علي أشدها ضد امريكا .
نفس هذا الامر تكرر مع بريطانيا بعد تفجيرات قطارات لندن ومع اسبانيا بعد تفجيرات مدريد وحدث ايضا نفس الشئ مع فرنسا بعد تفجيرات شارل ابيدو واقتحام المتجر اليهودي فرغم هذا لم تقم اي دولة باجراءات لإجلاء مواطنيها وسياحها من باريس فلازال الشانزليزيه ينبض بالحياة وحركة السياحة رائجة به ، بل ان اغلب العالم تعاطف مع فرنسا والفرنسيين رافعا شعار انا شارلي je suis Charlie .
حتي مع تركيا الأردوغانية فعندما وقع بها تفجير ارهابي منذ عدة أسابيع في احد المؤتمرات قبل الانتخابات الاخيرة لم يهتز العالم ولم يشكك في اداء اجهزة الامن التركية ، ورغم حالة الاقتتال بين تركيا وإكرادها المستمرة منذ سنوات ورغم تهديدات داعش لها الا ان العالم كله وعلي راْسه اوروبا وأمريكا لم يسحب رعاياه من تركيا ولم يحذر مواطنيه من السفر اليها ولم يرسل طائراته لإجلاء سياحه من اسطنبول وازمير.
فمن بالي بإندونيسيا والطائف بالسعودية والكويت شرقا الي بوينس آيرس بالأرجنتين غربا ومن موسكو في روسيا واوسلو بفنلندا شمالا الي احتجاز رهائن بأستراليا جنوبا ، العالم كله شماله وجنوبه ، شرقه وغربه تقع فيه احداث وتفجيرات ارهابية وغالبا ما يصطف العالم كله صفا واحدا مؤازرا للدولة التي ضربها الارهاب الا مصر فعندما وقعت بها حادثة الطائرة الروسية الاخيرة أسرعت اجهزة المخابرات الغربية بالادعاء انها سقطت نتيجة عمل ارهابي ( رغم ان التحقيقات لم تثبت شئ الي الان ) وقام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في حركة جليطة سياسية نادرة بالقول انه امر بايقاف الرحلات السياحية لمصر وانه سيقوم بإجلاء السياح الإنجليز من شرم الشيخ كل هذا اثناء زيارة السيسي لبريطانيا وسارعت امريكا لترديد نفس النغمه وتبعتها عدة دول اخري كفرنسا وبلجيكا وحتي تركيا فعلت نفس الامر (رغم ضألة حجم السياحة التركية لمصر بالعكس هي تستفيد اكثر من المصريين الذين يذهبون للسياحة فيها اكثر من استفادتنا نحن من الاتراك ).
ولكن لماذا يكيل العالم بميكيالين في هذا الامر ؟
الامر واضح والغاية محددة والهدف سافر ، وغايتهم وهدفهم إركاع مصر وإخضاعها مرة اخري وإعادتها لتدور في فلك التسويات التي ستشمل دول المنطقة ، فمصر في الفترة الاخيرة اتخذت خطوات بعيدة عن التوجهات الامريكية الغربية بتأييدها للتدخل الروسي في سوريا وبدعوتها للحفاظ علي الدولة السورية وعدم تدمير الجيش السوري حتي لا يجري في سوريا ماجري ولازال يجري في العراق ، مصر ايضا لها توجهات مختلفة في ليبيا مختلفة عن رؤي القوي الغربية ورؤي بعض الدول العربية وتركيا . مصر ايضا تقاربت اكثر وأكثر مع الدب الروسي وهذا ما اغضب البعض منها .
كل هذه الملفات وغيرها جعلت القوي الغربية وبعض القوي الإقليمية تتحين الفرصة لضرب مصر لمحاولة إرجاعها مرة اخري للتبعية الكاملة لهذه القوي وعندما جائتهم الفرصة بسقوط الطائرة الروسية فانهم استغلوها افضل استغلال .
متناسين ان مصر هي التي وقفت صلبة في مواجهة الارهاب ولولا وقفة مصر والمصريين منذ ٣٠ يونيو وللآن في وجه الارهاب لما قامت للعالم كله قائمة وبدلا من مكافأة مصر وشعبها ورئيسها علي موقفهم من الارهاب قام العالم بمجازاتنا والاصطفاف في صف الارهاب ضدنا .
باحث اقتصاد دولي
مقيم بفرنسا
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com