بقلم: ميرفت عياد
"الفساد".. مصطلح أصبح ذائع الصيت، يستخدمه جميع رجال الصحافة والسياسة وحقوق الإنسان، كما أنه أصبح منتشرًا على ألسنة العامة الذين ينتقدون استخدامه، وفي نفس الوقت فإن الكثيرين منهم يستخدمونه بضمير هادئ، وخاصة "الفساد الإداري والمالي" الذي تندرج تحته العديد من التصرفات المسيئة؛ منها استغلال النفوذ والسلطة للحصول على أشياء ليست من حق الشخص، أو طلب رشوة لتسهيل بعض الإجراءات، او استخدام المنصب الوظيفي لتعيين بعض الأقارب، أو سرقة أموال الدولة بطريقة أو بأخرى.
ومن الخطوات الهامة التي توسمت فيها الخير، والتي شعرت أنها ستحد من غول الفساد الذي توحش، هي قيام النيابة الإدارية بإصدار قرار بتخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين الذين سوف يبلغون عن أي فساد إداري داخل الأجهزة الحكومية، وذلك لتقيدها وتعرضها على النيابة.
فأنا أرى أن هذه الرقابة الشعبية ستجعل الموظفين -بصفة عامة- يحتاطون في تعاملاتهم مع الجمهور؛ لأنهم سيدركون أنهم تحت رقابة، وأنهم ستتم مساءلتهم عن أي تقصير أو استغلال للنفوذ، أو طلب رشوة، أو ما إلى ذلك من مظاهر الفساد المتعددة.
وبالرغم من أن المجتمعات الرأسمالية بصفة عامة ينتشر فيها الفساد، إلا أن تكلفته في المجتمعات النامية باهظة، لأن عن طريقه يتم إهدار ثروات البلاد، والقصور في إتمام المسئوليات والواجبات المفروضة على الموظف، وعرقلة مصالح المواطنين.
ومن المؤسف أن الفساد بمفهوم عام يعد مرادفـًا للانحراف وملاصقـًا له؛ انحراف الضمير الذي غاب عنه أن الله رقيب على كل أفعالنا، وهو الذي سيحاسب كل فرد على أعماله، وانحراف السلوك الذي يلتوي آخذًا العديد من أشكال الكذب ليحقق مآربه، وانحراف القلب الذي جفت منابع الرحمة بداخله، ويتقبل أن يعرقل مصالح الناس إلى حين الحصول على رشوة، حتى أنه يمثل انحراف الإيمان بأن الله يدبر للإنسان أمره ويغنيه -كما يقولون- بالحلال، وأن المال الحرام لا ينفع صاحبه بشيئ.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com