بقلم: فاضل عباس
بعد سقوط مئات الشهداء في "تركيا" نتيجة الانقلابات العسكرية المتكررة، والخطر على الديمقراطية التي يشكلها الجيش التركي نتيجة تدخله المستمر في العملية السياسية، وتقويضه للكثير من الحكومات التركية المنتخبة ديمقراطيًا، جاءت الفرصة واللحظة التاريخية للأتراك لكي يحتفلوا بهذا الانتصار الكبير، وهو وقف تدخل العسكر في العملية السياسية ومحاسبة الضباط الذين يتورطون في القيام بالانقلابات العسكرية أمام القضاء التركي.
هذه الإصلاحات التي قادها حزب العدالة والتنمية بقيادة اردوغان قد أعاد أيضا تشكيل السلطة القضائية من جديد وإبعادها عن هيمنة الجيش ووقف مسلسل حل الأحزاب التي لا تعجب الجيش كما حصل مع اربكان وحزب الرفاه وغيرهم الكثير وبالتالي وقف مسلسل عدم الاستقرار السياسي نتيجة هيمنة العسكر على العملية السياسية.
مبررات تدخل الجيش التركي في العملية السياسية كانت واهية وتحت ذراع حماية العلمانية وهي مبررات لم تنطل على الأتراك لذلك صوت الأتراك بنسبة 58% لصالح التعديلات الدستورية على الرغم من الحملات القوية المناهضة لهذه التعديلات من قبل الأحزاب القومية التركية وهي توضح من جانب آخر ثقة الأتراك بحكومة اردوغان وحزبه نتيجة الانجازات على الصعيد الاقتصادي أولا وتبوؤ تركيا لمكانة دولية ونمو اقتصادي يجعلها من أفضل ست عشرة دولة في العالم وهي في طريقها إلى الانضمام لمجموعة العشرين، بالإضافة للصعود السياسي لتركيا في المنطقة وقيادتها لملف الحل النووي الإيراني والمفاوضات الاسرائيلية – السورية وهي نتيجة طبيعية لسياسة الانفتاح التركي على المنطقة العربية والإسلامية.
كذلك فإن هذه الخطوة التركية تقرب تركيا من عضوية الاتحاد الأوروبي والذي طالما تحفظ على تدخل العسكر الأتراك في تركيا ووضعهم لدستور 82 الذي يتحفظ الأوربيون على العديد من بنوده ومن ضمنها البنود التي تم تعديلها حاليا لذلك فإن تركيا تسير نحو الديمقراطية برفع الغطاء عن الجيش وتدخله في العملية السياسية، كما أن ما حصل في تركيا يجعل الإنسان العربي يتطلع لقيام الأنظمة العربية بالإصلاحات السياسية ذاتها.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com