محمود بسيوني
في المشهد الاخير من فيديو اعدام اقباط مصر في ليبيا اشار "السياف" الى البحر وهدد اوروبا بالغزو ، ونشر الشريعة ، وبعدها غمرت الدماء مياه المتوسط .
قبل اسبوعين انتشرت صورة غرق الطفل ايلان الكردي قبالة سواحل تركيا خلال محاولة يائسة للهروب من جحيم معارك داعش مع قوات الاسد ، وهى الصورة التي اشعلت تعاطفا لامحدود مع أوضاع اللاجئين السوريين ، دفعت اوروبا لفتح معابرها امام اللاجئين "غير معروفي الهوية" مع حملة تضامن إنساني واسع ظهر في استقبالهم للاجئين بالأطعمة والملابس لتشتعل في اوروبا الحوارات الساذجة حول كيف سنستفيد من امواج الهجرة المتلاحقة ، وكيف سيتم التعايش مع هذا الكم الهائل من البشر المخالفين في الافكار والتقاليد ، هل ستستوعبهم اوروبا ام ستلفظهم القارة العجوز ؟ .
في فبراير الماضي كشفت وثائق نشرتها مؤسسة كويليام quilliam لمكافحة التطرف ان داعش تخطط لغزو اوروبا بنصف مليون مهاجر كان التخطيط ان يتم ارسالهم من ليبيا إلى إيطاليا إذا تدخلت الأخيرة في ليبيا. مكالمات هاتفية رصدتها الشرطة الإيطالية كشفت عزم داعش إرسال آلاف القوارب المليئة بالمهاجرين عبر ما سمي البوابة الاستراتيجية لغزو أوروبا.
وقالت الوثائق إن التنظيم أرسل مقاتلين من سوريا والعراق إلى ليبيا ليبحروا تجاه أوروبا وشن الهجمات عليها .
الوثائق أشارت إلى طول الشواطئ الليبية وسهولة بلوغ الدول المقابلة لها بالإضافة الى ان عدد المهاجرين غير الشرعيين من هذا الشاطئ يقدر بخمس مئة شخص يوميا كأدنى تقدير كما ان التقنية المعتمدة معروفة بالقارب الشبح أي من دون قبطان ما يجبر فرق الإنقاذ في الدولة المقصودة على التدخل.
هل يكون "السياف" المقنع ذابح المصريين غير معروف الهوية والذى يتحرك بحرية ما بين ليبيا وسوريا والعراق ضمن الالاف الذين عبروا الحدود خلال الايام الماضية وان يكون موجودا الان في معسكرات المانيا او بريطانيا او ايطاليا ، ولعل مجاهرة بعض المهاجرين برفع اعلام داعش السوداء تؤكد ان الفكر موجود والانتماء لدولة الخلافة المزعومة غير خافي ، وهذا الهاجس بدأت دول اوروبية في طرحة ولكنه يجد ممانعة من التيارات اليسارية وحزب الخضر المسيطرين على الاتحاد الأوروبي الامر الذى يهدد بحسب تقارير عده بخروج البعض من الاتحاد نظرا لمعارضتهم استقبال المهاجرين .
اوروبا وضعت نفسها في مأزق ، ووضعت الشرق الاوسط معها في حرب طويله مع الارهاب ، فهي المسئولة اولا عن تدمير ليبيا تحت زعم نشر الحرية ، واعتقدت بعد قتل القذافي ان المهمة انتهت بموت الطاغية ، وبجهل شديد تركت لدول شمال افريقيا جماعات ارهابية كفجر ليبيا وداعش التي فرضت سيطرتها على مدن عده بالسلاح الأمريكي و الأوروبي الذى القته الطائرات على من اطلقت عليهم "ثوار" !
وفى سوريا زعمت طوال الاربع سنوات الماضية انها تسلح المعارضة "العاقلة" لنجد انها تسلح مليشيات داعش وجبهة النصرة ، وحينما وقعت علميات ذبح الاجانب ، تراجعت وبدأت في تسليح جيش الفتح المنتمي للإخوان المسلمين ، ثم اعلنت عن دخول مقاتلاتها في التحالف الدولي الذى تقوده الولايات المتحدة وعكس المتوقع توسعت داعش الى حد فرض سيطرتها الكاملة على سوريا مما قابله التوسع في الهجرة وخلق الازمة الحالية والتي يمكن تتوسع بدخول ليبيا على الخط في ظل توسع داعش على الأراضي الليبية واستمرار التلكؤ الدولي في مساعدة الجيش الليبي .
اوروبا تدفع فاتورة باهظة لأخطائها في سوريا وليبيا وأول من يتعرض للخطر المباشر الامن القومي العربي وفى القلب منه الامن القومي المصري ..اخطاء اوروبا وضعتنا جمعيا في هذا المأزق ..فماذا بعد تفريغ سوريا ، ماذا بعد استمرار الحصار على الجيش الليبي وعدم التعاون مع الطرح المصري للتدخل هناك ، وسندفع نحن ثمن اخطاء هؤلاء المهاجرين او المندسين بينهم اذا ما وقع ما نحذر منه من هجمات ستتم داخل اوروبا واعلنتها داعش ، ناهيك عن الدعم المقدم من حكومات ومؤسسات اوروبية لتيارات دينية متطرفة تساعد داعش مثل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين المتواجد بكثافه في لندن وبرلين ، وهو الحاضنة الاولى لإرهاب داعش ومن ورائها من تنظيمات تملك سلاحا وتسعى لتأسيس دول على انقاض دول اخرى مخلفه خراب لا مثيل له منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية .
لا مخرج لنا و لأوروبا سوى التعاون الجاد ، وترك ملفات الماضي والبحث عن مشتركات المستقبل ، وهو ما يعنى توقف اوروبا فورا عن توفير مأوى أمن للإخوان والسلفيين الجهاديين ، وان تسلم المطلوبين امنيا وان تتوقف عن لقاء ممثليهم والتنبه الى ان مساعدتهم هي مكمن الخطر عليهم وعلينا .
Mahmoud Bassiouny
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com