بقلم - ألبير ثابت فهيم
(عواجيز الفرح) من التعبيرات المشهورة داخل المجتمع المصري ويتم استخدامه للحديث عن كارهي الفرحة والسوداويين من الناس الذين دائما وابدأ يبحثون عن أي سواد حتى ولو كان مثل النقاط في ثوب أبيض، فهم لا يعرفون سوي فقه النكد . فنجدهم في كل زمان ومكان، ففي الأفراح يجلسون في ركن من أركان قاعة الفرح وعيونهم ترصد العروسين بحثا عن أي عيوب، ويلاحقون أهل العروسين والضيوف، ولا يخلو حديثهم من النقد لكل الأشياء، بداية بفستان العروس وماكياجها وتسريحتها وطرحتها، وشكل وملبس العريس الذي يتناولون ماضيه وعلاقاته، والنميمة بحق أفراد عائلتي العروسين وخاصة أم العروسة ( اللي مش عارفة تزغرت) ، مرورا بالسؤال الاستنكاري الخبيث عن مصدر الإنفاق الكبير على الفرح ، كما ينتقدون أصناف الطعام الموضوعة بالكميات والتنوع اللائق على البوفيه العامر بما لذّ وطاب ، بالرغم من هذا الصرف الباهظ، وصولا في النهاية للتشكيك في إمكانية استمرار هذه الزيجة.
هذه العادة السيئة لم تعد وقفا على عواجيز الفرح، بل صارت ظاهرة في مجتمعاتنا، فنجدهم في كل المواقع ومن جميع الأعمار رجالا ونساءً ممن يتخصصون في إفساد سعادة الآخرين، وكأنهم يستكثرون علينا أن نفرح ! وأنه يتوجب أن تكون حياتنا مصبوغة دائماً وأبداً باللون الأسود وبالغم والهم، وهم ( من دون أن يدركوا ) يفسدون حياتهم ويحرمون أنفسهم من السعادة الحقيقية.
لقد تعجبت ونحن في غمرة فرحتنا جميعاً بافتتاح قناة السويس الجديدة نجدهم مع كذابي الزفة وهم يحاولون من بث السموم وإفساد احتفالاتنا بإطلاق الانتقادات يمنياً ويساراً ، متجاهلين بأنها ستفتح آفاقًا واعدة في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية وتوفر الملايين من فرص العمل للشباب ، خصوصًا مع البدء في المشاريع اللوجيستية على ضفتي القناة . وأن هذا المشروع لا يمكن لأي دولة في العالم تجاهله لكونه يمثل أقوى وأهم شريان اقتصادي على مستوى العالم . فهو مشروعا كبيرا بكل المقاييس العالمية ، حتى لو حاول بعض الكارهين أو الحاقدين أو الفاشلين أن يقللوا من شأن وحجم هذا المشروع .
لهذا لا تعطوا أي اهتمام لـ ( عواجيز الفرح) وكذابي الزفـة، ولا تعشموهم بمكاسب أو منافع، ففي السنوات الأخيرة تزايدوا حتى أصبحوا ينافسون الأرانب أو الفئران في العدد، وانتشروا في كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي من الفيس بوك والتويتر، فهؤلاء ليس لديهم غير الثرثرة والنميمة والاعتراض على أي شيء، فهم لم يفعلوا أو يساهموا في شيء كما يقول المثل الشعبي: ( لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب) فقط مجرد إثبات وجودهم على الساحة، فمن واجبنا ألا نكترث بهم وألا نسمع لهم، وإلا تضاعفت أعدادهم في شتى المناسبات .
الجدير بالذكر في هذا الطرح أنه يذكرنا بقصة جحا عندما تسلّف قِدرا من أحد جيرانه، وبعد يومين أعاد للرجل قدرين فلما سأله الجار عن السبب، قاله له جحا أن القدر ولدت!. وبعـد مدة زمنية تسلّف منه قِدرا أخرى، وطالت المدة ولم يرجعها، فذهب إليه الجار وسأله مستنكراً أين القدر؟، فقال له: إن القدر ماتت!، فقال له الجار: وهل القدور تموت؟! فردّ جحا: وهل القدور تلد ؟!.
أيها السادة (عواجيز الفرح): أنتم أحرار في أنفسكم، لكن كفوا عن تناولكم حياة الآخرين، ونشر الكراهية والإحباط والكآبـة، اعملـوا وافرحـوا، ولا تتصيدوا الإخفاقـات ، وافرحوا بنجاحات الآخرين. فنحن شعب يحب الفكاهة والمرح وليس شعب نكدي ، بل أبن نكته .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com