نختلف مع ما قاله المحلل السياسي الروسي المرموق الخبير في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل السياسي "سيرجي ديميدينكو"، أن الموضوع الرئيسي الذي سيناقش خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لموسكو المقرر إجراؤها غدا، هو "مشاركة الشركات الروسية في تطوير المنطقة الصناعية على طول قناة السويس الجديدة"؛ حيث نرى أن الأمر يتجاوز ذلك بل يتجاوزه بكثير، ولو كان الأمر يتوقف عند تطوير القناة، لاكتفت الدولتان بلقاء رئيسي وزراء البلدين أو جاء وفد روسي كبير لمصر.
كما نختلف مع ما قاله "ديمدينكو" أيضا، ونقلته عنه وكالة أنباء "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، من أنه "لا يستبعد أنه خلال الزيارة سيتم توقيع اتفاقات محددة"، مشيرًا إلى أن مصر في حاجة ماسة للاستثمار الأجنبي، وفي مثل هذه الظروف من المثير للاهتمام معرفة ما الذي تحتاجه مصر؛ لنقدمه لها في المجالات التقنية أو الاستثمار والمشاركة في المشاريع المستقبلية؛ إذ أن ذلك صحيح لكن الزيارة تتجاوزه أيضا؛ حيث نراها ليست اقتصادية فحسب بل هي زيارة إستراتيجية سيبنى عليها مستقبل المنطقة كلها، وبالتالي العالم كله.. وعلينا أن نعيد التذكير بما قاله الرئيس اليوغوسلافي الأشهر "تيتو"، الزعيم التاريخي ليوغوسلافيا وأحد مؤسسي حركة عدم الانحياز، حين قال ذات يوم إن "الاتحاد السوفيتي انتهى يوم هزمت مصر في 67"، ونرى أن العكس صحيح.. وأن الطريق لتعود روسيا قوة عظمى وقطبا عالميا كبيرا يجب أن يبدأ من مصر..
زيارة الرئيس السيسي ستناقش الأزمة في سوريا، والرؤى تكاد تكون متطابقة، وما أبلغه الروس لوزير الخارجية السعودي الأسبوع الماضي، قالته مصر منذ فترة طويلة مرارا، وملخصه أن الحل في سوريا سياسي وليس عسكريا، وأن الشعب السوري وحده من يختار قادته، وأن الأولوية المطلقة للحرب على الإرهاب!
والزيارة ستبحث الأزمة في اليمن والمخرج منها، وكذلك الدعم الروسي لأي ضربات عربية محتملة تقودها مصر على الإرهاب في ليبيا، وكذلك الاتفاق النووي الإيراني الغربي، ثم ستأتي القضايا والاتفاقات الاقتصادية، وفيها ستمنح روسيا أولوية مطلقة ومعها اتفاقات تخص السياحة وأخرى تخص المشروع النووي بالضبعة، وأخيرة قد تخص إعادة تأهيل المصانع المصرية التي ساهمت روسيا في بنائها في عهد الزعيم جمال عبد الناصر!
لا يتبقى إلا الاتفاقات العسكرية، فربما قد تكون المفاجأة توقيع شراكة إستراتيجية أمنية شاملة، من بينها الحرب على الإرهاب، وقد تكون المفاجأة أيضا موافقة روسيا على بيع طائرات ميج 35 الرهيبة المتفوقة بمراحل على كل الطائرات الأمريكية، ورغم ارتفاع سعرها إلا أنها خبطة العمر لمصر.. لكن ربما تؤجل الصفقة، وتستبدل بطائرات الميج 29، وهي من أقوى الطائرات الحربية في العالم، ومعها السخوي ومنظومة صواريخ "إس 300" الإستراتيجية الرهيبة أيضا القادرة - وببساطة شديدة كمثال للتوضيح - على حماية حدود مصر مع إسرائيل، بمجرد نصبها في الإسماعيلية أو أي مدينة أخرى، وقد تصل الحماية لو تم نصبها داخل الدلتا في الزقازيق مثلا!
زيارة السيسي لروسيا هي الأهم على الإطلاق بين الزيارات السابقة؛ لأنها زيارة وضع النقاط على الحروف في عودة روسيا قوة عظمى.. لا نقول إن روسيا ستصبح بعد الزيارة دولة عظمى، لكن نقول إن تدشين ذلك سيبدأ غدا لينتظر العالم تغييرات مهمة.. طال انتظارها.. وآن أوانها!
vetogate نقلا عن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com