قبل أن يجلس الرئيس عبدالفتاح السيسى على مقعد الرئاسة جرى حوار هاتفى ودى مع الأستاذ محمد حسنين هيكل ، كانت تهنئة طيبة، ومضى الأستاذ إلى حاله، مراقباً لثورات الربيع العربى، وتأثيرات الطوفان الجماهيرى على العرب من الخليج إلى المحيط.
توصيف الأستاذ هيكل بمستشار الرئيس السيسى لا يستقيم، ليس له ظل من واقع، «افتكاس» صيغة المستشارية وترويجها مباشرة بعد حوار الأستاذ هيكل مع الأستاذ «طلال سلمان»، رئيس تحرير صحيفة «السفير» اللبنانية، صيغة تنبنى على خيال إخوانجى مريض، فالأستاذ هيكل ليس مستشاراً للرئيس، ولا حتى قريباً من القصر الرئاسى، مسافة من الاحترام البالغ بين الرئيس والأستاذ.
الرئيس عندما يعن له الحديث لديه الحديث الشهرى، وعندما تتخذ الدولة المصرية موقفاً خارجياً لدينا وزير خارجية، وبالمناسبة كان السيد سامح شكرى فى زيارة للمملكة العربية السعودية قبل أيام، وما رشح عن الزيارة سياسيا تطابق فى الرؤى والاستراتيجيات مع احتفاظ كل باستقلال القرار الوطنى فى تكامل فريد من التكامل العربى.
تأسيس مواقف وتباينات بين القاهرة والرياض تأسيساً على ما جاء فى حوار الأستاذ فى «السفير»، وقيعة إخوانية مفضوحة، الرئاسة المصرية لا تتصاغر فى علاقتها الاستراتيجية مع المملكة إلى حدود الإيعاز إلى الأستاذ بالغمز فى جانب جلالة الملك والمملكة.
كما أن الأستاذ هيكل كبير المقام لا يتصاغر إلى حدود الغمز واللمز، الأستاذ ينطق بوضوح بما يراه، وليس بالضرورة صحيحاً، ليس قدحاً فى حق هيكل، ولكن الأستاذ يجتهد ويخطئ ويصيب، ولم يدع عصمة، ولا ينطق عن الهوى، والأستاذ من القيمة والقامة والخبرة ما يجعله عصياً على الاستخدام السياسى.
الأستاذ هيكل مستشار للرئيس السيسى، كذبة إخوانية مفضوحة، كما أن تعكير صفو العلاقات المصرية- السعودية بجملة أو جملتين نطق بهما الأستاذ لا يستقيم مع منطق الأمور، لم يمر على العاصمتين (القاهرة والرياض) وقت كانتا فى أشد الاحتياج إلى بعضهما البعض مثل هذا التوقيت الذى يتعاظم فيه التهديد الإيرانى فى جهة المملكة، والتهديد الإخوانى فى جهة مصر، إلى حدود الشراكة فى عاصفة الحزم.
الإخوان يدقون بشدة على عرى العلاقة بين القاهرة والرياض لفصمها، ويستهدفون العلاقة العميقة بين الملك والرئيس، ويصيدون جملة فى حوار، وفقرة فى مقال، وطق حنك فى برنامج، ويقفزون بها من الشباك ليتسللوا بوشايات تدحضها الزيارات والخطابات المتبادلة، هناك ما يشبه جسراً جوياً ساخناً بين العاصمتين.
عجباً الإلحاح المريب على طرح السؤال، هل هناك خلافات بين مصر والمملكة؟.. وزير الخارجية سامح شكرى يرد على السؤال فى اليوم والليلة مائة مرة، ولا حياة لمن تنادى، لا أحد يكف عن السؤال، ولا أحد يعتبر للإجابة، لأن الإلحاح الإخوانى على السؤال صار مرضياً، حتى عُمرة الإخوانجى خالد مشعل لم تسلم من الإيحاء، وكأن المملكة عليها أن تستأذن مصر فى عُمرة مشعل، أو الرياض تطلب من مصر كشف حساب.
أعلم أن الأستاذ ألقى حجرا فى البحيرة العربية ومضى إلى حال سبيله، وترك مساحة للقيل والقال، ولكن ما لا يترك مصريا القول بأن الأستاذ مستشار للرئيس، هذا ما يحتاج لحسم رئاسى حتى لا يحسب ما قاله الأستاذ على الرئيس وهو منه براء.
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com