جمعتهم أهداف مشتركة، فعام واحد فقط من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان كان كفيلاً بشعورهم باليأس والإحباط مما رأوه من رئيس انتهج سياسة الإقصاء وترك أمور الدولة ليتحكم فيها مكتب إرشاد قابع في منطقة المقطم بدون أي حيثية قانونية، فكانت "تمرد" هي الكلمة السحرية التي وقع عليها اختيار مجموعة من الشباب ليعبروا بها عن غضبهم ورفضهم لحكم مرسي وجماعة الإخوان.
"التمرد" ولد بفكرة، مجرد ورقة يوقع عليها كل راغب فى التغيير باسمه ورقم بطاقته، لسحب الثقة من مرسى، فانطلقت حركة "تمرد" فى يوم الجمعة 26 أبريل 2013، وكان هدفها جمع 15 مليون توقيع قبل 15 يونيو لسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ودعت تلك الحركة لاعتبار 30 يونيو يومًا للتمرد، واختيار هذا التاريخ تحديداً لأن في هذا اليوم من عام 2012 تولى محمد مرسي الحكم، فكانت "تمرّد" أقرب إلى أسطورة أو حالة شعبيّة موقّتة نتجت عن الحنق الشديد والعميق على حكم جماعة الإخوان لدى قطاعات عريضة من الشعب المصريّ.
حظيت حركة "تمرد" بتأييد شعبي كبير، فمن مدينة بورسعيد الباسلة التي كانت مشحونة وقتها وغاضبة ضد حكم الإخوان ومرسي بدأت "تمرد" تجمع توقيعات المواطنين على استمارتها الذين تجاوبوا معها، لتعود الحركة إلى القاهرة وتنتشر في مختلف المحافظات، كما أيدتها عدد كبير من القوى الثورية والأحزاب السياسية مثل حركة كفاية وجبهة الإنقاذ والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 أبريل وحزب الدستور، وأعلنت "نقابة المحامين" فتح مقراتها للمواطنين على مستوى الجمهورية لتلقي الاستمارات الموقعة، لتتمكن من جمع أكثر من 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي حسبما أعلنوا في مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين في 26 يونيو 2013.
ثم يأتي "اليوم المشهود" 30 يونيو الذى شهد فيه ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية وعدة ميادين، أكبر تجمع للمواطنين رصدته كاميرات العالم، بعد خروج مئات المسيرات من الميادين الكبرى والمساجد، وانطلق المصريون معبرين عن مطالبهم لترتفع أصواتهم "الشعب يريد إسقاط النظام".
وكانت "تمرد" حاضرة في مؤتمر إعلان "خارطة الطريق" في 3 يوليو 2013 بجانب وزير الدفاع آنذاك الفريق عبدالفتاح السيسي وشيخ الأزهر والبابا تواضروس ومحمد البرادعي، وألقى محمود بدر، مؤسس الحركة، كلمة خلال إعلان خارطة الطريق، بعد عزل محمد مرسي.
وبعد الانتهاء من وضع "خارطة الطريق" التي ستسير عليها البلاد، دبت الانشقاقات الخلافات والتشتت داخل صفوف الحركة التي تصدرت المشهد في 30 يونيو، لعدة أسباب، فبعد اتجاه عدد من مؤسسي "تمرد" للسياسة وإعلانهم الترشح لمجلس الشعب مثل مؤسس الحركة محمود بدر ومحمد عبدالعزيز أحد أعضائها، أعلن بعض الأعضاء انشقاقهم عنها لتمسكهم باستمرار "تمرد" حركة مراقبة شعبية ورفض الاتجاه للسياسة.
زاد من الانشقاقات داخل "تمرد"، الخلاف على مرشح الرئاسة ما بين مدني أو عسكري في فبراير 2014 وعلى وجه التحديد الاختلاف على دعم حمدين صباحي أو عبدالفتاح السيسي للرئاسة، وأحدث ذلك الخلاف على المرشح الرئاسي "زلزالاً" داخل حركة تمرد كما وصفه البعض، حيث حدثت مشادة بين محمود بدر وحسن شاهين أبرز أعضاء "تمرد"، عبر أحد البرامج التليفزيونية، بعدما قال شاهين إن المكاتب التنفيذية لـ"تمرد" اجتمعت وقررت دعم مرشح مدني في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي نفاه "بدر" واتهم "شاهين" بالكذب، وفي 9 فبراير 2014، أعلنت الحركة تجميد عضويّة كلّ من حسن شاهين ومحمد عبد العزيز وخالد القاضي، لتأييدهم حمدين صباحي وخروجهم عن السياق التنظيمي للحركة، بمخالفتهم قرار الحركة بدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية حسبما قالت الحركة، كما أصدر 50 عضواً وقياديًا من مؤسسي ومسؤولي اللجان والمكاتب التنفيذية لحركة تمرد في مختلف المحافظات بيانًا أعلنوا فيه دعمهم صباحي في انتخابات الرئاسة، بل وتبادل مؤسسو الحملة الأساسيون التراشق بالكلمات بعدما قال محمود بدر إن محمد عبدالعزيز وحسن شاهين يمثلان نفسيهما وأن الحركة تدعم السيسي للترشح للرئاسة.
كما لاحقت عدد من قادة الحركة اتّهامات بتلقّي أموال ودعم مالي من جهّات خارجيّة، وجاءت هذه الاتهامات على لسان مؤسّسين في الحملة نفسها، ما أدى إلي انشقاق عدد من أعضائها، وكان لاتجاه عدد من أعضاء "تمرد" لتحلويلها إلى حزب سياسي تحت اسم حزب "الحركة الشعبية" دوراً فاعلاً في زيادة التشتت والانشقاقات، ومن المنشقين عنها والذي رفض تحولها لحزب سياسي محب دوس، أحد المؤسسين في حملة "تمرد".
وكان للجنة الخمسين المشكلة لوضع مسودة الدستور دور في الخلاف والتشتت داخل الحركة، حيث أعلنت حركة تمرد في ديسمبر 2013 عن تبرؤها من محمد عبد العزيز وحسن شاهين ومحمود بدر، وذلك على خلفية الضجة الكبيرة التي أثارها التصديق على مسودة الدستور الذي أعدته لجنه الخمسين لتعديل الدستور وخصوصا "قانون التظاهر"، مؤكدة أن "تمرد" ولاؤها للشعب والثورة فقط لا غير.
وتستقبل "تمرد" عامها الثاني وأعضاؤها متفرقون وتعاني من انشقاقات وخلافات داخلها، بعدما كان أعضاؤها "إيد واحدة" وكانوا أصحاب فكرة الورقة التي أسقطت حكم الإخوان.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com