منذ توليه الباباويه فى نوفمبر 2012 آثر البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الهدوء والصمت والابتعاد عن لغط الأحاديث والاكتفاء بالصلاة من أجل مصر، وخلال زيارته للنمسا تحدث ل«الأهرام» عن قضايا الأقباط، والوضع الحالى لمصر وموقف الكنيسة من الانتخابات البرلمانية المقبلة وزياراته للخارج والهدف منها ووضعه الصحي، وأكد لنا ثقته فى أن «مصر فى يد الله».
وإلى نص الحوار:
نبدأ بجولة قداستك الأوروبية والتى شملت هولندا وإيطاليا وانتهت بالنمسا ؟
أنا بدأت زيارتى بهولندا لمدة أسبوع تفقدت خلالها كل الكنائس القبطية هناك برفقة نيافة الأنبا أرساني أسقف هولندا وكانت فرصة أننا نزور الكنائس وندشنها وكانت هذه الجوله تعتبر الأولى لجميع كنائسنا هناك أما الجزء الثانى من الزيارة كان على فترتين حيث كان هناك مؤتمر يعقد كل سنتين يضم جميع الأباء الأساقفة والآباء الكهنة والخدام الذين يخدمون فى كنائسنا على مستوى أوروبا كلها، والحقيقة لم يكن لدى الوقت الكافى لزيارة جميع البلاد دفعة واحدة و لذا أقوم بزيارة مركزه مثل زيارة هولندا ثم زياره تجميعيه لجميع الآباء وعقدنا مؤتمرا، وناقشنا بعض المشاكل الموجوده فى الخدمة والعمل على إيجاد حلول لها وفى نفس الوقت أننى أطمئن على سير الخدمات الموجودة فى كنائسنا
أما الجزء الثانى فكان فى إيطاليا حيث زرت عدة كنائس فى إيبريشية ميلانو وقمنا بصلاة القداس فى كنيسة سان مارك فى فينيسيا وعملنا تمجيدا فى الموقع الذى فيه جسد مارى مرقص، ثم صلينا فى كنيستنا المصرية أيضا كأول قداس فيها لأنها تحت التأسيس وكانت بالطبع فرصه أننى أزور عدة كنائس وأجتمع بالشباب المصرى فى إيطالياومع نيافة الإنبا كيرولس أسقف ميلانو ونائب بابوى
وأنا فى طريقى إلى النمسا ذهبت إلى فلورانس وألقيت كلمة فى ملتقى الأديان هناك، وكانت كلمتى تدور حول الثقافه ضد العنف وبعدها حضرت للنمسا ، واختتمت زيارتى بقداس الأحد بمدينة جراتس فى رحاب كنيسة القديس يوحنا المعمدان ثم وضعنا حجر الأساس لكنيسة السيدة العذراء
قداسة البابا مصريو الخارج يريدون الاطمئنان على مصر من خلال تقييم قداستك للمشهد الآن ؟
نشكر الله مصر الحبيبة تتقدم رغم أن هناك بعض الصعوبات ، لأن لدينا حكومة جادة ووزراء يتسمون فى عملهم بالجدية والإنجيل به آيه تقول ( الرخاوة لا تمسك صيدا ) أى الذى يتعامل برخاوة لن يصل إلى نتائج فالجدية علامة من علامات النجاح فنرى سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى يقود الأمور كلها بجدية وبرؤية والرؤية تعطى الأمل وهناك مشروعات كثيره تبدأ خطوة بخطوة على سبيل المثال وليس الحصر مشروع قناة السويس على وشك الافتتاح وهذا تأكيد لرؤية سيادة الرئيس السيسى أن يكتمل المشروع فى عام واحد فقط بدلا من المده المقترحه وكانت ثلاث سنوات
ما هو الدور الوطنى للكنيسة فى العصر الحديث الذى ظهر جليا فى مشهد 30 يونيو ؟
الكنيسة المصرية وطنية بالدرجة الأولى دورها روحى أولاً واجتماعى ثانياً، ولابد أن تمارس الكنيسة الدور الروحى والاجتماعى والوطنى باستمرار، وهذا خط ثابت منذ نشأة الكنيسة، وطوال تاريخها منذ أيام مارمرقس، وهذه ثوابت فى الواقع والتاريخ، وبالتالى كانت مشاركة الكنيسة من منطلق وطنى لم تخرج عن هذا الإطار، وكانت جزءا من مشاركة الشعب المصرى مسلميه ومسيحييه، ولا أرى أن هذا شىء غريب
لماذا يحاول البعض الخلط بين الموقف الوطنى للكنيسة والتدخل فى السياسة؟
الكنيسة لا تعرف السياسة.. السياسة لها رجالها والكنيسة لا تعرف العمل الذى يجمع بين السياسة والدين لأنه مستحيل الجمع بين الاثنين، فمثلاً إذا حاولنا الخلط بين الماء والرمل، فلن يحدث اتحاد بينهما أبداً، وهو ليس خلطاً إيجابياً ولن يدر نفعاً على الكنيسة، الدين كيان سماوى والسياسة إنتاج أرضى، فخلطهما يضر ببعضهما البعض.
قداستك توليت الكرسى البابوى فى فترة شديدة الحساسية.. كيف كنتم ترون المشهد السياسى فى هذه المرحلة وصولاً لمشهد 30 يونيو؟
الرئيس الأسبق محمد مرسى تولى الحكم فى يونيو 2012 وأنا جلست على الكرسى البابوى فى نوفمبر من نفس العام، أى بعدها بـ5 أشهر، وكنت متابعاً للتدهور الذى يحدث فى أحوال مصر والمشكلات التى تجرى، وبعد تجليسى بـ4 شهور حدث الاعتداء لأول مرة على الكاتدرائية المرقسية، مما أعطى صورة رديئة للحكم فى مصر، وكان علامة على طبيعة هذا النظام، كما أن البلد كان فى حالة غليان، وكنت أشعر أن هذا الوضع لن يستمر، فإذا لاحظنا الفترة من يونيو 2012 إلى يونيو 2013 سنرى المنحى ينحدر فى كل شىء، وهذا الانحدار كان ينبئ بالوصول إلى «الزيرو»، والعمود المائل لابد له من السقوط، إلى أن جاء 30 يونيو وما تبعه من أحداث و3 يوليو إلى أن تم الاعتداء على الكنائس فى أغسطس من نفس العام عقب فض الاعتصامات، فكانت فترة صعبة مليئة بالتغيرات السلبية.
ما هو شعور وتفكير قداستك عندما ترى اعتداء على الكنائس ؟
دون شك أنا والكنيسة بالتأكيد نحزن حينما تمر مصر بمصاعب أو أزمات، لكننا لا نخشى أو نقلق من شىء لأننا فى يد الله ونثق فى عمل الله الذى حبا هذا البلد وذكره فى الإنجيل «مبارك شعبى مصر»،
كيف ترى المشهد السياسى الآن.؟
الوضع الآن «زى الفل» ونسير بخطوات جيدة نحو الاستقرار فلدينا دستور ورئيس منتخب وسيتكون البرلمان الفترة القادمة وأنا متفائل بمستقبل مصر.
كيف ترى قداستكم لقاءات شباب الكنائس المختلفة.. وهل ذهاب الشباب الأرثوذكسى لحضور بعض الاجتماعات بالكنائس الأخرى يزعج قداستكم؟
أولا: نحن حريصون على عقد لقاءات تجمع بين شباب الكنائس المختلفة، كان آخرها لقاء عقد فى أغسطس تحت رعاية مجلس كنائس مصر وأنا شخصيا شاركت فيه، ولكل إنسان الحرية فى حضور الأنشطة أو الاجتماعات الكنسية فى أى كنيسة وهذا لا يزعجنى إطلاقا
يتردد أن هناك صراعات بين الأساقفة الكبار داخل الكنيسة خاصة من كانوا قريبين من قداسة البابا شنودة.. فما رأى قداستك ؟
كلمة صراع لا توجد فى قاموس الكنيسة لأن عملنا روحى دينى وليس سياسيا وكل هذه شائعات لا أساس لها من الصحة ونحن لا نهتم بالرد على كل شائعة،
كيف ترى قداستكم ملف العلاقات بين الكنيستين الإثيوبية والمصرية.. وهل تستطيع الكنيسة المساهمة فى احتواء بعض المشاكل ؟
الكنيسة لا تتوانى عن خدمة مصر لأنها كنيسة وطنية، والمفترض أن مصر كدولة أفريقية يكون لها علاقات طيبة مع الدول الأفريقية بصفة عامة خاصة إثيوبيا، لأن 85% من مياه مصر تأتى من إثيوبيا فلابد أن نعطى لها اهتماما أكبر.
تقصد قداستك أن مصر أهملت العلاقات مع إثيوبيا بعض الوقت ؟
نعم.. لقد انشغلت مصر بدول الشمال وأمريكا، مهملة علاقاتها مع إثيوبيا وهذا كان خطأ وساهم فى تعقيد المشكلات السياسية بين البلدين
كيف ترى قداستك العلاقه الآن ؟
علاقة رائعة واحترام متبادل بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة المصرية رآه الجميع بوضوح مع الرئيس السابق عدلى منصور واستمر الحال مع الرئيس السيسى.. وهذا ينعكس على المسيحيين من ناحية وعلى الشعب المصرى ككل، ونحن نحيا جميعا فى سلام ومحبة والرئيس السيسى شخص محب يحترم كل إنسان ورأيت فيه جانبا إنسانيا رائعا.
كيف ترى قداستكم نسبة تمثيل الأقباط فى البرلمان المقبل؟وما رؤيتكم لنظام الكوتة للمسيحيين بالنسبة للقوائم؟
- الكوتة نظام غير مرض بالنسبة لنا، ونسبة التمييز الإيجابى المعمول بها من خلال نظام القوائم جيدة وتعتبر خطوة أولى للتشجيع، ولكن ما يرضى الكنيسة أن يكون المجلس كله أعضاء على مستوى عال من الكفاءة، وبالنسبة للأقباط وجودهم مهم لأنهم قطاع من الشعب حتى لو تواجدوا بعدد محدود، فنحن لا نشترط عددا معينا، الكوته تعنى تقسيم المجتمع على أساس دينى وهذا مرفوض تماما. أما عن دور الكنيسة فى الانتخابات فهى إحدى مؤسسات الوطن ودورها اجتماعى وطنى وهى غير معنية بالسياسة إطلاقا لكن انتخابات البرلمان تهم كل الشعب وكل المؤسسات لأنها تمس حياة الجميع
كيف ترى قداستك حالات الهجرة التى كثرت فى الفتره الأخيره ؟
الهجرة قرار فردى وكل شخص له الحرية فى اتخاذ ما يراه صالحا له من قرارات تتناسب وظروفه، وهذا ليس جديدا ففى أوقات سابقة فى السبعينيات وعقب النكسة رأينا البعض يندفعون للهجرة، ولكن أقول لكل من يفكر فى الهجرة، عليك أن تتريث فى قرارك «فالخارج ليس الجنة»، كما يتصور البعض، فهناك الكثير من الصعوبات، والأوضاع فى مصر تتجه نحو الاستقرار.
أتابع لقداستك العديد من الزيارات الخارجية في 2014 و 2015 الى الولايات المتحدة الأمريكية ؟
أمريكا بها أكبر تجمع قبطى فى الخارج، وأنا مهتم بمتابعة شئون أبنائنا هناك ولكن الوطن فوق كل شىء واعتباراته تأتى فى المقام الأول لدي ولدى الكنيسة، وقبل أن أزور أى دولة لابد أن تكون العلاقات مع مصر مستقرة وجيدة
نريد أن نطمئن الشعب المصرى على الحالة الصحية لقداستكم ؟
أعانى من انزلاقات غضروفية فى الظهر، ويحذرنى الأطباء من المجهود الزائد والسهر ولابد أن أتعرض للشمس نصف ساعة يوميا لأننى أعانى من نقص فيتامين «د»، وأن أشرب 3 لترات ماء يوميا، ولا أقف لمدد طويلة، وأنام 8 ساعات، وأتحمل الألم الشديد فى أوقات كثيرة، حيث يصعب إجراء جراحة لى لأن لدى نقص فى الكالسيوم وفيتامين «هـ».
في نهاية حوارنا مع قداستك ماذا تقول للشعب المصرى وأقباط المهجر والرئيس عبد الفتاح السيسى؟
أقول للمصريين تفاءلوا مصر بخير.. ونتمنى السلام والازدهار لمصر ونقطف فى هذا العام الجديد ثمار المشروعات القومية التى بدأت فى 2014 وأهمها مشروع قناة السويس.
وأقول لأقباط المهجر أوعوا تنسوا مصر فأنتم مصريون محبون لمصر وعلاقتكم رائعة بالوطن وننظر لما تحققونه من نجاح فى الخارج بفخر.
أخيراً أقول للرئيس السيسي أنت إنسان جاد ونحن سعداء أنك تتحمل مسئولية الوطن فى هذا التوقيت.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com