بقلم: ليديا يؤانس
لاحظت أنكم أناس تنتظرون وتنتظرون وتنتظرون ...
حياتكم كُلها إنتظار!
تنتظرون طوابير في المحلات ..
تنتظرون إشارات مرور في الشوارع ..
تنتظرون أحباء ..
تنتظرون كريسماس وأعياد ميلاد ومناسبات ..
تنتظرون في عيادات أطباء ..
تنتظرون وظائف وتقارير طبية ونتائج إمتحانات ..
تنتظرون أصدقاء متأخرين دقائق أو ساعات ..
تنتظرون أحلام وأماني قد تتحقق وقد لا !!!
في الواقع أنتم في حالة إنتظار مستمر ودائم رغماً عنكم!
أنتم تنتظرون وتنتظرون وتنتظرون وأحياناً في إنتظاركُم يكون هناك سؤال: هل هناك شئ في الحياة يستحق الإنتظار؟
البعض سيقولون: نعم الإنتظار جزء من تحقيق الآمال والأمنيات التي بالتأكيد ستُسعِدنا.
دائماً! هُناك أمل يهمس لنا بأن في الغيب شئ جميل يستحق الإنتظار!
والبعض الآخر سيقولون: الإنتظار يُوّلِد الإنفجار، الإنتظار مَلل، الإنتظار يغتصب حياتنا ويُحولها إلي لحظات وأيام وسنين قاسية جداً، تُدمر نفوسنا ومشاعرنا وأجسادنا وتسرق ضحكاتنا وسعادتنا وعُمرنا، عُمرنا أقصر من أن نُقامر به في الإنتظار، فليس هناك شئ في الحياة يستحق الإنتظار!
نعم الإنتظار مُؤلم ومُدمر، وعدم الإنتظار أيضاً مُؤلم، ولكن عدم معرفة أيهما أفضل هو أسوأ أنواع المُعاناة!
الذين يسعدون بالإنتظار هُمْ أكثر تفاؤلاً، ويقضون فترة الإنتظار مُحلقين بين الأحلام والواقع، ينعمون بالهدوء النفسي وبالتالي الجسدي، ويستغلون فترة الإنتظار في حشد إمكانياتهم وطاقاتهم وكفاءاتهم لكي يستطيعون تحقيق أهدافهم والتي تعتمد بشكل كبير علي الإنتظار.
فتجد من ينتظرون أن الأولاد يكبروا ليفرحوا بهم، ومن ينتظرون الحصول علي الشهادات الدراسية والدرجات العلمية، ومن يحلمون وينتظرون شريك أو شريكة للحياة.
الإنتظار هنا جميل وإن كان له مسئولياته وإلتزاماته، ولكن إن لم تسر المركب في الإتجاه الذي يُريده الشخص، حينئذ سنسمع مُر الشكوي منهُم وحسرتهم علي السنين والعمر إللي ضاع وراء سراب وإنتظار.
أما الذين يُبغضون الإنتظار ولا يُطيقونه، قد يتم تصنيفهُم علي أنهُم ليس لديهُم إيمان بالمواعيد والوعود، وأنهُم أناس ليس لديهُم تفاؤل ومُثابرة علي الحياة والإصرار علي التحدي، ولكن كما يقول المثل "اللي أيده في الميه مش زي اللي أيده في النار."
إنسان كان قوياً جداً لا تهزه مشاكل الحياة، مرض فجأة وقال له الأطباء، ستموت في خلال 3 شهور.
ياتري كيف مرت عليه فترة الإنتظار؟ مهما إن كان قوياً روحياً أو جسدياً، أكيد عاني من عذاب الإنتظار، وإن كان كبرياؤه منعه من الإفصاح بذلك.
الإنسان المسجون بالتأكيد يُعاني من قسوة المُعاملة، من تقييد حُريته، مِنْ حرمانُه مِنْ أهله وأحباؤه، وإذا كان من الأكابر سيجد نفسه أو نفسها ينحدر من مستوي معيشي مُعين إلي مستوي دون، سئ، قذر، ملي بالحشرات والأمراض، في الغالب تُهان الكرامة، وقد ينال قسطاً من التعذيب، وبالرغم من ذلك قد يعيش السجين، ولكن قد يموت تحت وطأة الإنتظار والشعور بأنه ليس هُناك شيئاً في الحياة يستحق الإنتظار!
إنسان قد ينتظر وينتظر وينتظر أن يحمل فلذة كبده بين أحضانه، أن تدغدغ ضحكات طفله البريئة أوتار قلبه، ولكن طال الإنتظار وظلت الأحضان خاوية، والقلوب حزينة، الإنتظار فشل في العلاج وحول الشئ إلي لا شئ، فأصبح ليس هناك شيئاً في الحياة يستحق الإنتظار!
لحظات قاسية مريرة يعيشها الحبيب منتظراً المحبوب، قد يعيش علي أمل، منتظراً ومنتظراً ومنتظراً، ومازال المحبوب يدور في أفلاك العالم بعيداً عن مكان إنتظار الحبيب، لفت الأيام، وضاع الشباب، وحلت الشيخوخة، وأقترب النعش، ولم يتم اللقاء بالرغم من الإنتظار! هل بقي شي في الحياة يستحق الإنتظار؟
بدون شك الأفضل من الإنتظار أو عدم الإنتظار، هو الأشياء التي تحدث في حياتنا بالصُدفة أي بدون إنتظار، ويحضرني هنا ما قالته آنا فرويد إبنة عالم النفس الشهير سيجموند فرويد "في بعض الأحيان أجمل شئ في الحياة يأتينا من دون أن نتوقعه أو أن نعمل من أجله فيكون بذلك هبة الحياة."
عموماً .. إحنا جينا الدُنيا في لفه، وماشيين منها في لفه، وبين اللفتين بنآخد لفه!
قد تكون اللفه صُدفه سعيدة، أو شئ مُبهج غير متوقع، أو الإنتظار!!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com