ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

يـأسُ الإخـوان أكثرُ خطراً..

احمد عبدالتواب | 2015-04-20 09:43:54

الرأفة غير مقبولة، إذا ما صَحَّت الأخبارُ المنشورة عن أن مسئول الكاميرات فى نادى كفر الشيخ الرياضى أوقف كاميرات المراقبة ليلة الحادث الإرهابى ضد طلبة الكلية الحربية يوم الأربعاء الماضى، وقال إنه نسى أن يُشغلّها نهاراً! وهو ما حَرَم الشرطة والنيابة من الأدلة الدامغة ضد الإرهابى الذى زرع العبوة الناسفة التى راح فيها شهداء وسقط جرحى!

هذا الإهمال، حتى إذا استبعدنا أن يكون فى إطار التآمر، هو أكبر عون للإرهاب والإرهابيين، كما أنه أكبر عدو لكل جهد مخلص دءوب يسعى لتحقيق الأمن.

هذا تبديد لخط انتاج كامل، بدأ بجدية مَن فكروا فى استخدام الكاميرات كأحدث وأضمن وسيلة للمراقبة ولتسهيل معرفة هوية الجناة، ثم مَن خططوا لكيف يتحقق هذا، ثم مَن اتخذوا القرار، ومَن وفروا البنود المالية لشراء الكاميرات..إلخ، ليأتى من يُوقفها ليلاً ليشيع بين الإرهابيين أن الراغب فى عمل التفجيرات يتوجه لمهمته ليلاً، كما أضاف لهم عنصر أمانٍ آخر بأنه »ينسى« تشغيلها نهاراً!

ينبغى أن نعترف أن بعض أجهزة الدولة ليست فى وضع يطمئن على قدرتها على التصدى للإرهاب الذى يطوّر أدواته مدعوماً بقوى نافذة على جميع الأصعدة! وذلك فى وقت يدفع فيه آخرون حياتهم، إنْ لم يكن باب الحماس الوطنى فمن منطلق الالتزام بالواجب المهنى.

والحقيقة أن الموقف الشعبى العام أكثر نضجاً، فى قضية مواجهة الإرهاب، مِن كثير من الأجهزة المسئولة، بل من كثير مِن محترفى العمل السياسى. قارِن مواقف الناس السلبية بلا تعاطف مع مصرع الإرهابيين فى سيناء أو فى غيرها، وعلى الناحية الأخرى، حزنهم الشديد على الشهداء ضحايا الإرهاب، وهو ما يتجلى فى مشاهد كثيرة منها الجنازات الشعبية المهيبة لبسطاء الجنود، حيث تدوّى شعارات »الشعب يريد إعدام الإخوان«. هذا استخلاص على أوضح ما يكون لجوهر الانحيازات الحقيقية للأغلبية تجاه الاختيارات السياسية التى تعيشها مصر هذه الأيام، وهو يؤكد أن ردود أفعال عموم الناس قد تكون أكثر بلاغة أحياناً من تحليلات كبار المعلقين، بل قد تكون أكثر نفاذاً، دون الارتباك الذى يقع فيه دعاة المصالحة وأولئك الذين قرروا مع سبق الإصرار أن ينتظروا أى خطوة ليعلنوا احتجاجهم عليها، وكأنهم صاروا محتجين إلى الأبد من أجل الاحتجاج! كما أن هناك رسالة على أعلى درجة من الأهمية ينطوى عليها هذا الموقف الشعبى، وهى أن الناس لا تخشى من الإرهاب، بل إنها تردّ بدورها على رسائل الإرهابيين بإبداء التمسك باستمرار عزل الإخوان وحلفائهم.

لم يكن أحد فى حاجة لجريمة اغتيال طلاب الكلية الحربية فى كفر الشيخ ليتوصل إلى أن الإخوان وحلفاءهم، بالقتل العشوائى على الهوية، قد أحلُّوا أنفسهم من روادع السياسة وأنهم قد انهاروا أخلاقياً، وشطحوا إلى مدى بعيد عزلوا فيه أنفسَهم بأنفسِهم، بعد إصرارهم على الاصطدام مع القيم المصرية والفولكلور المصرى فى أوساط عموم الناس، قبل أن يرفضهم عقل نخب السياسة والثقافة والفن والنشطاء فى كل عمل عام. يَهاب المصريون الموت ويجلونه منذ فجر تاريخ حضارتهم، ومن النادر أن يبلغ الخصام أو العداء إلى حدّ القتل، ومعظم أسبابه من روافد دخيلة من قبائل مهاجرة اختارت أن تقطن فى بعض الأقاليم فى مصر، ولا تزال أفكار هؤلاء تلقى استهجاناً حتى من بعض جيرتهم. أما الإخوان ومن معهم، فقد بالغوا فى الاستهانة بالقتل، ولم يعطوا المبررات التى يمكن أن يُفهَم بها تصرفهم. وكان هذا وحده كافياً لرفضهم شعبياً.

أكثر التعليقات تكراراً على التليفزيون التى تُقال بمنتهى الأسى إن الضحايا الشهداء راحوا فى عمر الزهور!

وبقدر ما فى هذا من إدانة للإرهابيين، فإنه ينطوى على مآخذ على الأجهزة المنوط بها الحماية، ولكنها، ودون مبرر، تدع الثغرات لتنفذ منها أخطاء بحجم الفيل.

لا يبدو أن للإخوان استراتيجية ما، بالمعنى العلمى، ولا يبدو أنه كانت لهم قط استراتيجية على مدى تاريخهم، والأمارات على هذا تتجلى كل يوم! لعل أوضحها أنهم لم يكن لديهم خطط ولا حتى أفكار عملية عما سيفعلونه إذا وصلوا للحكم، فلما وصلوا كان التخبط الذى رآه العالم أجمع وعانت منه كل فئات الشعب! فلما كان الخروج عليهم، أثبتوا أنهم أعجز عن التعامل مع واقع يتغير بسرعة فائقة كل ساعة، كما أنهم لم يدركوا التغير الجوهرى الذى صار عليه حالهم! وراح زعماؤهم يثرثرون عن الشرعية التى بددوها بأيديهم، ثم خاضوا فى اعتماد الإرهاب الإجرامى والإعلام السفيه، وهو ما ترتب عليه خروجهم نهائياً من المعادلة السياسية، على الأقل على المدى المنظور وفى المستقبل المحسوب. وقد صار إرهابهم هذه الأيام تعبيراً عن اليأس، بعد أن كانوا يتوهمون، عقب الإطاحة بحكمهم، أن هنالك إمكانية لأن يعود مرسى إلى الكرسى! والملاحظ أن ضرباتهم لم تعد تعرف المحاذير منذ أن تبين لهم ألا عودة! ولكنها تسير وفق نفس التخيلات الخطأ، وكأنهم يريدون أن يُحطِّموا الروح المعنوية للناس وأن يفرضوا منطقهم بأن إزاحتهم تماماً أسوأ من استمرارهم على المسرح العلنى!

هذا طريق عدمى، يودى بصاحبه إلى الهلاك، إن كان فرداً، وأما الأحزاب والجماعات، فهو انزلاق فى نفق مظلم ممتد، لا إفاقة منه إلا بعد زمن يدفع بدماء جديدة فى شريان التنظيم ويأتى بجماهير لم تعش محنة الجرائم السياسية! ولكن، وقبل البحث عن مخرج من هذه الظلمة، بل من أهم شروط البدء فى الخروج منها، أن يكون هناك اعتراف بالخطأ. وهو ما لم يتوافر مع الإخوان، وليس من المتوقع أن يحدث وفق سياستهم على الأرض.

الخوف من اليائس، أشدّ خطراً. وهذا أدعى لوجوب الانضباط الشديد وعدم التهاون مع أى متقاعس عن واجبه، لأن فى هذا هدرا لأرواح الأبرياء. هذه المرة، كان تصرف الرئيس السيسى سريعاً وموفقاً، وقبل أن يترسخ الإحساس السلبى الذى كان الإرهابيون يخططون لإحداثه فى صفوف طلاب الكلية الحربية، فزارهم ليشدّ من عزيمتهم، وهى خطوة موفقة تستحق الإشادة. مع ضرورة أن يولى اهتماماً خاصاً بهذه الثغرة القاتلة التى نفذ منها الإرهابيون فى كفر الشيخ، وإلا لتبدد كل إخلاص وجدية مِمَن كان دافعهم الحماس الوطنى ومِمَن التزموا بواجبهم المهنى.

نقلا عن الأهرام

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com