لم تخجل نيفين زكى من مشروعها البسيط كسائقة أوتوبيس مدرسى صغير، لمساعدة زوجها فى التغلب على ضغوطات الحياة والأزمات اليومية، والأهم من ذلك هو تكوين عمل خاص بها، بعيداً عن «قعدة البيت اللى لا بتودى ولا بتجيب»، على حد قولها، بل تأمل فى تطويره لتمتلك آخر كبيراً تقل به عدداً أكثر من التلاميذ، ليدر ربحاً أفضل عليها، ولكن سداد أقساط الأوتوبيس الحالى هو العائق أمامها فى الوقت الراهن، إذ يبدأ يومها منذ الساعة الرابعة والنصف فجراً وينتهى بعد 12 ساعة متواصلة.
«كان فيه باص بيجيب بنتى السنة اللى فاتت بس كان بياخدها ساعة بدرى ويجيبها ساعة كمان متأخر علشان دورة المدارس، وده كان بيتعبها قوى» بهذه الكلمات شرحت المرأة الثلاثينية، السبب الذى دفعها إلى مشروعها الصغير، الناتج من حبها الشديد لـ«مريم» ابنتها وخوفها من تعرضها لأى مكروه طوال الـ60 دقيقة التى تمضيها فى انتظار الأوتوبيس المدرسى، على الرغم من اعتراض ابنتها على عملها كسائقة فى بادئ الأمر، بجانب رفض زوجها وعائلتها، منعاً لإحراجها وكونه عملاً يليق بالرجال فقط، إلا أن رغبتها فى العمل والنجاح كانت أقوى فأعلنت تمردها على تلك النصائح التى أسداها إليها الجميع وقررت البدء فى تنفيذ تجربتها الخاصة، التى استعانت فيها بكل ما جمعته من أموال وشجعها زوجها بجزء آخر، واشترت أوتوبيساً صغيراً مكوناً من صفين اثنين من المقاعد فقط، تقول: «جربت حظى ووقفت قدام مدرسة بنتى أول يوم دراسة، من غير ما أعمل أى حاجة، ولقيت فجأة الأهالى بيتلموا عليَّا وبيقولوا لى إنتى اللى هتوصلى بناتنا للمدرسة»، فلم تتوقع نيفين أن يقبل عليها الجميع بهذا الشكل فقامت بعمل مقعد ثلاثى آخر لتحمل داخل سيارتها الصغيرة أكثر من 12 طالبة، فى دورة لمدرسة ابنتها بمصر الجديدة، و4 آخرين فى دورة لمدرسة ابنها «يوسف» فى منطقة عين شمس.
تبدأ الزوجة والأم عملها بنقل ابنها الأصغر وأصدقائه إلى مدرستهم التى تبعد عن منزلها بعدة كيلومترات، ثم تعود لجمع الطالبات من مناطق أخرى متعددة بين المطرية والنعام لتوصيلهن إلى مصر الجديدة، ما يجعلها «تدور حول كوكب الأرض» على حد وصفها، إلى أن تصل إلى مسكن والدتها لتأخذ قسطاً من الراحة، قبل أن تقلهم مرة أخرى من المدارس إلى منازلهم وتنتظر ابنتها وصديقاتها لإعادتهن إلى محطتهن الأخيرة.
يوم نيفين لا يقتصر على مجرد توصيل الطلاب بل تستكمل داخل جدران منزلها دورها كأم فى ترتيب المنزل، وإعداد الطعام، ومتابعة دروس أولادها، والمذاكرة لهم، فهى لا تريد أن يطغى عملها الجديد على منزلها فتسعى طوال الوقت إلى التوفيق بينهما بما لا يثير ضيق زوجها، أو أبنائها، وعائلتها الذين بدأوا فى تشجيعها على زيادة مشروعها البسيط، لذلك فهى تدعو غيرها من السيدات إلى ترك «قعدة البيت» والبدء فى الحصول على وظيفة أو عمل بأقل الإمكانيات المتاحة لديها بكلماتها «الست من غير شغل.. زى البيت من غير سقف».
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com