أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لعملية "عاصفة الحزم" العسكرية التى تقودها المملكة العربية السعودية مع دول خليجية وعربية وإسلامية ضد جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن.
وقال المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، إن دعم الولايات المتحدة لعاصفة الحزم شمل التعاون اللوجيستي والاستخباراتي مع المملكة، وتأييد موقفها المساند لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
جاء هذا الموقف الداعم في إطار حسابات المصالح الأمريكية المتعلقة بضرورة مساندة المملكة باعتبارها حليفا استراتيجيا، وأنه لا بديل عن هذا الخيار، خاصة وأن استمرار تحركات الحوثيين العسكرية على الأرض وانهيار العملية السياسية في اليمن سيترك تداعيات سلبية في المستقبل على أمن الولايات المتحدة التي تعتبر مواجهة تنظيم "القاعدة" في شبة الجزيرة العربية أحد أولوياتها، بالإضافة إلى تمدد "داعش" إلى داخل اليمن.
وأصدر البيت الابيض بياناً دعم فيه العمليات العسكرية التي تقودها السعودية على الحوثيين في اليمن، وأكد دعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو موقف المملكة من دعم الشرعية في اليمن، وأشار البيان أن الرئيس أوباما أمر بتقديم دعم لوجيستي واستخباراتي للعمليات العسكرية، وأنه تم إنشاء لجنة مشتركة لتنسيق التعاون مع المملكة.
وترصد "الوطن" أسباب دعم الولايات المتحدة الأمريكية لعملية عاصفة الحزم العسكرية التي شنتها قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
1- دعم الحليف السعودي
أرادت الإدارة الأمريكية من هذا الموقف إظهار الدعم للمملكة العربية السعودية، وذلك على عكس موقفها من العملية العسكرية التي شنتها مصر ضد مواقع تنظيم "داعش" في ليبيا.
ويرجع الدعم الأمريكي للموقف السعودي إلى ضغوط مارستها المملكة على الإدارة، فقد أجرى الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية وولي ولي العهد السعودي اتصالات لحث الولايات المتحدة على دعم الموقف السعودي،
وكان عادل الجبير السفير السعودي فى واشنطن قد عقد مؤتمراً صحفياً لإعلان تطورات العملية العسكرية وحشد الدعم الإعلامي على الساحة الأمريكية للتحركات السعودية، ويعتبر نجاح المملكة العربية السعودية في فرض الاستقرار داخل اليمن يصب في صالح الولايات المتحدة في النهاية.
2- توازنات المصالح الإقليمية
دعم الولايات المتحدة للتحركات السعودية يأتي ويرتبط بالإطار الأوسع للموقف الأمريكي المرتبط بالوضع في المنطقة، فإدارة أوباما الداعمة للسعودية في اليمن تتحرك لتدعم مواقف إيران بشكل غير مباشر في العراق، ففي الوقت الذي كانت فيه المقاتلات العسكرية السعودية ومعها بقية مقاتلات الدول المشاركة في عملية عاصفة الحزم تقصف الحوثيين في اليمن، كانت المقاتلات الأمريكية تقصف تنظيم "داعش" في تكريت، وتقدم غطاء جويا للمقاتلين الشيعة والعسكريين الإيرانيين الذين يقاتلون فى العراق ضد "داعش".
ومن جهة أخرى، ففي الوقت الذي كانت الإدارة الأمريكية تدعم الموقف السعودي، كان المفاوضون الأمريكيون يسعون لتضيق هوة الخلافات للوصول إلى اتفاق نهائي مع إيران بشأن برنامجها النووى خلال الجولة المنعقدة في جنيف، وتحاول الولايات المتحدة من خلال تلك التحركات الحفاظ على توازنات المصالح في علاقاتها مع إيران، والتي يجري تشكيلها وصياغتها ومعها مستقبل المنطقة، وبين علاقات واشنطن والرياض من ناحية أخرى، وذلك ترسيخا للبرجماتية الأمريكية المعتادة.
3- الحفاظ على حرية الملاحة في الممرات المائية
يرتبط الموقف الأمريكي الداعم للسعودية في جزء منه بالسعي لتأمين حرية المرور في الممرات المائية بالمنطقة القريبة من العمليات العسكرية، فباب المندب ومضيق هرمز من أهم الممرات الملاحية في العالم، ويعتبران الممران الأهم لنقل الطاقة من منطقة الخليج عبر قناة السويس.
وكانت الولايات المتحدة حريصة على تأمين باب المندب واستمراره مفتوحا أمام حرية الحركة، حيث أن التحركات العسكرية للحوثيين قبل عملية الحزم السعودية كانت تنذر باحتمالات إتاحة الفرصة أمام إيران أن تضع لها موطئ قدم في المنطقة والسيطرة على هذين الممرين الملاحيين، مما يهدد المصالح الأمريكية تهديدا مباشرا.
4- تفادي انهيار الاستراتيجية الأمريكية ضد تنظيمي "القاعدة" و"داعش"
دعم الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية يضمن لواشنطن الاستمرار في استراتيجيتها لمواجهة تنظيم "القاعدة" في شبة الجزيرة العربية، التي تعتبرها الإدارة نموذجا لحربها ضد الإرهاب، فضلاً عن الهدف الجديد للإدارة فى منع تحول اليمن لملاذ آمن لـ"داعش".
وأثارت التطورات المرتبطة بتمدد الحوثيين وتدهور الوضع الأمني في اليمن انتقادات حادة من الجمهوريين ووسائل الإعلام الأمريكية للإدارة فيما يتعلق باستراتيجتها في مكافحة الارهاب في اليمن، خاصة بعد استيلاء الحوثيين على أسلحة أمريكية تقدر بـ 500 مليون دولار كانت الولايات المتحدة أرسلتها لحكومة الرئيس عبد ربه هادي منصور، شملت أسلحة خفيفة وناقلات جنود.
5- منع تكرار نموذج وصول جماعة مسلحة للسلطة في الإقليم
تدخل المملكة العربية السعودية عسكريا ضد الحوثيين بدأ مباشرة بعد محاولتهم الاستيلاء والسيطرة على عدن، وحدوث ذلك يعني أن اليمن فعلياً أصبحت تحت حكم جماعة الحوثيين المسلحة، ووصولها للسلطة من خلال الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وعدم دعم الولايات المتحدة لتحرك المملكة العربية السعودية سيترك انطباعا بأنها تدعم ممارسات الحوثيين، الأمر الذي قد يفتح المجال مستقبلاً أمام الحركات المسلحة في المنطقة لتكرار ما قام به الحوثيون.
ويفسر ذلك بوجود تنسيق مسبق بين واشنطن والرياض قبل عملية الحزم، فوفقاً لتصريحات مسؤولين أمريكيين، فإن واشنطن كانت على علم بالخطط السعودية، وكان هناك تنسيق مسبق معها بالعملية وأهدافها.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com