ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

عالم آخر ممكن

بقلم كريمة كمال | 2015-03-29 10:20:24

 فى التاكسى الذى أقلنى لمقر المنتدى الاجتماعى العالمى بجامعة المنار فى تونس، قال لى سائق التاكسى تعليقاً على الوضع فى تونس ما بعد الثورة، وأجواء الحادث الإرهابى فى متحف باردو مازالت تلقى بظلالها على الأجواء «الثورة هيك وهيك مرة تشوى ومرة تكوى».

 
هذه هى المرة الثانية التى يقام فيها المنتدى الاجتماعى العالمى فى تونس، وكانت المرة الأولى فى عام ٢٠١٣، وتفتخر تونس بإقامتها لهذا المنتدى فى ذلك الوقت بعد مرور عامين فقط على اندلاع الثورة ضد نظام بن على، وفى ظل ما تصفه بأنه كان وضعاً أمنياً دقيقاً، ثم تؤكد مقدمة النشرة «أن ما يهدد تونس اليوم، التى أخذت طريقها نحو الديمقراطية والحرية والتعدد، ليس الخطر الإرهابى الذى تلاشى تهديده بفعل قوة المجتمع المدنى وصلابته وحيويته وصموده فى الدفاع عن أهداف ثورته، بل الخطر أن يعاد فرض الأجندات الليبرالية على اقتصادها، ما يزيد من تعميق أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، لذلك نحن مطالبون أكثر من أى وقت مضى ليس فقط بالعمل معاً من أجل إنجاح المسار الديمقراطى فى تونس، بل كذلك من أجل البحث فى البدائل الاقتصادية والاجتماعية، وهى معركة المجتمع المدنى فى تونس، وكذلك كل مناهضى العولمة الليبرالية فى العالم».
 
كتبت هذه المقدمة بالتأكيد قبل وقوع الحادث الإرهابى فى متحف بواردو، الذى من المؤكد أنه قد دفع التونسيين للتساؤل حول مستقبل الإرهاب فى تونس، وهل هذا الحادث سيظل قائماً وحده أم سيكون مقدمة لموجات تالية؟ هذا السؤال يظل بلا إجابة، لكنك تشعر به معلقاً فى الهواء.
 
فى نفس الوقت يطرح سؤال آخر نفسه، وهو ما الذى يمكن أن يحققه هذا المنتدى الذى يرفع شعار الكرامة والحقوق من مكاسب لهذه المنطقة بالذات: هل يمكن أن يخلق «عالم آخر ممكن» كما يقول شعاره؟ أم أن الأمور تسير ناحية وضع أقل تنظيماً، وبالتالى مجرد فرصة لإلقاء الكلمات وإجراء المناقشات دون الوصول إلى شىء خاص.. تتحدث هذه المنتديات باسم الجماعات التى تعانى من الهيمنة والتمييز فى كل أنحاء العالم، مثل النساء والأقليات الدينية أو الثقافية والمطالبين بالعدالة الاجتماعية، وكل من يعانى القمع والعنف والتمييز.. هناك تصور بأن نظام العولمة الرأسمالى يعانى أزمة فى العالم كله، فهل هذه بادرة تعنى نهاية هذا النظام أم أنه فى مرحلة من مراحل تطوره؟
 
هناك إحساس بانحدار فى دور هذه المنتديات عما كانت تحققه من قبل: هل السبب يكمن فى التنظيم نفسه أم فى أنها تقام فى المنطقة العربية التى تشهد اضطراباً شديداً، أم أن إقامتها فى هذه المنطقة الآن بالذات كان يجب أن يحمل هدفاً يشتبك مع الواقع المتغير بشدة وبسرعة فى هذه المنطقة؟
 
«عالم آخر ممكن» هل يمكن حقاً تحقيق هذا الشعار؟ أتذكر المناهضين للعولمة وهم يرفعون شعاراتهم أمام مقر انعقاد القمة الاجتماعية فى جنيف منذ سنوات طويلة، فهل تغير شىء بعد كل هذه السنوات؟ بعد أربع سنوات من الانتفاضات العربية مازال السؤال مطروحاً حول قضية الانتقال، وكيف يمكن بناء نظم تحترم تطلعات الشعوب؟..السؤال معلق لدينا بلا إجابة، والعقول تتعلق بالتغيرات السياسية التى تحدث فى أوروبا، والانتفاضة فى بوركينا فاسو، والمبادرات الشعبية فى أمريكا اللاتينية: هل تنجح فى بناء عالم آخر، وهل يمكن لنا أن نلحق بها أم أننا أسرى لسيناريوهات أخرى؟
نقلا عن المصرى اليوم
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com