بقلم د. مراد وهبة
والنص هو كتاب موردخاى بار- أون المعنون «بحثاً عن السلام.. تاريخ حركة السلام الإسرائيلية الآن».
والسؤال إذن:
هل ثمة جدية فى البحث عن السلام؟
وفى صياغة أوضح:
ماذا كان مصير المؤتمرين اللذين عُقدا بفلورنسا بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت شعار «ثقافة البحر المتوسط»؟
توارى المؤتمران، وقيل إن سبب ذلك مردود إلى صعود شارل ديجول إلى الحكم، وكان فى حينها مهموماً بقضايا شمال أفريقيا وليس بقضايا البحر المتوسط. ومع بزوغ استقلال الجزائر فى الأفق أصبح مصير المجتمع اليهودى بالجزائر قضية ملحة، خاصة أن اليهود بدأوا فى مغادرة الجزائر خشية اشتعال ثورات ضدهم. هذا بالإضافة إلى إحساس الطرفين العربى والإسرائيلى بأن فرص السلام ضئيلة للغاية
لأن السلام يستلزم تنازلات صعبة للغاية. ومن بين هذه التنازلات اعتراف العرب بالدولة اليهودية وقبولهم احتفاظ إسرائيل بالأراضى التى احتلتها فى حرب ١٩٤٨. وفوق ذلك فإن حالة اللاحرب واللاسلم لم تكن تتطلب من مصر وسوريا ثمناً باهظاً. فبالرغم من استيلاء إسرائيل على سيناء فى عام ١٩٥٦ إلا أن عبدالناصر أعلن أن حرب السويس كانت انتصاراً عظيماً بسبب أن مصر صدَّت جيوش إسرائيل وبريطانيا وفرنسا.
وكانت سوريا تشعر بالأمن بسبب حصونها المنيعة على مرتفعات الجولان. أما لبنان والأردن فلم يكن لهما أى تأثير على السياسة العربية. هذا من جهة العرب أما من جهة إسرائيل فإنها لم تنشغل بالسلام واكتفت بتقوية قدراتها لحماية مكتسباتها. ومع ذلك فقد ازداد التوتر عندما قامت حركة فتح بقيادة ياسر عرفات بعمليات فدائية ضد إسرائيل بلغت سبعاً وستين وكانت آتية من سوريا ولبنان، وكان ذلك بمثابة دق ناقوس الخطر على إسرائيل، والذى أسهم بدوره فى تفاقم الأزمة التى أفضت إلى حرب عربية إسرائيلية أخرى، هى حرب الأيام الستة فى ٥ يونيو ١٩٦٧
والتى انتهت بهزيمة ثلاثة جيوش عربية كبرى فى أقل من مائة ساعة احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية من الأردن ومرتفعات الجولان فى سوريا وقطاع غزة وسيناء من مصر. والمفارقة هنا أن شعور الإسرائيليين قبل الحرب مباشرة كان يتسم بخوف مرعب على بقاء دولتهم. وقد أسهمت ثلاثة عوامل فى تبرير هذا الخوف. وأول هذه العوامل الجرح الدامى الذى سببته معسكرات التعذيب النازية وأفضت إلى تشكيل الوعى السياسى لكل اليهود الإسرائيليين، والذى تبلور فى الهولوكوست
وهو أنه إذا كان هذا الحدث قد وقع مرة من قبل فلماذا لا يقع مرة أخرى؟ والعامل الثانى يكمن فى ضخامة الأسلحة والقوات التى احتشدت فى النصف الثانى من مايو ١٩٦٧ مع تصريحات للقادة العرب بأن نهاية إسرائيل قد اقتربت. أما العامل الثالث والأخير فهو الشعور العام الإسرائيلى بالعزلة السياسية بسبب فشل الأمم المتحدة وفشل جونسون رئيس أمريكا فى تهدئة موقف مصر.
إلا أن تدمير القوات الجوية المصرية صباح ٥ يونيو ١٩٦٧ قد أدى إلى شعور الإسرائيليين بالنشوة القومية، ما أفضى بدوره إلى إزالة الشعور بالخوف المرعب الذى كان قد تحكم قبل هزيمة العرب. وارتأى بعدها الإسرائيليون بأن السلام قادم على أساس وضع قادم فى الشرق الأوسط تقع فيه تحت سيطرة إسرائيل المنطقة التى يشير إليها اليهود بـ«إرتزإزرائيل» ويسميها العرب فلسطين.
نقلآ عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com