عنوان هذا المقال هو العنوان الذى اقترحته على اللجنة العلمية المكلفة بقرار من وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة الأستاذ الدكتور جابر عصفور، لتنظيم الاحتفال بالذكرى المئوية للمفكر المناضل والملتزم دكتور لويس عوض، وقد كان. وأنشر هنا كلمتى التى ألقيتها نيابة عن أعضاء اللجنة فى الجلسة الافتتاحية التى عقدت صباح ١٢ يناير من هذا العام، وقد جاءت على النحو الآتى:
عندما يطلق لفظ «معاصر» على مفكر مضى على ميلاده مائة عام، فمعنى ذلك أن القضايا التى أثارها ذلك المفكر تستجيب لإشكاليات كانت مثارة فى زمانه ومازالت مثارة حتى اليوم. وأظن أن ثمة إشكالية تأتى فى مقدمة الإشكاليات التى تناولها لويس عوض بالتحليل والنقد، وهى إشكالية الفن والدين، وهى إشكالية مثارة فى زماننا إلى الحد الذى دعا فيه رئيس الدولة عبدالفتاح السيسى إلى المطالبة بإحداث «ثورة دينية». وقد أثار لويس عوض هذه الإشكالية، إشكالية الفن والدين، فى كتيب عنوانه «المسرح المصرى». وكان هذا الكتيب فى الأصل مقالات نشرها فى جريدة «الجمهورية» من ٣ يناير ١٩٥٤ إلى ٧ مارس من نفس ذلك العام. واللافت للانتباه أن جريدة الجمهورية كانت جريدة ثورة ٢٣ يوليو، وكان لويس عوض أحد كتابها. وفى سبتمبر فُصل من الجامعة بقرار من مجلس قيادة الثورة، أى بعد الانتهاء من نشر آخر مقال له بنصف عام، الأمر الذى من شأنه أن يوحى بأن هذه المقالات كانت من أسباب اتخاذ قرار بفصله.
والسؤال إذن:
ما الفكرة المحورية فى ذلك الكتيب المعنون «المسرح المصرى»؟
اتخذ لويس عوض من المسرح أساساً لبيان إشكالية العلاقة بين الفن والدين. والإشكالية تكمن فى أن المسرح المصرى نشأ فى أحضان الدين أولاً، وترعرع فى أحضان الدين ثانياً، وشاخ فى أحضان الدين ثالثاً، ثم مات أخيراً. ولعله فى بعض مراحله قد خرج من تصور الحياة الدينية إلى تصور الحياة الزمنية، ولكنه رغم ذلك لم يخرج عن دائرة الطقوس التى فرضها الدين عليه.
وبعد ذلك يقارن لويس عوض بين المسرح المصرى والمسرح اليونانى فيقول: «إن اليونان قد أخذوا من مصر مسرحها وتعلموا منه ما لم يتعلمه المصريون. أخرجوه من المعابد إلى الهواء الطلق وحرروا الفن من الدين. ومن هنا كان فيه من الدنيا أكثر مما فيه من الدين».
وأظن أن إشكالية الفن والدين التى أثارها لويس عوض قائمة حتى اليوم. وهى مثارة من قبل الأصولية الدينية التى تنكر إعمال العقل، وبالتالى تنكر الإبداع ليس فقط فى المجال الدينى بل أيضاً فى جميع مجالات هذه الحياة الدنيا.
وإذا كان الإرهاب هو أعلى مراحل الأصولية الدينية، وإذا كان لويس عوض مطارداً من الأصولية الدينية فهو حى معنا، ونحن نواجه مناخ الإرهاب الكوكبى، ويكون من حق المجلس الأعلى للثقافة أن يعلن بلا مواربة أنه مشارك بالفكر فى تحويل مناخ الإرهاب الكوكبى إلى مناخ تنويرى كوكبى يتأسس على العقل والإبداع.
هذا عن كلمتى فى الجلسة الافتتاحية، أما بحثى الذى ألقيته فى المائدة المستديرة التى شرفت بإدارتها فى نهاية اليوم الثانى من الاحتفال فكان عنوانه «محمود شاكر ولويس عوض: الصراع بين الأصولية والعلمانية»، وأنشره فى الأسبوع القادم. وبعد ذلك أستأنف الكتابة عن كتاب موردخاى بار- أون «بحثاً عن السلام.. تاريخ حركة السلام الآن».
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com