بقلم - شريف رزق
"قدسوا الحرية حتى لا يحكمكم طغاة الأرض".. هذا ما قاله جبران خليل في كتابه «النبى». الحرية هي المقدس الذي يقدس ما تبعه من أفكار. حرية الاعتقاد هي ما تقدس المعتقد. لا يمكن أن يصبح شىء أنت مجبر عليه مقدساً.
تقتل جماعة بربرية في فرنسا عشوائياً 12 عاملاً في مجلة شارلى الكوميدية المتخصصة في الكاريكاتير، والعنف والبربرية يبلغان مداهما حين يكون القتل عشوائياً، فهم لا يعرفون من يقتلون، فقد أعماهم الغباء والتخلف الفكرى وغياب العقل عن فهم ما يفعلون. تلك المجلة تنتقد كل شىء، انتقدت المسيحية واليهودية أيضاً، في فرنسا لا توجد أي قيود على حرية التعبير.
ظاهرياً، قد لا يظهر الفعل الحقيقى للحكومة الفرنسية، لكن فعلياً وفى أرض الواقع، ذلك يدفع بالطرفين الفرنسى والأوروبى نحو اتخاذ منحى متطرف. لا تعتقد أن رد الفعل الفرنسى الحقيقى هو البيان الرسمى. فلتنتظر أيها الغبى العواقب الوخيمة.
سيظل الاختلاف هو سيد الكون، ولن يتفق البشر على طريقة واحدة للعيش، لكنهم حتماً سوف يتفقون على العيش المشترك. والعيش المشترك له شروط، لا تتضمن تلك الشروط أن أقدر فكرياً ما تقدره أنت، الفنان يرى العالم بطريقة مختلفة، ما هو مقدس للبعض يعتبر مجرد أفكار للبعض الآخر، ويعتبر أيضاً هراء لآخرين، ولابد لك ألا تغضب، فهذا هو واقع الحال.
ما يعتقده الإسلام عن المسيحية أو اليهودية أو البوذية قد يعتبره أصحاب تلك الديانات ازدراء لهم، وحقيقة الأمر ليست كذلك، الواقع أننا لابد أن نتعامل مع كل شىء في سياقه، لا تحاول أن تفهم المسيحية أو اليهودية أو الإسلام عن طريق سياق لا يعنيهم، تفهم الإسلام عن طريق القرآن، والمسيحية عن طريق الإنجيل، واليهودية عن طريق التلمود، فرؤية الإسلام للمسيحية هي رؤية الإسلام، لكن تلك الرؤية ليست هي المسيحية كما يراها المسيحى.
حين يتعمق الفرد جيداً في كل الأمور الحياتية والدينية سوف يجد أن الفكر الدينى العميق ينتج سلاماً ومحبة، وما غير ذلك فهو عبث.
المشكلة الحقيقية تكمن في محاولة فرض ما تعتقد أنت أنه صواب على آخر هو بالأساس لديه تركيبة عقلية وفكرية مختلفة تماماً. ولكن من الصعب بمكان أن يدرك حملة السلاح أهمية وحتمية الاختلاف، وسيظل دائماً وأبداً الاختلاف هو الدائم.
sherifaq@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com