كتب لؤى على أفتى الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، بجواز التدخل الطبى لتحديد نوع الجنين ما لم يُشَكِّل اختيارُ أحد الجِنسين ظاهرةً عامة، جاء ذلك فى معرض رده على سؤال ورد إلى مجلة "الأزهر" ونشرتها صفحة استفتاءات القراء.
وقال مفتى الجمهورية: "خلق الله تعالى الإنسانَ خلقًا متوازنًا؛ فجعله زوجين: ذكرًا وأنثى، ومَيَّز كلًّا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التى أقامه فيها، وبيّن أن هذه هى طبيعة الخلق التى تقتضى استمراره، فقال تعالى: ﴿يا أيها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكم الذى خَلَقَكم مِن نَّفسٍ واحِدةٍ وخَلَقَ منها زَوجَها وبَثَّ منهما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللهَ الذى تَساءَلُونَ به والأَرحامَ إنّ اللهَ كان عليكم رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿وأَنَّه خَلَقَ الزَّوجَينِ الذَّكَرَ والأُنثَى * مِن نُطفَةٍ إذا تُمنَى﴾ [النجم:45-46]، وقال تعالى:﴿ومِن كُلِّ شَىءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49]، وهذا التنوع فى الخلق والتوازن فى الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شىءٍ والقدير على كل شيءٍ؛ قال تعالى: ﴿للهِ مُلكُ السَّمَواتِ والأَرضِ يَخلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لمَن يَشاءُ الذُّكُورَ * أو يُزَوِّجُهم ذُكرانًا وإناثًا ويَجعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيمًا إنَّه عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49-50].
وأضاف المفتى: "عندما نتناول مسألة كتحديد نوع الجنين فإننا نعالجها على مستويين مختلفين، فإذا عالجناها على المستوى الفردى فالأصل فى الأشياء الإباحة؛ لأن الإنسان يمكنه أن يتزوج أو لا يتزوج، وإذا تزوج فيمكنه أن يُنجِب أو لا ينجب، وإذا أنجب فيمكنه أن يُنَظِّم النسل أو لَا ينظّمه، كلٌّ حسب ظروفه وأحواله، وكما يجوز للإنسان أن يعمل على زيادة نسبة اختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون فى ذلك –مِن اختيار نوع الغذاء، أو توقيت الجماع قبل التبويض أو أثنائه، أو غربلة الحيوانات المنوية، أو غير ذلك مِن الأساليب التى يعرفها أهلُها– فكذلك يجوز التعامل المجهرى مع الكروموسومات والمادة الوراثية (DNA) لنفس الغرض؛ إذ ليس فى الشرع ما يَمنع مِن ذلك على المستوى الفردي، ولكن كل هذا بشرط ألَّا يكون فى التقنية المستخدمة ما يَضُرُّ بالمولود فى قابل أيَّامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص؛ فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلًّا للتجارب، ومحطًّا لِلتَّلَاعُب".
وأوضح مفتى الجمهورية، أن هناك فارقًا فى الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصى وعلى المستوى الجماعى؛ وذلك بناءً على ما هو مقرر شرعًا من اختلاف الفتوى باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة، وهذا نجده كثيرًا فى كتب الفقه؛ مثل قتال أهل البلدة إذا امتنعوا عن أداء سنة الفجر أو الأذان مع جواز ترك ذلك على المستوى الفردى الشخصى.
وتابعت الفتوى: "أما إذا عالجناها على مستوى الأمة فالأمر يختلف؛ لأن الأمر سيتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعى الذى أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددى بين الذكر والأنثى الذى هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشرى، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى فى خلقه بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التى أقام عليها حياة البشر".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com