بقلم القس / ايمن لويس
الطلاق .. سيظل هذا الموضوع مطروحا طالما الحياة مستمرة على وجه الارض ، انه الحديث القديم الجديد ، حديث الامس واليوم والغد . انه الموضوع الحائر بين التشدد المسيحى الكنسى ، وبين التساهل الاسلامى .. انه حالة من الامساك المسيحى يقابله حالة اسهال اسلامى !! . وفى وسط استهجان من الاغلبية المسلمة ، لما يروه من تشدد مسيحى يصل لحد التطرف متندرين بهذا الرباط الذى لا يعطى حق الخلاص والحرية ان تأزمت العلاقة وتغيرت المشاعر .... ألخ . يقابله ايضا استغراب مسيحى لأستهانة الاخر بالعلاقة الزوجية وقدسيتها . تجاهل الجميع حقوق طرف ثالث انتج كثمرة للعلاقة الزوجية هم الاولاد الذين تم انجابهم ؟ .
كنت اشاهد حلقة على احدى الفضائيات للاعلامى المتميز طونى خليفة مستضيفا زوجة طلقها زوجها وتبادلا كلاهما استضافة الاولاد بعدما اضطرت الزوجه بقبول ان يكونا الاولاد مع ابوهم لعجزها عن الانفاق عليهم فقام الوالد بتعذيب الاولد بالكى والجلد وقد شاهدنا علامات واثار التعذيب على اجساد الاطفال واثارة داخلنا حالة من الاشمئزاز والغضب من تجرد اب من مشاعر الابوة وزوجة مقهورة تشعر بالعجز تتلوى من الالم على صغارها . وقد راح خيالى لما يمكن ان يكون عليه هؤلاء الاطفال عندما يكبرون من احساس بعدم الامان والعدوانية او القسوة .. الخ . فعندما نتحدث عن العلاقة الزوجية نتحدث دائما وعادة عن الحقوق سواء للرجل او للمرأة من الناحية النفسية او الاجتماعية او البيولوجية او المشاعر متناسيين حقوق الاولاد والنتائج المترتبة على هذة العلاقة بين الرجل والمرأة !! . والحقيقة التى يجب الاعتراف بها
انه فى الغالب تكون المرأة هى الاكثر تقديرا وحرصا على مستقبل الاولاد والمتصدى الاول لحمايتهم والاهتمام بهم وتحمل العبء الاثقل فى مواجهة المسؤلية . وإن كان من المؤكد ان الخلافات والمشاحنات الدائمة بين الزوجين لها تأثيرها الضار على نفسية الاولاد وسلامة صحتهم النفسية واحيانا الجسمية . لكن الاكثر تأكيداً ان الانفصال والطلاق اكثر ضرر وتهديدا لمستقبل الاولاد . هذه هى الفريضة الغائبة التى نتجاهلها جميعا فى هذه القضية ، فتقول الكاتبة سهير الجبرتى فى مقال لها عن تفشى ظاهرة اطفال الشوارع فى البلدان الاسلامية "تفاقمت بشكل خطير خلال الفترة الأخيرة مشكلة أطفال الشوارع في الكثير من بلادنا العربية ، وقد سارعت الكثير من المؤسسات الإسلامية للحد من تلك الظاهرة
ولما ينتج عنها من مشاكل كثيرة تساهم في حرمان شريحة كبيرة من هؤلاء الأطفال في إشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية ، فقد أكدت إحصائية صدرت عن المجلس العربي للطفولة والتنمية العام الماضي 2006م ، أن أطفال الشوارع في العالم العربي يتراوح عددهم ما بين (7 -10) ملايين طفل عربي في الشارع؛ إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أطفال الشوارع في مصر وحدها يزيدون على مليون طفل مشرد، فيما تقدرها مصادر أخرى فيما بين (900 ألف ومليون ونصف طفل)
. http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-48-8603.htm
" . علما بأن هذا المقال كان سنة 2007 قبل ثورات ومذابح العالم الاسلامى بسبب النزعة الاسلامية . ان صخب الحياة والحمم المتبادلة بين الزوجين المتناحرين التى يكون الرجل فيها ، فى الغالب هو من يملك الفرص الاكبر فى مجتمعنا الذكورى لتحقيق المكاسب . بسبب تباطئ القضاء وعقم التنفيذ والثغرات القانونية الكثيره والثقافة الذكورة التى تعلى من الرجل وتنتقص من المرأة . كل هذا جعل حقوق الاطفال تضيع . وما يضاعف المأساة ليس فقط عدم اكتراث المجتمع بالقدر الكافى بحقوق الطفل ؟ . هو استغلال عجز الطفل فى التعبير عن نفسة وعدم قدرته على توصيل صوته الضعيف الصارخ انه الضحية الاكثر الما فى وسط كل هذا ، وانه المجنى عليه الذى لا ذنب له فى كل هذا .
ان صرخة الطفل المكتومة والام المقهورة ، قد سُمعت لدى المسيح الرب ، انه صاحب القلب الحنان الذى لا يتجاهل حقوق ولا يتغافل عن ظلم . فوضع كل هذا فى اعتباره عندما .. جاء اليه الفريسيون ليجربوه قائلين له : "هل يحل (للرجل) أن يطلق أمرأته (لكل سبب) !!؟ . انه سؤال الطبيعة الانسانية الجسدية الشريرة ، انهم ارادوا ان يمنحوا الانحراف السلوكى والطغيان والانانية الذكورىة الرخصة الشرعية ، ليكون للرجل حق انهاء العلاقة الزوجية منفردا ولأى سبب !!!؟ دون اى اعتبارات او أى التزامات ، فى تجاهل لأى نتائج او مسؤليات ترتبت على هذه العلاقة الانسانية السامية ، واثمرت عنها هذه الوحدة المقدسة ! . وسألوه ايضا " فلماذا اوصى موسى ان يعطى كتاب طلاق ؟ فقال لهم الرب "إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم ان تطلقوا نساءكم . ولكن من البدء لم يكن هكذا" متى 19 . كأنما ارد المسيح الرب ان يقول ان العلاقة الزوجية ليست لهو ولعب ، او استمتاع بالطرف الاخر ، او مجرد اشباع شهوة . انه عهد شركة له مسؤلياته والتزاماتة ولاسيما النتائج المترتبه عليه .
ان للطفل ولحقوقه فى قلب الرب يسوع مكانه لم يكن يدركها المجتمع حينئذ ولا يزال . ففى الانجيل بحسب رواية القديس متى 13:19-14 ، يروى الوحى ان المسيح لام التلاميذ عندما انتهروا الاولاد وزويهم بسبب احضارهم الاولاد ليقدم لهم المسيح البركة ، وقال المسيح قولته الشهيره "دعوا الاولاد يأتون الى" . اذا فرفض المسيح لتعدد الزوجات وللطلاق ، اسبابه وله ما يبرره ، انه مبداء الهى والرب لا يغير كلامه ولا يبدل مبادءه"لانه يكره الطلاق قال الرب اله اسرائيل وإن يغطى احد الظلم بثوبه قال رب الجنود . فأحذروا لروحكم لئلا تغدروا مل16:2 . قد يستغرب بالبعض من تشدد المسيح ضد الطلاق ، لكن ما لا يعلمه هؤلاء عدالة المسيح تجاه حقوق الاطفال .
.
ولان المسيح بصفته الله المتجسد يعلم قيمة وصحة النظام الاسرى الذى انتجه ، وان عطاء الحب هو الاحتياج الاهم الذى يسبق الاحتياج المادى لهذا عظم وثمن قيمة التبنى ، ليكن من حرم من خيمة ومظلة الحماية والدفئ الاسري العائلى ، له تعويض فى اسرة بديلة . فكفالة الطفل عمل من اعمال الخير والعطاء المادى ، اما التبنى فهو مفهو اعمق واجل بكثير من الكفاله ، انه منح الحب والقيمه والكرامه وهذه تعلوا على المأكل والمشرب والملبس ، فقد فشلت اعظم دور الايتام فى الادارة فى انتاج اطفال اسوياء فى صحة نفسية ، ولكن نجحت اسر كثيرة فى ان تتبنى اطفال وتمنحهم الحب والحنان وان تحصل منهم ايضا على اشباع رغبة الامومة والابوة ، فالتبنى اعلى درجات تبادل العطاء فى السمو والرقى .
وعندما نتحدث عن التبنى ، لا يقصر حديثنا عن الاطفال الايتام ! ، فالمحتاجون الى التبنى ايضا مطاريد البيوت او الهاربون من المنازل او المشردين بسبب عدم ثقافة فهم رعاية الامانة التى ااتمننا عليها الله . فمن اساسيات ايماننا فى العهد الجديد كمسيحيين اننا صرنا ابناء لله بالتبنى ، كما كان جزء من تكوين العهد الجديد تبنى يوسف النجار للابن ، الكلمة المتجسده بكل ما تحمله الكلمة من تبنى ، بعيدا عن ما يسمى اختلاط انساب مزعوم ، فالهدف النبيل فى التبنى يفوق بمراحل تبريرات الادعاء المغرض . فيذكر الكتاب فى رو15:8 بل أخذتم روح التبنى . وفى 23 فى انفسنا متوقعين التبنى . وفى رو4:9 ولهم التبنى والمجد والعهود . وفى غلاطية 5:4 ليفتدى . لننال التبنى . وفى افسس 5:1 إذا سبق فيعيننا للتبنى . وليبقى المسيح لنا الحكمة والاسوة الحسنة ومتمم مكارم الاخلاق . .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com